مرحلة إعادة الهيكلة العضوية والمالية 1979-1989
أدت خبرة الثمانينات بكثير من البلدان النامية إلى إعادة النظر في نهجها التنموي رغم أن البلدان تختلف من حيث إمكانياتها الاقتصادية وسياساتها الحكومية، فإعادة الهيكلة تعتمد على القطاع الخاص و مؤشرات السوق في توجيه موارد المؤسسة .
إن الأسباب الرئيسية لعملية إعادة الهيكلة مرتبطة بالوضع العام ( اقتصادي، سياسي، اجتماعي .....) الذي تهيكلت فيه المؤسسة العمومية الجزائرية ففي المرحلة ما قبل الثمانينات وجدت تشوهات و عوائق عديدة لدى تعددت المهام و تعددت معها مراكز إتخاد القرارات مما أدى إلى تضارب أهداف المؤسسة. إن عملية احتكار الدولة للتجارة الخارجية لا سيما عندما يتعلق الأمر بتوسيع الاستثمارات و توفير المواد الأولية و كذا تصريف المنتوج النهائي و غيرها من الأسباب شكلت هدفا معتبرا لموارد مادية كبيرة مما أدت إلى حتمية وجود منفذ يمكن المؤسسة الوطنية بأخذ على عاتقها معا الفعالية الاقتصادية و الربحية لتنمية القدرات الإنتاجية و تحفيزها على أداء النشاط الموكل إليها.
أ- إعادة الهيكلة العضوية : يخص المؤسسة الوطنية ذات الحجم الكبير المتعدد المهام حسب المعيار المعتمد و الهدف من ذلك. كان تعداد المؤسسات الوطنية آنذاك 85 مؤسسة أما المؤسسات الجهوية و المحلية فبلغت 526 مؤسسة، و كان العمل المستهدف هو تقسيمها إلى 145 مؤسـسة بالنســبة للأولى و 1200 مؤسسة بالنسبة للثانية1[1] .
ب- إعادة الهيكلة المالية : كل مؤسسة تستطيع العمل و ممارسة نشاطها إذا و فرت لها موارد مالية مهما كان مصدرها فإن هذه الموارد في المؤسسة هي وسائل تمويل لمختلف استعمالاتها حتى تستطيع خلق عملية التوازن ما بين مواردها و استعمالاتها .
* مقياس إعادة الهيكلة المالية : تتمثل في تطهير الوضعية المالية و إعادة النظر في هيكلة المؤسسة العمومية، هذه المقاييس تهدف لتأمين التوازن المالي للمؤسسة حتى تضمن إستــمراريـتها و تتمثل في :
- تخصيص المؤسسة العمومية لأموال الخاصة و لرأس مال عام .
- إعادة هيكلة ديوان بإعادة برمجة مستحقي الفوائد و الديون .
- تسهيل الديون بين المؤسسات .
إن من الأهداف المتبعة اللجنة الوطنية لإعادة النظر في الهيكلة المالية هو إعداد البيان الذي يحلل أسباب عدم التوازن المالي و القوانين الإقتصادية و المالية لبناء توازن مالي جديد و مخطط لإعادة النظر في الهياكل المالية القصيرة و المتوسطة الأجل للمؤسسات1 [2].
في هذا الإطار كل مؤسسة معنية تعد مخططات لإعادة هيكلتها المالية بالأخذ بعين الإعتبار المقاييس التطبيقية القصيرة و المتوسطة الأجل و مقاييس التوازن المالي المستمر .
ج- حقائق مرحلة إعادة الهيكلة : كان من المفروض أن تكون المرحلة الإنتاجية الحقيقية لأنها ارتبطت بتغيير طبيعة السياسية الاقتصادية المطبقة مما أدى إلى خضوع المؤسسة الوطنية خلال هذه الفترة إلى حقل من التجارب في تطبيق السياسة الاقتصادية. و لكن شهدت هذه المرحلة إصدار الطاقات الإنتاجية فكان الخاسر الأكبر هو الاقتصاد الوطني و المتثمل في المؤسسة الوطنية العمومية . إن الإستراتيجية السياسية المطبقة على المؤسسة الوطنية لم تكن إقتصاديات رشيدة تمكن من إستخدام مواردها و طاقاتها على هذا الوضع الذي أصبحت فيه معظم المؤسسات الوطنية العمومية مع خلق مؤسسات جديـدة زاد مــن التضخــم و المكشوفات البنكية و بالتالي العجز المالي الذي أصبح معتادا عليه في مؤسساتنا الوطنية مما أدى بالحكومة للبحث عن أسرع الطرق لإنقاد الوضع الذي آل إليه الاقتصاد الوطني.
فإعادة الهيكلة لم تكن تقسيما للمؤسسات بقدر ما كانت تقسيما للأعباء و المصاريف فقط.
د - استقلالية المؤسسات ووضعية المؤسسة الوطنية العمومية قبل الاستقلالية : قدمت إحصائيات نهاية الثمانينات بيانات توضح فيه المدى الذي توصلت إليه المؤسسة الوطنية العمومية من خسارة متزايدة، فالمؤسسة ليست حرة في علاقاتها الإقتصادية و التجارية و في إختيار أصحابها سواء في الداخل أو في الخارج .
إن الأزمة التي عاشها الإقتصاد الجزائري سنة 1986 والتي كانت ظاهرة خطيرة الاقتصاد الوطني حيث إنخفض سعر برميل البترول و تدهورت قيمته، بالإضافة إلى التسيير السيئ للمؤسسة ولأجل هذه النتائج سعت الجزائر إلى البحث عن أحسن السبل لبناء إقتصاد وطني عصري و إخراج المؤسسة الوطنية من البيروقراطية و إعطائها الحرية اللازمة لإصدار قراراتها الخاصة لتسيير مواردها المالية و المـادية و من ثمة بدأت مناقشة قضية استقلالية المؤسسة، و في بداية 1988 بدأت مرحلة تطبيق، بعد دراسة مشاريع و قوانين حددت الحكومة شروطها و مخططاتها .
والاستقلالية تعني حرية الإدارة في التصرف دون الخضوع إلى أي إجراء من الإجراءات اليروقراطية، كما تحرر من الضغوطات و التدخلات المختلفة للسلطات و يترتب عليها حرية ادارة المؤسسة بتمتع هده الأخيرة بالذمة المالية و الإستقلال المال و من هنا فالاستقلالية ترمي أسـاسا إلى تنمية خلق روح المسؤولية1[3]، و من أهدافها :
- اللامركزية في السلطة و القرار .
- إعطاء المؤسسة المسؤولية المباشرة في القيام بعملياتها الإقتصادية التجارية و تنظيم علاقاتها الإقتصادية .
- تسيير موردها المادية و البشرية و كذلك إختيار مسؤولياتها .
- المؤسسة هي الوسيلة الاقتصادية ذات العلاقات الدائمة مع الحكومة أي مع العمليات التجارية للمؤسسة و على هذا يجب على الحكومة مواجهة جميع الالتزامات.