ثانيا مرحلة البناء والتشييد 1965-1978
قد عرفت الجزائر بعد تاريخ 19 جوان 1965 تغييرا حقيقيا حيث بدأتها بمرحلة التأميمات، في كل من قطاع البنوك والمناجم والخدمات، وذالك إبتداءا من سنة 1966، حيث بدأت بقطاع الخدمات من خلال تأميم الإذاعة والتلفيزيون ثم قطاع_ البنوك والمؤسسات المالية ثم قطاع المحروقات، كآخر قطاع إستراتيجي تم تأميمه في 24 فبراير 1971، وتلا هذه السياسة بعث الثورة الزراعية التي ساهمت في إستصلاح الأراضي الفلاحية وتوفير المنتجات الفلاحية وترقية صادراتها.
أ – التأميم وإنشاء الشركات الوطنية الكبرى: تزامنا مع مرحلة التأميمات بدأ متخذو القرار في التفكير في خلق شركات وطنية. ففي سنة 1965 مثلا : تأسست كل من الشركة الوطنية للنفط و الغاز، الشركة الوطنية للحديد و الصلب ((sns، الشركة الوطنية للصناعات النسيجية (sonitex)، الشركة الجزائرية للتأمين (saa). إن هذه الشركات و غيرها اعتبرت آنذاك كأدوات أساسية لتحقيق استراتيجية التنمية وخلال فترة71-1965 ) 9(1[1]1 أصبحت هذه الشركات لا تستطيع حصر أهدافها و التي كانت محددة و مسطرة من قبل الجهاز المركزي و الوصاية لأن هناك أهداف أخرى تتعارض و طبيعة نشاطها بسبب عوامل عدة من بينها :
* قلة الإطارات و نقص الخبرة .
* تلبية المطالب الإجماعية .
* خلق شروط الاستقرار السياسي .
و في هذه المرحلة كانت أهداف الاقتصاد الوطني غير محددة حسب قانون العرض و الطلب و إنما حسب منطق الخطة الاقتصادية الموضوعة، و هذا ما جعل التحكم في عملية التصنيع و اتخاذ القرارات يتم خارج الشركات الوطنية من قبل الجهاز المركزي و هذا ما دفع بالسلطة إلى تغيير نمط آخر للتسيير.
ب- الثورة الزراعية، حيث أن الثورة الزراعية لا تقضي على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وإنما تقضي على استغلال الإنسان، وعلى العموم فإنّ أهم ما ميز مرحلة الثورة الزراعية أمر ان أساسيان تحصرهما الدكتورة فوزية غربي في:
-إلغاء الملكية العقارية الكبيرة وأشكال العمل المرتبطة
-تجميع الأراضي المؤممة في وحدات كبيرة الحجم نسبيا تسمح بتنمية الفلاحة بكيفية أنجع، مما لو كانت مجزأة أو متفرقة1[2]
لقد كان القاسم المشترك بين سياسة التسيير الذاتي وميثاق الثورة الزراعية هو تحديث القطاع الزراعي وتحسين تقنياته، وتطوير إنتاجه، وبالرغم من سعي الثورة الزراعية إلى إقامة جسور بين القطاع الاشتراكي المتكون من المزارع المسيرة ذاتيا والتعاونيات الفلاحية الإنتاجية للمجاهدين، والقطاع الخاص المهمش بشكل كبير على مستوى تعاونيات الإنتاج الموضوعة في متناول جميع المستثمرين على اختلاف القانون الذي ينظم الأراضي وعلى مستوى تعاونيات الخدمات عن طريق التعاونية الفلاحية للإنتاج والتسويق والخدمات، إلاّ أنّ النتائج المرجوة من سياسة الثورة الزراعية لم ترقى إلى مستوى طموحات البلاد بل واجهت صعوبات عملية حدت من تحقيق الأهداف النظرية المرجوة، ويعو د سبب ذلك إلى عدم مراعاة واقع الظروف آنذاك، خاصة الريف الذي يعتبر اĐال الجغرافي للتطبيق.كما أن المتابعة الميدانية لتطبيق سياسة الثورة الزراعية لم تتسم بالصرامة اللازمة، مما أدى بالعمال والفلاحين إلى الإهمال واللامبالاة والاختلاس والرشوة والاستهلاك الذاتي، وتغليب الأنانية على المصلحة العامة، وهو ما جعل مصير التعاونيات الإنتاجية الفشل، ومن ثم اختلال في التوازن بين العرض والطلب على المنتجات الزراعية الشيء الذي أدى إلى الاعتماد على استيراد مختلف المنتوجات الفلاحية، و من أجل مراجعة هته السياسة والقضاء على التبذير والإسراف في استعمال مختلف وسائل الإنتاج وتقوية فعالية التسيير في الإدارة والاهتمام أكثر بالقطاع أصبح من الضروري التفكير في طريقة أخرى جديدة من أجل إصلاح القطاع تمثلت في ما يعرف بإعادة هيكلة القطاع.
جـ - مرحلة التسيير الاشتراكي للمؤسسات : جاءت مرحلة التسيير الاشتراكي للمؤسسات و التي تعتمد على أساس النظام الاشتراكي الذي يرتكز على الملكية العامة لوسائل الإنتاج، وأن يكون العمال طرفا مهما في تسيير و مراقبة هذه الشركات . و بالتالي أصبح العامل يتمتع بصفة( المسير، المنتج)1 .
إن العجز المالي الإجمالي الدي عرفته المؤسسات اللإشتراكية خلال هذه الفترة واضح إذ أنه إرتفع من 408 دج سنة 1973 إلى مليار و 880 دج في 1978
هذا ما يوضح لنا أن تطور الإنتاج يكون مرتبط بالجهد المبذول من طرف جماعة مهما تكن مرفقة بتزايد إنتاجية العامل إذ أن معدل استعمال القدرات الموضوعة في سنة 1980 هـي ما بين 60 % و70 % في الصناعة و 40 و50 % في الإسكان بسبب تطور ارتفاع الإنتاج هذا ما بين الشك بتساوي التسيير الاشتراكي للمؤسسة و التزايد في الإنتاج أي أن التسيير المؤسسات لم يكن يهم نمط التسيير السليم من أجل زيادة الأرباح2[3] .
فنتائج تطبيق هذا الأسلوب تظهر أنها ليست مشجعة لأن القرارات كانت و لا زالت في يد الجهات الوصية