أولا مرحلة التسيير الذاتي 1962-1965
لقد عؤقت هذه المرحلة مجموعة من الخصوصيات في تسيير الإقتصادي كونها تلت مرحلة الإستعمار الطويلة مباشرة، حيث تميزت في التسيير وتباينت بين تسيير المؤسسات الإقتصادية والمزارع الفلاحية ويمكن تقسيمها كما يلي .
أ- مرحلة التسيير الذاتي للمؤسسات : خرجت الجزائر من الحرب (1962) و اقتصادها شبه مدمر. فبعد الاستقلال غادر العاملين بالإدارة و المراكز الحساسة مناصبهم (90% معمرين و أجانب)، تاركين المؤسسات و الإدارات مهملة حيث غادر خلال 6 اشهر 800ألف شخص . وكان القصد من وراء هذا الهروب خلق مشاكل أمام الدولة الجزائرية المستقلة حديثا إضافة إلى المشاكل الموضوعية التي كانت تواجهها كالبطالة تفوق( 70%)، الفقر ,التهميش, الأمية (98%)[1]1الخ.
إن نمط تسيير الاقتصاد الوطني و استراتيجية التنمية الاقتصادية آلتي يجب اتباعها , كان إحدى اهتمامات قادة الثورة بالرغم من التوجه و الصورة التي لم تكن واضحة حول نموذج التنمية، لكن في مؤتمر طرابلس بدأت ملامح هذا النموذج تسير نحو التوجه لإعطاء الأولوية للقطاع الفلاحي و إعتباره محرك القطاعات الأخرى، و كذا تقليص الملكية الخاصة و تشجيع الشكل التعاوني , و هذه الخطوة كانت تأكيدا لنمط التسيير الاشتراكي للاقتصاد الوطني .
خلال هذا الوقت حاول العمال على اختلاف فئاتهم و قدراتهم ملئ الفراغ الذي تركه المسيرين الأجانب بهدف حماية الاقتصاد الوطني و مواصلة العملية الإنتاجية في المؤسسات قصد مواجهة احتياجات المجتمع , وهذا التجاوب من طرف العمال سهل عملية تجسيد التسيير الذاتي للمؤسسات.
إن فكرة التسيير الذاتي لم تكن وليدة تفكير عميق , و إنما كانت استجابة عفوية لظروف اقتصادية، سياسية و اجتماعية معينة فرضت العمل بهذا النمط حيث وصل عدد المؤسسات الصناعية في سنة 1964 إلى 413 مؤسسة كانت تسير ذاتيا , و أغلبية هذه المؤسسات تتميز بصغر حجمها .إن منهاج التسيير الذاتي لم يدم طويلا , حتى بدأ العمل على التقليل من انتشاره , و ما قرارات التأميم إلا تأكيدا على
ذلك
ب/ مرحلة التسيير الذاتي للمزارع الفلاحية: خذ الاستقلال دلالة خاصة في الوسط الفلاحي والريفي، حيث احتل أفعال مزارع المعمرين منذ جويلية 1962 الأراضي الشاغرة إثر مغادرة الكولون لها، لاسيما في المناطق الغنية، وفرضوا شكلا مباشرا في التسيير الذاتي). انتظم العمومي المسمى (التسيير الذاتي) لاستغلال أكثر من 2.5 مليون هكتار من أراضي المعمرين الموزعة على 2200 مستفيد عمومي (أي أكثر من 1000 هكتار / مستفيد). ومن بين هذه الأراضي، حوالي 250000 هكتار سيعاد توزيعها لفائدة قدماء المجاهدين، الذين جمعوا ضمن 350 تعاونية فلاحية للإنتاج
لم تشتغلا فعليًا تجربة التسيير الذاتي خلال الموسم الفلاحي 1961-1962 تدخل الدولة الجديدة الوطنية في مراقبة القطاع، لكن سرعان ما كانت هذه التجربة-التسيير الذاتي- ضحية التدخل المستمر للدولة، بالإضافة إلى ما ورثه القطاع من العهد الاستعماري، لأن جهاز الدولة كان يشرف على تسيير القطاع حيث وضعت المزارع الفلاحية تحت وصاية مؤسسة مركزية : الديوان الوطني للإصلاح الزراعي (أونرا)1 .
تولت المؤسسات العمومية تحديد المخططات السنوية للإنتاج، كالمخططات المتصلة بالمالية، والتسويق، وكانت الأجهزة الإدارية للقطاع تتدخل في تحديد أسعار المنتوجات الفلاحية، بحيث أفرغت هذه الممارسات مفهوم "التسيير الذاتي" من محتواه، كان القطاع العام (مزارع مسيرة ذاتيا، وتعاونيات فلاحية) يوفر في تلك الفترة 75٪ من العمق الإنتاج الفلاحي الخام، بينما تولى القطاع الفلاحي المشكل من أكثر من 600000 مستفيد زراعي من توفير الباقي. [2]
استمرت هذه الإجراءات في الستينيات: حيث تواصلت الصادرات نحو الأسواق الخارجية نحو الأسواق الخارجية (خمور-حمضيات- فواكه)، كما كانت منتجاتها في العهدة، الاستعمارية، بل وتوسع بشكل بشكل كامل. تدريجي، حيث يوظف في الفترة (1964/1965) حوالي 237400 عاملا من بينهم 100000 عامل موسمي، وكانت المزروعة تمثل آنذاك حوالي 30٪ من المساحات المستغلة.
واعتمادا على فكرة - خاطئة- في القطاع العمومي، وصل مستوى التطور التقني في تحسين الإنتاج، العمومي الفلاحي نفسه في مواجهة مشاكل التسيير، والتموين، وتسويق المواد الفلاحـيـة المنتوجة .
بدأت المؤسسة في تكوين عام جديد، وعاملة في إطار العمل (شيخوخة البساتين، عدم صلاحية العتاد كوسائل الريليات الثقافية وآليات الحرث وتهيئة التربة ..) بالإضافة إلى المستوى للقوة العاملة (90٪) ) من العاملين أميون، والمهلون وجهوا إلى الاشتغال بمهام إدراية1[3].
ويمكن القول أن هذه السياسة جاءت كنتيجة للوضعية التي آلى إليها القطاع الزراعي، من حيث التراجع الكبير في الإنتاج الذي عرفته المزارع المسيرة ذاتيا، وكذا التوزيع غير العادل للأراضي الفلاحية، وعليه صدر ميثاق الثورة الزراعية في 14/07/1971 وشرع في تطبيقه خلال شهر جوان 1972، وقد جاء في المادة الأولى من قانون الثورة الزراعية ما يلي: ''الأرض لمن يخدمها، ولا يملك إلاّ من يفلحها ويستثمرها ''، وبموجب هذا القانون تمّ تأميم الأراضي وتشكيل تعاونيات زراعية تمثلت في 7000 تعاونية موزعة على مليون هكتار، وتم منح هذه الأراضي المؤممة وكذا الأراضي التابعة لملك الدولة أو البلديات إلى الفلاحين المحرومين لخدمتها. كما تم تكوين حوالي 700 تعاونية للخدمات على مستوى البلاد و730 تعاونية زراعية للاستغلال الجماعي والمكلفة بالاستعمال المشترك لوسائل الإنتاج، وكذا تشكيل تعاونيات لتربية المواشي على مساحة 600000 هكتار2.
1- عبداللطيف بن أشنهو: الإقتصاد الجزائري الوليد بين الواقع والإرادة، دار الأرقم للنشر والتوزيع، قسنطينة 1999 ص 53
1- فوير تيدافي.: الزراعة الجزائرية منظورات التنمية. - باريس، PDF https://journals.openedition.org/insaniyat/7557?lang=en
2- تقرير حول المردود الفلاحي المصدر: https://uggsonsaleonline2sf4.blogspot.com/199919/12/pdf.html
1- يرجى التذكير بأن هذا القطاع الخاص، والذي تم إصداره من قبل الشركات المالكة الفرنسية (الشريك الأول في استثمار المحاصيل الزراعية) الجزائرية). ظهرت نسخة مطوية من الخارج، ضربت بقسوة سوق المنتوجات الجزائرية عام 1965، بلغت بلغت الكميات للخمور غير المبيعة مليون من الهكتوليتر عام 1963، و 16 مليون سنة 1967، 22 مليون سنة 1968. وتسبب ذلك في انهيار المالية لمزارع الكروم في المناطق الأكثر ثراء في البلاد، مما أدى إلى زراعة الكروم في بزراعات أخرى، وزراعة الأشجار التي تعمل في كثيرا في تربيتها وتهيئتها للإنتاج، وتم التخلي بشكل جماعي عن الناتج، غالبا ما تكون الفئة الأكثر خبرة (قرابة 23000 عاملا دائما سنوات 1965) – 1968
2- مجلـة دفاتر اقتصادية المجلد: 10 – العدد: 02) 2018 (ص:98 - 119 101 )