Dris_Rfaik
Topic outline
-
-
عرف مفهوم الاعمال تطورا كبيرا على مستوى العصور تبعا لحجم الدراسات ونوعيتها في كل عصر، فكانت تعتبر المنظمة في بداية الأمر مجرد آلة تقوم بتحويل مدخلات كالمواد الأولية إلى مخرجات من سلع وخدمات، ما أنه لم يحظ الأثر البيئي باهتمام جدي في توجهات المدرستين الكلاسيكية والإنسانية، حيث اقتصر الاتجاه الأول على دور وأهمية العلاقات الرسمية والهيكل التنظيمي للمنظمة، في حين اتجهت الثانية إلى التوكيد على أهمية العلاقات غير الرسمية في المنظمة، وقد كان جل تركيزها على أهمية دور العنصر البشري وتوفير المناخ المرتبط بتحسين ظروف العمل والعلاقات السائدة بين الإدارة والعاملين. وفي واقع الحال لم تعط تلك النظريات اهتمامات واضحة لمسالة البيئة الخارجية والتأثير المتبادل بينها وبين المنظمة كوحدة إنتاجية. إلا أن المدارس المعاصرة أعطت للبيئة المحيطة بالمنظمة بشكل عام أهمية كبيرة، سيما في مجال خلق التوازن مع البيئة. ونجد أنفسنا أمام السؤال التالي : ما هي بيئة المنظمة ؟ أو ما يصطلح عليه بيئة الأعمال للإجابة على هذا التساؤل تم تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث أساسية، الأول يعتبر كتمهيد يتناول مفهوم البيئة وعلاقتها بالمنظمة، أما المبحثين المتبقيين فيتناولان البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة من حيث إعطاء مفهوم كل بيئة، وأهمية دراستها، وكذا تحديد العناصر التي تكون كل واحدة منها. ثم نعرج على بعض المشاكل التي تتعرض لها البيئة الداخلية، وبعض الدراسات التي تناولت البيئة الخارجية تعريف بيئة المنظمة (بيئة الأعمال) تعرف البيئة على أنها : " كل ما يحيط بالمنظمة من طبيعة ومجتمعات بشرية ونظم اجتماعية وعلاقات شخصية ". وكذلك تعرف بأنها : " العوامل والمتغيرات التي تقع خارج حدود المنظمة وتؤثر في نشاط المنظمة بشكل مباشر أو غير مباشر ". وهذه التعريفات في اتجاهاتها تشير الى البيئة الخارجية، وهناك تعريف شامل للبيئة هو : " البيئة هي مجموع العناصر والشروط الخاصة بالمجتمع الواسع التي تؤثر في وتتأثر بها المنظمة ". وبالتالي فإنها كل القوى ذات التأثير الفعال على المنظمة وأدائها. إن البيئة بهذا المفهوم هي ما يحيط بالمنظمة بشكل عام ويؤثر في حركة وعمل وأداء المنظمة بشكل مباشر أو غير مباشر، فالبيئة تحدد اتجاهات عمل المنظمة وأطرها وكونها المصدر للعديد من الأشياء التي تحتاجها المنظمة كالآتي : 1- البيئة مصدر المعلومات للمنظمة : أهم عنصر من عناصر المدخلات الذي تعمل بموجبه المنظمة هو المعلومات، والتي تشمل الخاصة بعمل المنظمة وتحقيق أهدافها مثل المعلومات عن الأسواق، معلومات عن المواد الأولية، معلومات عن التشريعات والقوانين، معلومات علمية، معلومات عن المفاهيم الاجتماعية والعادات، معلومات عن المستهلكين، معلومات عن المنافسين...الخ من المعلومات. والبيئة هي المصدر الأول والأخير لهذه المعلومات التي تستلمها المنظمة من البيئة على شكل تقارير، ودراسات، وحقائق، إحصاءات، مطبوعات، إضافة إلى المعلومات التي تجمعها المنظمة بأطر خاصة لأغراضها. 2- البيئة مصدر التنوع الأدائي في المنظمة : البيئة تفرض على المنظمة متطلبات وتأثيرات معينة ومختلفة، مما يتطلب معها استجابة المنظمة لها، ووفقا لذلك فان عمليات التنوع والاختلاف والتغير في المنظمة مصدرها البيئة، وعلى المنظمة أن تستجيب للمتغيرات البيئية وبأشكال مختلفة أيضا. إن البيئة دائما تتكون من وتعتمد على أشياء مختلفة ولها وظائف ومهام وحاجات مختلفة، وبالتالي تفرض على المنظمة إجراءات وقواعد مختلفة لوجهتها والاستجابة لها. 3- البيئة مصدر المواد الأولية : البيئة هي مصدر مدخلات المنظمة والمواد الأولية، كونها تمثل المخزن الخارجي لمستلزمات إنتاج السلع والخدمات حيث أنها توفر جميع المواد ومستلزماتها المادية والبشرية والمالية والمعلوماتية...الخ. الخصائص العامة لبيئة المنظمة. 1- إن كل ما يقع خارج حدود التنظيم أو داخله يدخل فى مفهوم وإطار البيئة. 2- إن البيئة ذات عوامل ومتغيرات متعددة منها ما يمكن قياسه ومنها ما لا يمكن قياسه. 3- إن تلك البيئة بعواملها ومتغيراتها تؤثر على مدى تحقيق المنظمات لأهدافها ومستوى أداء الأنشطة المختلفة بها وتكاليفها. 4- إن الإدارة قد تدرك هذه المتغيرات البيئية أو لا تدركها، ولذا فدور وفعالية كل إدارة تختلف من تنظيم لآخر. 5- إنه يمكن النظر للبيئة من وجهة نظر ما تمثله من قيود وما تمنحه من فرص وتسهيلات.
الآثار المتبادلة بين المنظمة والبيئة
تعد العلاقة القائمة بين المنظمة والبيئة علاقة متبادلة وتفاعلية شاملة. فالبيئة الخارجية تمنح للمنظمة الناجحة فرصا للاستمرار والازدهار، وتؤدي بالمنظمة الفاشلة إلى الاضمحلال والتلاشي، كما أنها في الوقت ذاته تفرض محددات على حركة المنظمة من خلال المستلزمات البشرية والمادية والمالية والمعلوماتية المتاحة. وتترك المتغيرات الجغرافية أثرا ملحوظا في إمكانية استخدام المنظمة لما يتوافر في البيئة من إمكانات أو فرص للعمل، كما أن طبيعة المتغيرات البيئية المختلفة تلعب دورا أساسيا في تحديد قدرة المنظمة على العمل وفي خلق التوازن المتحرك والتكييف المطلوب مع البيئة، خاصة في إطار إمكانية توفير متطلبات السلع والخدمات التي تنسجم مع حاجات ورغبات الزبائن الحاليين والمرتقبين، وذلك المتعلقة بسبل إشباع حاجاتهم المتنامية والمرتبطة بقدراتهم الشرائية
الفرع 01 : تأثير البيئة في المنظمة:
1 أثر تكوين الإنسان : إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على التصرف بمنطق العقل والحكمة، حيث تتحدد نتائج هذا التصرف بكيفية انجازه وترتبط بنوعية تكوينه وثقافته. ويمكن للأفراد أن يؤثروا في المنظمة بثلاث طرق هي : التأثير كعامل، كمستهلك، كمسير.
2- أثر المواد الأولية : تعتبر المواد الأولية من أهم عناصر نشاط المنظمة كما ونوعا بتوفيرها بشكل كافي ومستمر، وهي ذات أهمية كبيرة في توفير ما تحتاجه المنظمة للقيام بعملية الإنتاج في ظروف ملامة.
3- أثر التطور التكنولوجي : تستعين المنظمة من بين عوامل الإنتاج بالوسائل تتمثل في الآلات والمعدات المختلفة حيث أن مستوى الإنتاج في المنظمة مرهون بمدى كفاءة استعمالها وجودة ملاءمة التقنيات التي يحصل عليها العمال.
الفرع 02 : تأثير المنظمة في البيئة :
1- الآثار الاجتماعية : نذكر منها :
- توفير الشغل : تعمل المنظمة جاهدة لتوفير مناصب الشغل يزيد عددها أو ينقص تبعا لحجمها أو الحيز الزمني الذي توجد فيه، والذي يسهل على امتصاص نسبة البطالة من المجتمع، فمثلا نجد المجتمعات التي تقل فيها الفئة الشابة تسعى إلى استعمال التكنولوجيا أكثر استعمالا للآلات في الدول المتطورة، بينما في الدول النامية هي الأقل استعمالا للتكنولوجيا حيث تلعب اليد العاملة في هذه الدول دورا مهما.
- التأثير على الأجور : تحديد الأجور يعتمد على قوة المنظمة ووزنها المالي حيث تقوم برفع أجورها خاصة عند محاولة استقطابها لليد العاملة إلى مكان تقل فيه هذه الأخيرة، وبالتالي لها الأثر غير المباشر على الأجور في المنظمات الباقية في مختلف القطاعات الاقتصادية وغالبا ما تنجح المنظمة في ذلك.
- تغيير نمط معيشة السكان : إن بروز منظمات جديدة تفرض على السكان نظم معينة من وقت عمل ووقت راحة، و ما ينتجه من طرق عيش وكذا عادات هؤلاء.
- التأثير على الاستهلاك : زيادة المبيعات وتنوعها يؤدي إلى المنافسة وبالتالي انخفاض الأسعار مع التنوع في السلع المعروضة، مما يزيد من إمكانية استهلاكها ورفاهيتها لما توفره من حاجات المستهلك.
- التأثير على البطالة : الزيادة في عدد المنظمات يمتص البطالة لكن يحدث العكس عند تصفية المنظمات التي يتم فيها تسريح العمال، مما يزيد من نسبة البطالة نظرا لأخذ الآلة مكان العمال.
2- الآثار الاقتصادية: نذكر منها :
- دفع عجلة التنمية : تعمل المنظمة على انجاز مساكن لعمالها وكذا إعداد الطرق والمرافق العامة حيث يتم إنشاء المدارس والمستشفيات مما يؤدي إلى ظهور تجمعات سكنية أو مدن جديدة.
- ظهور منشآت تجارية : تزايد عدد السكان يؤدي إلى ضرورة القيام بإعداد منشآت تجارية جديدة لتلبية حاجات العمال الجدد ويتبعها مختلف مرافق الحياة الضرورية.
- التأثير على التكامل الاقتصادي : تتم صناعة المنتجات في المنظمات فالصناعة الثقيلة تحتاج، خاصة الميكانيكية منها، إلى عدة منتجات وسيطية ونصف مصنعة ومكملة لبعضها البعض، ويدخل هذا ضمن التكامل الاقتصادي.
-
مفهوم البيئة الخارجية
هي مجموعة العناصر الواقعة خارج حدود المنظمة والتي تؤثر بالمنظمة ومكوناتها وأهدافها ونشاطاتها وفاعليتها. والبيئة الخارجية للمنظمة تصنف إلى بيئة عامة، وبيئة خاصة.
أهمية دراستها
يتوقف نجاح المنظمة إلى حد كبير على مدى دراستها للعوامل البيئية المؤثرة ، والاستفادة من اتجاهات هذه العوامل وبدرجة تأثير كل منها ، حيث تساعد دراسة وتقييم العوامل البيئية الخارجية في تحديد العديد من النقاط أهمها :
1- الأهداف التي يجب تحقيقها : فدراسات البيئة الخارجية تساعد المنظمة على وضع الأهداف، أو تعديلها بحسب نتائج تلك الدراسات ،هذا إلى جانب دورها في وضع الأهداف التشغيلية لمختلف الإدارات ، فعلى سبيل المثال تساعد دراسة ظروف المجتمع على تحديد المنهج وخطوات العمل والوقت الذي يمكنها فيه توفير المتطلبات المختلفة ، كما تساعد دراسة هذا المجتمع في وضع البرامج التربوية والدعوية للانتشار المطلوب .. وهكذا .
2- الموارد المتاحة : تساعد العوامل البيئية المختلفة في بيان الموارد المتاحة ” الأفراد والتمويل والطاقات ” وكيفية الاستفادة منها ، ومتى يمكن للمنظمة أن تحقق الاستفادة .
3- النطاق والمجال المتاح أمام المنظمة : تسهم دراسات البيئة في تحديد نطاق الدعوة المرتقب ومجال المناهج والأنشطة المتاح أمامها والقيود المفروضة على المنظمة من قبل الجهات القانونية والتشريعية المختلفة ، كما تساعد في بيان علاقاتها – التأثير والتأثر – بالمنظمات المختلفة سواء كانت تلك المنظمات تمثل إمداد بالنسبة لها ، أو تستقبل أفكارها ودعاتها أو تعاونها في عملياتها وأنشطتها السياسية والدعوية .
4- أنماط القيم والعادات والتقاليد وأشكال السلوك سواء التعليمي أو الإعلامي : تساهم دراسات البيئة في تحديد سمات المجتمع والجماهير التي ستتعامل معها المنظمة ، وذلك من خلال الوقوف على أنماط القيم السائدة وأيها يحظى بالأولوية ، كما تساهم تلك الدراسات في بيان أنماط السلوك للأفراد والذين يمثلون جمهور المنظمة .
عناصرها:
الفرع 01 : البيئة العامة
وهي البيئة المحتوية على العناصر والظروف العامة التي لها تأثير علة المنظمة، أو هي تمثل ذلك الجزاء من البيئة الذي يتكون من القوى التي تمتلك تأثيرات عامة على المنظمة، وهذه القوى تؤثر على عموم المنظمات باختلاف أشكالها وأنواعها، فهي تمثل الأجواء التي تعمل بها المنظمات عموما، إلا أن تأثيرها يختلف من منظمة إلى أخرى بسبب اختلاف درجة واتجاهات تأثير العوامل فيها بحسب نوع المنظمة ونوع نشاطها وأدائها والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه. وتتمثل القوى ذات التأثير العام على المنظمات فيما يلي :
1- المتغيرات الاقتصادية : تؤثر المتغيرات الاقتصادية بشكل أساسي في أوجه نشاط المنظمة، فندرة أو وفرة المواد الأولية، وشدة درجة المنافسة السائدة، وطبيعة الأسواق، وحركة العرض والطلب والأسعار ومستوى النشاط الاقتصادي العام والقطاعي...الخ، كلها تؤثر في فاعلية المنظمة. كما أن مواقع المنظمات (المنشآت) الصناعية من حيث التشتت أو التمركز التموقعي تتحدد في ضوء توافر الأسواق أو المراكز الرئيسية وتوافر المواد الأولية، والقوى العاملة المتخصصة، أو البنى الارتكازية. ثم أن ظهور أو اختفاء العديد من المنظمات (المنشآت) الاقتصادية يخضع لآثار المتغيرات الاقتصادية منها، خفض الكلف، وتحقيق المردود للمالكين، كل ذلك في إطار تأثر منتوجات المنظمات (الاقتصادية) بالتغيرات الحاصلة في أذواق المستهلكين، ورغبة العديد منهم في اقتناء السلع والخدمات حسب حاجاتهم المتنامية باستمرار. وفي ضوء ذلك، يمكن التوكيد على أن البيئة الاقتصادية ومتغيراتها المستمرة ذات أثر فعال في الأنشطة الاقتصادية التي تمارسها المنظمات عموما، مع العلم أن درجة التأثير والتأثر تتباين طبقا لأنشطة المنظمات وطبيعة أدائها وسبل تحقيق الأهداف
2- المتغيرات الاجتماعية : يؤثر البناء الاجتماعي والعلاقات السائدة فيه والقيم والأعراف والتقاليد بشكل كبير في طبيعة سلوك المنظمات والأفراد على حد سواء. كما تتأثر الهياكل التنظيمية عموما بالمتغيرات والآثار الاجتماعية. فالمجتمعات النامية تتسم عموما بسيادة العلاقات الشخصية نظرا إلى أن الطابع المميز للعلاقات الاجتماعية القائمة يرتبط بالعائلة والعشيرة والقبيلة، وهذه المتغيرات من شانها أن تحد من أثر الإجراءات الرسمية ومن موضوعيتها، فالتعيين والترقية إلى المواقع الإدارية العليا يتأثران بالمتغيرات الشخصية على حساب جانب معايير كفاءة الأداء . أما المجتمعات المتقدمة فهناك بعض النماذج من سيادة الأثري العائلي أو الأسري في البعض منها، مثل المجتمع الياباني، الذي استطاع استثمار التماسك العائلي بصورة موضوعية في تطوير المنظمات وتحسين كفاءة أدائها. وهذا يعكس سلطة إصدار القوانين والأنظمة لغرض توجيه أنشطة المنظمات. ولذلك فازدياد التدخل في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية للمنظمات يجعلها أكثر خضوعا لمتغيرات البيئة السائدة. .. وفي معظم الدول المتقدمة تسود
المعايير الموضوعية لدرجة كبيرة من الدول النامية من حيث الاستجابة إلى آثار المتغيرات الاجتماعية مما يتيح لها إمكانات النهوض منسجما مع تطلعاتها، وهي أقدر بذلك على استثمار آفاقه في تطوير أدائها. وسواء أكانت المنظمة تعمل في المجتمعات النامية أو المتقدمة فان الأثر الاجتماعي، بمتغيراته المختلفة، يلعب دورا رئيسيا في التأثير في سلوكها وسلوك الأفراد العاملين فيها. وعلى قدر استجابة المنظمة لهذه المتغيرات تتحدد قدرتها على الاستمرار والبقاء والأداء المتطور.
3- المتغيرات السكانية : وتمثل محتويات الطاقة البشرية في المجتمع والتي تعتبر عنصرا أساسيا من مدخلات المنظمة كمكون أساسي فيها، وتؤثر العوامل الديموغرافية في مدى توفر القوى العاملة بالمواصفات المطلوبة للمنظمة من جهة، وتأثيرات هذه التوزيعات على نمط وأسلوب عمل المنظمة في إشباع الحاجات للفئات الاجتماعية المختلفة من جهة أخرى. ومن العناصر الديموغرافية المهمة ما يأتي : حجم السكان وتوزيعاتهم المختلفة ديموغرافيا وجغرافيا، طبيعة القوى البشرية المتوفرة في المجتمع، معدلان النمو السكاني في المجتمع، اتجاهات وحجم الهجرة الداخلية والخارجية، جم القوى العاملة وتوزيعاتها المختلفة
4- المتغيرات الثقافية : تلعب التغيرات الثقافية في المجتمع دورا مهما في التأثير في سلوك المنظمات، من حيث قدرتها على تحقيق أهدافها، والوسائل المختلفة للاتصالات، واتخاذ القرارات فيها. فالمنظمة هي بنت الثقافة السائدة للمجتمع. كما أن الأفراد العاملين فيها أنفسهم هم نتاج واقع التكوين الثقافي للمجتمع، ويؤثر ذلك التكوين، إذن في قراراتهم وسلوكهم، وكيفية معالجتهم للمشكلات والظواهر السائدة. هذا ما يدعو العديد من المدراء في المنظمات إلى انتهاج سبل متباينة في معالجة المشكلة الواحدة، حيث أن القيم الثقافية التي يؤمن بها الفرد أو يدين لها بالولاء تشكل حصيلة حضارية وتراثية استمدها وآمن بها خلال الحقبة التاريخية التي عاشها في كنف الأسرة أو القبيلة أو المجتمع عموما. كما أنها تشكل الإطار الفكري والسلوكي الذي يمارس الفرد فيه أثره الدائم في حقل الحياة الإنسانية. فالمنظمة كجزء أو (النظام الأكبر)، تستجيب لمتغيرات الحضارة والتراث في المجتمع، وغالبا ما تعالج الظواهر والمشكلات الإدارية في إطار القيم والأعراف والتقاليد الثقافية والتربوية السائدة. فالمعالجة بمعزل عن هذه المتغيرات تتجاوز الاستجابة والتكييف المطلوب منها. ومن ثم لا تستطيع المنظمة تحقيق النجاح. ومن هنا يتضح بجلاء بأن المنظمة لا تستطيع تحقيق النجاح إذا كانت اتجاهاتها السلوكية غير مستجيبة لطبيعة الآثار الثقافية والتربوية والحضارية للمجتمع الذي تعمل فيه
5- المتغيرات السياسية : تشكل سياسات الدولة وقراراتها وخططها مجموعة من المتغيرات الأساسية المؤثرة في المنظمة، ويزداد ذلك وضوحا في ظل الفكر الاشتراكي حيث تتدخل الدولة بشكل مباشر وهادف في تنظيم حياة المجتمع والاقتصاد الوطني. وعليه فالممارسات السلوكية للمنظمات والأفراد العاملين فيها تتأثر بالنظام السياسي والفلسفة السياسية للدولة. كما أن الدولة في المجتمعات المختلفة تمتد توجيهاتها إلى كل مفاصل الحياة، وتؤثر بالتالي في جميع المتغيرات المحيطة بأنشطة المنظمة وفي سعيها لتحقيق أهدافها
6- المتغيرات التشريعية والقانونية : وتمثل الإطار الرسمي والشرعي لعمل المنظمة وبالتالي تمثل الإطار القانوني لعمل المنظمة ضمن البيئة. والبيئة التشريعية لها تأثير مباشر على المنظمة من حيث أن مجمل القوانين والتشريعات تحمل إما تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على المنظمة، وفي كل الظروف فان على المنظمة هنا الالتزام الكامل بما تفرضه القوانين والتشريعات عليها، وبالتالي فان البيئة التشريعية تمثل عنصر ضغط مباشر على المنظمة. وتتمثل عناصر المتغيرات القانونية فيمل يلي : الاعتبارات الدستورية التي يفرضها دستور الدولة فيما يخص المنظمات المختلفة، القوانين والتشريعات السائدة وأحكامها، طبيعة النظام القضائي وإجراءاته، النظام التشريعي والقانوني...
7- المتغيرات التكنولوجية : تمثل التكنولوجيا مجموعة المفاهيم والخبرات والأدوات التي يستطيع المرء من خلالها تكييف البيئة والسيطرة عليها. كما أنها تعنى التطبيق لحصيلة المعارف العلمية والمادية التي صل عليها الفرد أو المنظمة. وتمثل التكنولوجيا ظاهرة حضارية واجتماعية تسهم بشكل فعال في ترصين النهوض الدائم والمتطور في إطار حركة المنظمات وعبر نشاطاتها المختلفة. وقد أثبتت العديد من الدراسات و الأبحاث العلمية المعاصرة بأن التكنولوجيا تؤثر بشكل كبير في هيكل المنظمة وسبل تحقيقها لأهدافها. كما أن استثمار نتائج التطور التكنولوجي في حقول الابتكار والتجديد في مستويات التكنولوجيا الحديثة يلعب دورا بارزا في السلوك ألمنظمي بشكل عام، بل أن مستوى الوسائل والأدوات الإنتاجية المستخدمة يؤثر بشكل كبير في تحقيق المنظمة لأهدافها. ثم أن قابلية الأفراد العاملين من حيث الاستجابة إلى مقتضيات التطور التكنولوجي، أو من حيث درجة التعقيد التكنولوجي (المكننة والأتمتة) تسهم في تطوير كفاءة الأداء وفي تحقيق أهداف المنظمة، هذا إضافة إلى آثارها المستمرة في معنويات الأفراد، وتفاعلهم في جماعات العمل، وفي تغيير محتوى الوظيفة وتبديل قنوات الاتصال، وأساليب اتخاذ القرار، ونطاق الإشراف، وغيرها. كل ذلك يدعو المنظمات إلى ضرورة الاستجابة المستمرة والفاعلة للتطور التكنولوجي، واعتماده في تحقيق أهدافها وخلف المرتكزات لنموها وتطورها باستمرار
الفرع 02 : البيئة الخاصة
وهي عبارة عن العناصر والجهات ذات التأثير المباشر والقريب على المنظمة، وتمثل الأطراف المحيطة بالمنظمة والتي تتفاعل وتتعامل معها بشكل خاص، وتختلف هذه البيئة اختلافا واضحا بين منظمة وأخرى حيث أن لكل منظمة بيئة خاصة بها.
والبيئة الخاصة هي ذلك الجزء من البيئة الخارجية ذات الصلة المباشرة بالمنظمة ولها تأثير فعال على المنظمة في تحقيق أهدافها، وبمعنى آخر أن البيئة الخاصة هي البيئة العملياتية للمنظمة المرتبطة بالأطراف المؤثرة في عمليات المنظمة وأدائها. وتتمثل هذه بالآتي :
1- الزبائن : يمثل الزبائن جزءا من البيئة الخاصة للمنظمة ذلك لأنهم يمتلكون تأثيرا أساسيا ومباشرا على المنظمة، من خلال تحديدهم لمديات نجاح وفشل المنظمة، ذلك لأن الزبائن هم المستفيدون من إنتاج المنظمة بسبب شرائهم واستخدامهم للسلع والخدمات التي تنتجها المنظمة، وكونهم مصادر التعريف للمنظمة بمديات كفاءة المنتوج في تلبية احتياجاتهم من خلال التغذية العكسية، وكذلك استخدام هذه التغذية لغرض تعريف المنظمة باحتياجاتهم ورغباتهم، واتجاهات تغيرها عبر الزمن كي تتمكن المنظمة من تلبيتها.
2- المجهزون : المجهزون جزء أساسي من البيئة الخاصة للمنظمة كونهم كأفراد ومنظمات هم المسؤولين عن توفير المدخلات المختلفة للمنظمة لإنتاج السلع والخدمات. والمجهزون يؤثرون في المنظمة بشكل كبير وأساسي، ذلك لان المنظمة بحاجة مستمرة إلى مدخلات متعددة لأغراض تأمين الإنتاج والاستمرارية وبالتالي استمرار وبقاء المنظمة، فالمنظمة تسعى دائما لإقامة علاقات جيدة مع المجهزين لأنهم عصب التغذية للمنظمة. ومن أمثال المجهزين المؤثرين في المنظمة : البنوك، المستثمرين، المجلات، الجرائد، الباحثين، الجامعات، وكالات التشغيل، موردي المواد الأولية، مجهزي المواد الخام...الخ.
3- المنافسون : يمثلون المنظمات الأخرى المنافسة للمنظمة والتي تنتج سلع وخدمات متماثلة أو تخدم نفس الشريحة من الزبائن، حيث تمثل هذه المنظمات البيئة التنافسية ضمن البيئة الخاصة للمنظمة. وقوة البيئة التنافسية تعتمد على عدد وحجم وقوة تأثير المنافسين في السوق. فالبيئة التنافسية قد تؤثر على المنظمة بشكل كبير، فقد تخرج المنظمة من السوق نهائيا إذا كانت المنافسة فعالة ومؤثرة. وقد أصبحت المنافسة شديدة وقوية ومن الصعب التنبؤ بها وباتجاهاتها، لذلك يجب على المنظمة هنا أن تعرف ماذا يعمل منافسوها في مجالات الإنتاج، التسعير، الإعلان، الترويج، خدمات المستهلك، نوع ومحتوى المنتوج، مصادر التجهيز، وأية معلومات أخرى.
4- الحكومة : وتمثل هذه عنصر السلطة الرئيسي، وعنصر القوة في البيئة الخاصة للمنظمة، وتتمثل في الوزارات والمؤسسات والأجهزة والوكالات الحكومية المختلفة، التي تتولى وضع وفرض الأنظمة والقوانين والإجراءات وإجبار المنظمة على الالتزام بها، وبالتالي فان الحكومة تمثل عنصر ضغط فعال على المنظمة من خلال السياسات المؤثرة والإجراءات القسرية التي تؤثر بها على فعاليات المنظمة. والكومة بأجهزتها المختلفة تمثل عنصر القوة في توجيه ودفع المنظمات إلى الالتزام بالقواعد القانونية والتشريعات والنظم والإجراءات التي تضعها للمنظمات المختلفة.
5- الشركاء : يمثل الشركاء عنصر ضغط على المنظمة كونهم من أصحاب المصلحة المباشرة في المنظمة، ذلك لأن الشركاء يساهمون / يشاركون في المنظمات للأسباب التالية :
- الشركاء يتحملون جزء من المخاطر التي تتحملها المنظمة، وبالتالي فان العبء يكون موزعا على أكثر من طرف واحد.
- الشركاء من خلال مشاركتهم ينجزون أشياء لا يمكن انجازها بصفة منفردة من قبل كل منهم لوحده.
- الشركاء يستخدمون قدراتهم الخاصة في تطوير وتدعيم نشاطات المنظمة من خلال المعارف الخاصة في المجالات التكنولوجية و الأدائية المختلفة. كما الشركاء يستفيدون من النتاج النهائي للمنظمة الأرباح مثلا.
وبالتالي فان الشركاء يمثلون عنصر ضغط مباشر على المنظمة حيث يؤدي في بعض الأحيان إلى تضارب مصالحهم مع مصالح المنظمة ونهاية مشاركتهم فيها.
6- الاتحادات والنقابات : تمثل هذه عنصر التأثير وبشكل مباشر وكامل على القوى العاملة ومصادرها وتشغيلها في المنظمة، وتعتبر النقابات جزء من قواعد العمل المنظم في البيئة الخاصة للمنظمة، ذلك لأنها تهتم بتطبيق اللوائح والقواعد والعقود الخاصة بالعاملين وضمان حقوقهم والدفاع عنها. ولديها وسائل هامة في الضغط على المنظمة لمعالجة مشال العاملين والحصول على حقوقهم كالتفاوض، والصفقات الجماعية، والإضرابات، والاحتجاجات، والدعاوي القضائية...الخ، لغرض الدفاع عن حقوق العاملين وضمان استمرارهم بعملهم، وبالتالي فان النقابات ذات تأثير مباشر على المنظمة حيث أن الكثير من القوى العاملة المنظمة تتبع اتحادات ونقابات مختلفة، وبالتالي فان حركة المنظمة باتجاه العاملين تتأثر بدرجة كبيرة بالاتحادات والنقابات وبالتالي أصبح لها تأثير مباشر على المنظمة.
أهم الدراسات التي تناولت أثر البيئة الخارجية
تتفاوت البيئات التي تتواجد فيها المنظمات من حيث درجة الاستقرار والوضوح أو الغموض وعدم التقين الذي يميزها، فهناك بيئات مستقرة تتسم بالاستقرار والهدوء حيث لا تأثيرات وتطورات تكنولوجية لها على العمل، ولا وجود لجماعات ضاغطة تسعى للتأثير على المنظمة. وهذا أمر صعب ومثالي في عالم الواقع، إذ تتميز البيئة في العصر الحاضر أنها بيئة ديناميكية تتميز بالتغيرات السريعة، ومن ذل ثرة عدد المنافسين، وصعوبة الحصول على المواد الخام، وتناقص الحصة السوقية، والتغيرات في أذواق المستهلكين وصدور تشريعات جديدة تؤثر على العمل... إلى غير ذلك، وهذا ما يميز العصر الحالي حيث أن التغير كما يقال هو الثابت الوحيد !! ومن الطبيعي أن يختلف عمل المديرين ويتفاوت مستوى أدائهم باختلاف العوامل البيئية، ودرجة الغموض وعدم التيقن في البيئة التي يعملون فيها. ويعتمد نجاح المنظمة على مدى القدرة على التحكم بالظروف وعلى تقليل الغموض من بين عوامل أخرى.
الفرع 01 : دراسات برن وستولكر
قام كل من توم برن و ج.م. ستولكر من معهد تافستوك بدراسة ميدانية شملت 20 مصنعا في بريطانيا للتعرف على أثر بيئة العمل على نمط الهيكل التنظيمي وأسلوب الإدارة في كل منها. وكان المقياس الذي تم اختياره للتعرف على مدى التغير في البيئة هو نسبة التغير في التكنولوجيا المستعملة وفي الأسواق التي تعمل فيها المنظمة.
وبينت الدراسة أن الهياكل التنظيمية التي تتناسب والبيئات الديناميكية والتي تشهد تغييرات كبيرة تختلف عن تلك البيئات المستقرة التي لا يحصل فيها تغييرات كبيرة. إذ تبين أن المنظمات القادرة على التعامل مع البيئات الديناميكية هي المنظمات العضوية الحيوية (Organic Organizations ( التي تستطيع
التفاعل مع الظروف، حيث تتميز الهياكل التنظيمية بالمرونة وبنمط الاتصالات الأفقية، كما أن تأثير الخبرة والمعرفة في هذه البيئة يكون أكثر أهمية من المركز الوظيفي، حيث لا يكون هناك تحديد تفصيلي للمهام والمسؤوليات، ويكون الاعتماد كبيرا على تبادل المعلومات بالاتجاهين أكثر من الاعتماد على إعطاء الأوامر وباتجاه واحد من أعلى إلى أسفل. وعلى عكس ذلك فان المنظمات ذات الطبيعة الميكانيكية (Mechanistic Organizations ) تتميز بالتعقيد والرسمية والمركزية، وتتناسب أثر مع المهمات ذات الطبيعة الروتينية حيث يون ممكنا تقنين السلوك والإجراءات بشكل تفصيلي، والاعتماد على الروتين للتعامل موحد مع الأمور المتكررة.
الفرع 02 : دراسات امري وترست
قام كل من امري وترست بتصنيف البيئات التنظيمية التي يتقرر على أساسها نوع المنظمة إلى 4 فئات من حيث درجة الثبات ودرجة التغير فيها.
- البيئة الهادئة نوعا ما : وهذه تمثل بيئة قليلة التعقيد فرغم أن المنظمة قد لا تستطيع التنبؤ بكافة المتغيرات البيئية إلا أنه يستطيع في ظل هذا الوضع العمل بشكل مستقل عن هذه الظروف حيث لا تشكل البيئة بمتغيراتها تهديدا أو قلقا كبيرا للمديرين ولا تؤثر كثيرا على نمط قراراتهم.
- البيئة الهادئة مع بعض التقلبات : تتميز هذه البيئة بحدوث تغييرات ولكنها متوقعة، ولذلك فان استمرار المنظمة يعتمد على دقة التنبؤات بتلك التغييرات مما يعطي أهمية بيرة لعملية التخطيطّ، وهو مهمة تستطيع المنظمات كبيرة الحجم القيام بها من خلال تشكيل اللجان التي تتشكل منها كافة الأطراف مما يحول دون حصول المفاجآت في المدخلات أو توزيع المخرجات.
- البيئة المزعجة المتغيرة : تتسم البيئة هنا بوجود تنافس بين المنظمات لابد من أخذها بالحسبان عند عمل التنبؤات، ولذلك فمن المهم تبني المنظمات لأسلوب المرونة في العمل، وإتباع أسلوب اللامركزية كوسيلة للبقاء، والترحيب بالأفكار الجديدة من الجميع للتعامل مع هذه الظروف.
- البيئة المضطربة المعقدة : تعتبر هذه البيئة الأثر تعقيدا وتغييرا بسبب تداخل العلاقات مع المنظمات الأخرى، والتفاعل مع المجتمع، والمنظمات الاقتصادية، والاعتماد المتزايد على البحث والتطوير للتعامل مع المنافسين، فهذه عوامل تزيد من حالة عدم التيقن وتستوجب تطوير بدائل والتفكير بسياسات تنويع الخدمات ومجالات العمل لضمان استمرار العمل.
الفرع 03 : دراسات لورنس ولورش
نشأت دراسات وأبحاث لورنس ولورش بالتعرف على أثر البيئة الخارجية التي تعمل فيها المنظمات المختلفة من حيث سرعة وديناميكية التغيير ودرجة الغموض وعدم التيقن التي تحيط بها. وقد وجد أن صناعة البلاستيك تعمل في بيئة معقدة جدا يصعب معها التنبؤ بالمتغيرات البيئية، بينما وجد أن صناعة الحاويات تعمل في بيئة أكثر هدوءا واستقرارا ولا تشهد تطورات وتغيرات كثيرة في نمط التكنولوجيا المستعملة فيها، كما هو الوضع في الصناعات البلاستيكية. أما الفئة الثالثة من الصناعات التي تمت دراسة بيئاتها وهي الصناعات الغذائية فتعمل في بيئة بدرجة متوسطة من حيث درجة التعقيد وديناميكية البيئة المحيطة بها وسرعة التغييرات والتطورات التكنولوجية فيها. كما أنهما تناولا دراسة البيئة الداخلية من خلال بعدين هما التخصص والتكامل.
ورغم هذا الاتجاه العام حول الدور الهام للبيئة وأثرها على المنظمة، إلا أن هناك بعض الآراء ترى أن دور البيئة ليس شاملا بالصورة التي تم التأكيد عليها، بل يقتصر على بعض الوحدات داخا المنظمة ذات الاتصال المباشر مع البيئة، ومن ذلك أقسام التسويق والمشتريات والعلاقات العامة، ولا يصل إلى دوائر الإنتاج والبحث والتطوير.