مخطط الموضوع

  • نتاج الإصلاحات 70-71

    المطلب الرابع : أهم نتائج إصلاحات 1970 – 1971.

    على الرغم من وجود بعض النتائج الإيجابية في أول إصلاح مصرفي في الجزائر و قد سمح هذا الأخير للقطاع المصرفي في التحكم في مجموع التدفقات النقدية بصفة أكثر من الماضي ، إلا أن الكثير من الإنعكاسات السلبية ظهرت للوجود من أهمها :

     1-بالنسبة للسلطة النقدية :إنكماش دور البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية و أصبح عرض النقد يشكل في إيطار التخطيط المركزي متغيراً داخلياً يجب أن يتكيف حتما مع إحتياجات الإقتصاد


     

    2-الانعكاسات على المؤسسة العمومية:

    إحتكرت المؤسسات العمومية الإقتصادية عملية تمويل السوق الداخلية و إستفادت من تسهيلات مالية سمحت بها الدولة من أجل تغطية كافة نفقاتها فكانت هذه المؤسسات العمومية تستهلك القروض بدون حدود غير معترفة بالفوائد  و هذا ماأدى إلى :

    1- نسبة مرتفعة للاستدانة.    2- - عدم القدرة على الوفاء بالديون. 3-- عجز هيكلي في التسيير. 4-العجز في تحقيق الإتزان في الميزانية   5_لم تستطيع تحقيق موارد ذاتية تسمح لها بتوسيع نشاطاتها و تجديد جهازها الإنتاجي

     

    3 - الانعكاسات على مستوى المصارف:

    إستحالة تحكم المصارف في نشاط المؤسسات العمومية الأمر الذي نتج عنه زيادة العجز المصرفي مما تسبب في :

    1-مخاطر عدم التسديد الخاصة بالقروض القصيرة المدى و هذا راجع إلى نقص معايير منح الائتمان و نقص خبرة المصرفية و إلى غياب سياسات اقراضية واضحة،

      2- أما عن الرقابة على القروض الممنوحة فكانت ضعيفة ؛ فضلا عن  إهمال نسبي لتعبئة الموارد المتكونة أساسا من إدخارات قطاعي الأسر و المؤسسات.

    3–حدوث خلل كبير في النظام المالي بسبب إجبار المؤسسات العمومية على المشاركة في ميزانية الدولة كل هذه النتائج تدل على محدودية الأصلاحات و عدم نجاعتها .

    فإبتداءا من الاصلاح المالي لعام 1971 أصبح القطاع المالي الجزائري يتميز بثلاث خصائص هي :

    _ التمركز

    _ هيمنة دور الخزينة

    _ إزالة تخصص البنوك التجارية من خلال الممارسة .

    كما تميزت فترة ما بعد الإصلاحات بإعادة هيكلة القطاع المصرفي بهدف تقوية التخصص المصرفي و بالفعل فقد تم إنشاء مصارف جديدة تتكفل بقطاعات معينة،

    1-بنك الفلاحة و التنمية الريفية، تم إنشائه في 13 مارس 1982 و أوكلت له مهمة تطوير القطاع الفلاحي و تنمية الريفية بصفة عامة.

    2- بنك التنمية المحلية: تم إنشائه في 30 ابريل 1985 و كلف بتمويل المؤسسات العمومية المحلية و هو مصرف ودائع و استثمار حيث انبثق عن القرض الشعبي الجزائري

    لم تكن آثار الاصلاح المالي لعام 1971 محدودة من الناحية العملية , حيث أدت الى الانتقال التدريجي للنظام المالي الى وصاية وزارة المالية , وبالتالي تراجع دور البنك المركزي الجزائري وأصبح ينحصر في عمليات أطلق عليها  "عمليات السـوق النقدية " . كما تراجع دور البنك المركـزي الجزائـري عن التحديد المباشر للسياسة النقدية . وخلال هذه الفترة , أصبح عرض النقود يشكل في اطار التخطيط , متغيرا داخليا يجب أن يتكيف حتما مع متطلبات الاقتصاد , وهكذا ارتبط اصدار النقود لصالح الخزينة , الوسيط المالي الرئيسي للاقتصاد , بشكل هائل بالاحتياجات المصرح بها لهذا الأخير .




  • اصلاحات 86-12 و اصلاحات 88-06

    المبحث الثاني  : الإصلاحات المصرفية و النقدية لسنة 1986.

    لقد أظهرت الإصلاحات المصرفية لسنة 1971 محدوديتها فيما يخص تحقيق الإهداف المرجوة مما إستلزم تبني إستراتجية مالية جديدة تتماشى مع سلسلة الإصلاحات الإقتصادية التي مست جميع القطاعات الإقتصادية الحيوية في البلاد في هده الفنرة ، وقد كان التراجع عن أهم مبادئ الإصلاح الدي جاء في سنة 1971 الهدف الرئيسي لإصلاحات 1986 من بينها

    1-إختلال وظيفة البنوك : حلت الخزينة محل النظام البنكي في تمويل الاستثمارات العمومية المخططة بواسطة قروض طويلة الأجل مما أدى إلغاء تمويل المؤسسات بواسطة القروض البنكية متوسطة الأجل و أدى هذا إلى اختزال وظيفة البنوك

    2  - تميزت هذه الفترة ببداية التخلي عن النهج الاشتراكي ولو كانت التصريحات الرسمية للمسؤولين تؤكد دائما أن الاختيار الاشتراكي لا رجعة فيه

    وقد تضمنت الإصلاحات المصرفية و النقدية لسنة 1986 العناصر الأولى لتحرير النظام المصرفي و المالي ككل مؤكداً ضرورة إقامة نظام مصرفي يوضح مهام البنك المركزي و البنوك التجارية ، كما جاء ليضع الأليات الجديدة لتسيير دور الجهاز المصرفي ، و كان هدف الأصلاح بالأساس هو مراجعة نظام تمويل الإقتصاد و رد الإعتبار للوساطة المالية

    المطلب الأول : صدور قانون النقد و البنك 1986

    شهد عام 1986إصلاحاً مالياً تمت فيه المصادقة على نظام المصارف و القرض بموجب القانون 86-12 حيث جاء هذا الإصلاح ليضع الأليات الجديدة لتسيير دور النظام المصرفي ، و إرجاع السلطة النقدية التي تسمح بتحقيق تمويل التنمية بدور فعال فعال و إقتصادي من خلال متابعة الوضعية المالية للمؤسسات ، و إتخاذ جميع التدابير الضرورية للتقليل من خطر عدم إسترداد القرض

    صدور القانون رقم (86 – 12) الصادر في 19 اوت1986 المتعلق بنظام البنوك و القروض، و قد تم فيه إدخال إصلاح جذري على الوضعية المصرفية، و قد كان روح هذا القانون يسير في اتجاه إرساء المبادئ العامة و القواعد الكلاسيكية للنشاط المصرفي،

     المطلب الثاني :الإصلاحات التي جاء بها قانون 1986

    جاء القانون 86-12 المؤرخ في 19 أوت 1986 الذي حاول أن يعيد للبنك المركزي مهامه وصلاحياته على الأقل في إدارة وتسيير السياسة النقدية , كما أعاد النظر في العلاقة التي تربط هذه المؤسسة بالخزينة العمومية  وتتمثل العناصر الإساسية للإصلاح المصرفي و التي جاء بها  قانون 1986 فيما يلي :

    1-استعاد بموجبه البنك المركزي لصلاحيته فيما يخص تطبيق السياسة النقدية حيث كلف بإعداد و تسيير أدواتها بما في دلك تحديد سقوف إعادة الخصم الممنوحة لمؤسسات القرض

     2- تقليل دور الخزينة في النظام الوطني للتمويل. و تعبئة الموارد المالية.وإقتصار تمويل البنية الأساسية و بعض القطاعات الإستراتجية بمعنى تقليل دور الخزينة في تمويل النشاط الإقتصادي

    3- كما عرفت هذه المرحلة بداية تطبيق قواعد الحذر على نشاط التمويل البنكي " معامل كوك"

    4-- رد الإعتبار لوظيفة البنوك الحقيقية في ميدان الوساطة المالية، و إعطاء دور أكبرلأهمية البنوك التجارية و توسيع البنية و الصلاحية

    5- أعطى للبنوك الحق في الإطلاع على الوضعية المالية للمؤسسات  قبل الموافقة على منح القروض و حق المتابعة للتخلص من خطر عدم الإسترداد القروض

         ·قام هذا القانون ببعض التغيرات على مستوى الهياكل الإستشارية و المتمثلة في إنشاء مجلس وطني للقرض بدلا من مجلس القرض، و لجنة رقابة العمليات المصرفية بدلا من اللجنة التقنية للمؤسسات المصرفية.

           ·مراقبة القروض قصد قصد إثارة الإنعاش عن طريق حسن توجيه التمويل

    من خلال هذه الإصلاحات تبين أنها أتت لإعادة تجديد مهام الجهاز المصرفي ، و تنظيم سير المنظومة المصرفية وفق أليات جديدة و فعالة تختلف عن المعمول بها سابق في ظل التخطيط المركزي ، لكن عدم إصدار مراسيم تطبيقية لهذا القانون أدى إلى عدم فعاليته على المستوى المصارف و المؤسسات الإقتصادية مما أدى إلى تعديله بنصوص جديدة فجاء الإصلاح النقدي لسنة  1988

     

    المبحث الثاني : إصلاحات قانون 88-06 المعدلة والمتممة للقانون 86-12 المتعلق بنظام البنوك و القرض

    جاء قانون 88-06 مدعما للقانون 86-12 ليتماشى مع متطلبات الإصلاحات الجديدة و يسمح بانسجام البنوك كمؤسسات مع القانون

    لقد كانت الغاية الأساسية لقانون 88-06 المتعلق بالنظام الجديد للبنوك و القرض هي ملائمة القانون المصرفي رقم 86-12 مع الإصلاح الموجه نحو إستقلالية المؤسسات ، و ذلك بإعادة تحديد القانون الأساسي لمؤسسات القرض و للبنك المركزي طبقاً لقانون لتوجيه المؤسسات العمومية ، و في ايطار  تدابير هذا القانون فإن المؤسسة المصرفية وجدت نفسها مندمجة كلياً في الصنف  الخاص بالجانب التشريعي للمؤسسة العمومية الإقتصادية و إنتقلت بفعل هذا القانون من وضعية المؤسسة الوطنية إلى وضعية المؤسسة العمومية الإقتصادية المستقلة

    المطلب الأول : مبادئ و قواعد القانون

                 ·إعطاء استقلالية البنوك في إطار التنظيم الجديد للإقتصاد و المؤسسات العمومية ،و بموجبه أصبح للبنوك الصلاحية في عملية التمويل و التنمية و جمع الودائع ما عدا البنك المركزي

                 ·دعم دور البنك المركزي لضبط و تسيير السياسة النقدية لإحداث التوازن في الإقتصاد الكلي .و ذلك من خلال المادة 03 ، كما خول للبنك المركزي في تحديد الحدود القصوى لعمليات إعادة الخصم الخصصة لمؤسسات القرض ، مع إحترام مبادئ المجلس الوطني للقرض

                 ·يعتبر البنك شخصية معنوية تجارية تخضع لمبدأ الإستقلال المالي و التوازن المحاسبي، و هذا يعني أن نشاط البنك يخضع ابتدءا من هذا التاريخ إلى قواعد التجارة، و يجب الأخذ بالإعتبار أثناء نشاطه لمبدئي الربحية و المردودية لذلك يجب أن يكيف نشاطه.

    ·يمكن للمؤسسات المالية غير المصرفية أن تقوم بتوظيف نسبة من أصولها المالية في اقتناء أسهم أو سندات صادرة عن مؤسسات تعمل داخل أو خارج الوطن، و يمكن لمؤسسات القرض أن تلجأ إلى الجمهور من أجل الإقتراض طويل المدى ،و يمكنها أن تلجأ إلى الديون الخارجية.

                 ·سمح القانون في المادة 07 لمؤسسات القرض أو المؤسسات المالية الأخرى – في حدود النصوص التنطيمية – إصدار إقتراضات لأجل الجمهور عبر كل التراب الوطني و تعبئة الأموال

                 ·كما قامت الحكومة الفترة بين 1987-1988 بإلغاء قرار تخصيص بنوك معينة تتعامل مع قطاعات معينة و السماح للمؤسسات المالية بأن تعمل في مجالات معينة ،و في ماي من سنة 1989 تم إنشاء السوق النقدي بين البنوك التجارية التي منحتها الدولة الإستقلالية

                 ·أصبحت البنوك تملك شخصية تجارية و إستقلالية مالية ، و أصبحت تعمل على أساس الربحية أي ان العمليات البنكية أصبحت كالعمليات التجارية

                 ·تم الفصل بين ملكية رأس المال و التسيير في المؤسسة العمومية ، و تبقى الدولة مالكة و مساهمة اساسية ، و هده الملكية لا تنمح لها حق التدخل في الإدارة

    و في هده الفترة إزدادت المنافسة بين البنوك لإثبات فعاليتها في مجال تمويل الإستثمارات و التجارة الخارجية و جمع الودائع ، كما أن بينة الجهاز المصرفي و هيكله لم تتغير و بقيت تتكون من البنوك التي ظهرت في فترة التأمينات بعد أن أعيد النظر في تخصصاتها



     


  • قانون النقد والقرض و التعديلات التي مست القانون

    المبحث الرابع : إصلاحات النظام المصرفي الجزائري في فترة التسعينات

    على الرغم من الإصلاحات السابقة الذكر و التي مست العمل المصرفي في الجزائر من خلال نظامه ، إلا ان هذه الإصلاحات لم تحقق الأهداف المرجوة منها خاصة في ما يتعلق بأهمية هذا النظام في الحياة الإقتصادية ، نظراً لكثرة التدخلات في عمل المكونات الرئيسية لهذا النظام من جهة و كذلك لتقويض عمل البنك المركزي و تدخل هيئات أخرى في صلاحياته من جهة أخرى ، و تماشياً و الإنسجام مع التطورات المصرفية المعاصرة على مستوى أليات المصرفية قامت الحكومة الجزائرية بإنتهاج سياسة إصلاحية جذرية على الجهاز المصرفي مكملة للإصلاحات السابقة و ذلك من خلال إصدار قانون جديد ينظم العمل المصرفي في الجزائر سمي هذا القانون " قانون النقد و القرض " و إعتبره البعض بالنقلة النوعية في العمل المصرفي الجزائري 

    المطلب الأول : الإطار التنظيمي الجديد للنطام المصرفي الجزائري في ظل قانون النقد و القرض 90-10

    يندرج الإصلاح المصرفي في الجزائر و الذي تجلى بوضوح بعد صدور قانون النقد و القرض بموجب قانون 90-10 الصادر في 19 أفريل 1990 ضمن سياق الإصلاحات الإقتصادية و ضمن سياق التحرر الإقتصادي و المصرفي و ذلك بغية تعميق مسار التحول التحول الإقتصادي الذي بدأته الجزائر مطلع التسعينات

    الفرع الأول : مضمون الإصلاحات المصرفية في قانون النقد و القرض 90-10

    يمثل هذا القانون منعطفاً حاسماً فرضه منطق التحول نحو إقتصاد السوق و ذلك من أجل القضاء على نظام تمويل الإقتصاد القائم على المديونية و التضخم ، جاء هذا النظام لإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية و إبراز دور النقد و السياسة النقدية ، كما أعيد للبنك المركزي كل صلاحياته في تسيير النقد و الإئتمان في ظل إستقلالية و اسعة ، كما أعاد للبنوك وظيفتها الأساسية التقليدية ، إن من أهم النقاط التي تضمنها القانون هو إحداث علاقة جديدة بين مكونات المنظومة المصرفية من جهة و بينها و بين المؤسسات العمومية من جهة أخرى


    الفرع الثاني : أهم التدابير التي جاء بها القانون

    1-منح الإستقلالية للبنك المركزي: و إعتباره سلطة نقدية حقيقة مستقلة عن السلطات المالية تتولى إدارة و توجيه السياسة النقدية في البلاد إلى  جانب إعادة تنظيمه و ذلك بظهور هيئات جديدة تتولى تسيير البنك و إدارته و مراقبته

    2-تعديل مهام البنوك التجارية:لزيادة فعاليتها في النشاط المصرفي بقيامها بالوساطة المالية في تمويل الإقتصاد و ذلك بإلغاء التخصص في النشاط و تشجيعها على تقديم منتوجاتو خدمات مصرفية جديدة ، دخول الأسواق المالية ، و موجهة المنافسة نتيجة إنفتاح السوق المصرفية الجزائرية على المصارف الخاصة و الأجنبية

    3-تفعيل دور السوق المصرفيةفي التنمية و تمويل الإقتصاد ، و فتحه أمام البنوك الخاصة و الأجنبية ، بالإضافة إلى إنشاء سوق للقيم المنقولة

    الفرع الثالث : أهداف القانون

    ü    وضع حد نهائي للتدخل الإداري في القطاع المصرفي

    ü    إعادة تأهيل دور البنك المركزي في تسيير النقد و القرض

    ü    تدعيم إمتياز الإصدار النقدي بصفة محضة لفائدة البنك المركزي

    ü    تولي مجلس النقد و القرض إدارة البنك المركزي

    ü    تولي مجلس النقد و القرض لتسيير مجلس إدارة البنك المركزي

    ü    إقامة نظام مصرفي قادر على إجتذاب وتوجيه مصادر التمويل

    ü    إدخال متنوجات مالية جديدة

    ü    ترقيةالإستثمار الأجنبي و تخفيض المديونية

            بالإضافة إلى الأهداف السابقة الذكر  هناك أهداف لا تقل أهمية جاء بها القانون من أهمها :

    1-            إدراج قواعد السوق:لقد تم إصدار قانون النقد و القرض في إطار المسعى الذي تبنته الجزائر للانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، ففي  ظل قوانين السوق تمارس المصارف الاستقلالية في إتخاذ القرار لاسيما المتعلق بمنح الائتمان، طبعا مع وجود استقلالية للمؤسسة الاقتصادية.

    2-            التطهير المالي: لقد وضع  قانون النقد و القرض أسس جديدة للعلاقة بين المصارف و زبائنها، و ذلك بوضع مبدأ تسديد القرض من طرف المقترض نفسه و ليس من طرف الخزينة كما كان معمولا به من قبل، حيث لم تعد المصارف بموجب هذا القانون تتحمل ديون المؤسسة العمومية، و هذا يعني أن المؤسسات التي لا تستطيع الدفع يمكنها أن تصفى بأمر من القاضي طبقا للقانون التجاري.

     

    الفرع الرابع : مبادئ القانون

    يمكن إختصار المبادئ الأساسية التي جاء بها قانون 90-10 في النقاط التالية :

    1-     الفصل بين الدائرة النقدية و الدائرية الحقيقية (هيئة التخطيط)

    قبل قانون 90-10 كان النظام قائم على التخطيط المركزي أين يتم إتخاذ القرارات النقدية تبعا للقرارات الحقيقية ، و تبعاً لذلك لم تكن هناك أهداف نقدية بحتة بل أن الهدف الأساسي هوتعبئة الموارد اللازمة لتمويل البرامج الإستثمارية  المخططة و يهدف هذا المبدأ إلى :

                       ·إستعادة البنك المركزي لدوره في قمة الجهاز المصرفي

                 ·إستعادة الدينار الجزائري لوظائفه التقليدية و توحيد إستعمالاته داخلياً بين المؤسسات العمومية و الخاصة و العائلات

                       ·تحريك السوق النقدية و نشيطها

                 ·إيجاد الوضع الملائم لمنح القروض ، و الذي يقوم على شروط تمييزية على حساب المؤسسات العامة و المؤسسات الخاصة 

                       ·إيجاد مرونة نسبية في تحديد سعر الفائدة من طرف البنوك

    و عليه فقد تبنى القانون هذا المبدأ ليتم إتخاذ القرارات على أساس الأهداف النقدية التي تخددها السلطة النقدية و بناءاً على الوضع النقدي السائد

     

     

    2-     الفصل بين الدائرة النقدية و دائرة ميزانية الدولة

    على ضوء هذا المبدأ لم تعد الخزينة حرة في اللجوء إلى عملية الاقتراض من البنك المركزي كما كان في السابق( التداخل بين بين صلاحيات الخزينة العمومية و صلاحيات السلطة النقدية ) ليتم بذلك الفصل بين الدائرتين النقدية والمالية, وأصبح تمويل عجز الخزينة قائم على بعض القواعد والشروط، وقد سمح هذا المبدأ بتحقيق الأهداف التالية

    1-  استقلال البنك المركزي عن الدور المتعاظم للخزينة العمومية.

    2 - إرجاع ديون الخزينة العمومية اتجاه البنك المركزي المتراكمة إلى غاية 14 أفريل 1990 وفق جدول يمتد على 15 سنة  ( التخلص من المديونية والتضخم ) .

    3- تهيئة الظروف الملائمة كي تلعب السياسة النقدية دورها بشكل فعال

    4_ الحد من الآثار السلبية للمالية العامة على التوازنات النقدية.

    5-    تحديد حجم التسبيقات التي يقدمها البنك المركزي للخزينة العمومية إلى 10 % من الإيرادات العادية للسنة المالية السابقة، مع تحديد مدتها بما لا يتعدى 240 يوما, مع تسديد هذه التسبيقات قبل نهاية كل سنة مالية .

    6-  تحديد قيمة السندات العمومية التي يمكن أن يقبلها البنك المركزي في محفظته, والتي لا تتعدى نسبة 20 % من قيمة الإيرادات العادية للسنة المالية السابقة .

        7 -     إلغاء الاكتتاب الإجباري لسندات الخزينة من قبل البنوك التجارية

    3-        الفصل بين دائرة ميزانية الدولة ودائرة القرض :

    لم تصبح الخزينة العمومية المسؤولة عن منح القروض لتمويل الإستثمارا ت العمومية بإستثناء تلك الإستثمارااتالإستراتجية المخططة من طرف الدولة و أصبح الجهاز المصرفي هو المسؤول عن التمويل الإستثمارات (منح القروض ) و هذا لتحقيق مايلي :

    1-إستعادة البنوك و المؤسسات المالية لوظائفها المالية التقليدية ( منح القروض)

    2-تقليص إلتزامات الخزينة في تمويل الإقتصاد

    3-منح القروض أصبح يرتكز على مفهوم الجدوى الإقتصادية للمشاريع ،بمعنى أن توزيع القروض أصبح لا يخضع إلى قواعد إدارية 

     

    4-      إنشاء سلطة نقدية وحيدة ومستقلة:

    كانت السلطة النقدية سابقا مشتتة في مستويات عديدة, فوزارة المالية كانت تتحرك على أساس أنها السلطة النقدية, والخزينة كانت تلجا في أي وقت إلى البنك المركزي لتمويل عجزها, وكانت تتصرف كما لو كانت هي السلطـة النقدية, والبنك المركزي كان يمثل بطبيعة الحـال سلطـة نقدية لاحتكاره امتياز إصدار النقود؛ ولذلك جاء قانون النقد والقرض ليلغي هذا التعدد في مراكز السلطة النقدية وكان ذلك بأنه أنشأ سلطة نقدية وحيدة ومستقلة عن أي جهة كانت، وقد وضع هذه السلطة النقدية في الدائرة النقدية, وبالذات في هيئة جديدة أسماها مجلس النقد والقرض, وجعل قانون النقد هذه السلطة النقدية:

    1-     وحيدة, ليضمن انسجام السياسة النقدية؛

    2-      مستقلة, ليضمن تنفيذ هذه السياسة من أجل تحقيق الأهداف النقدية؛

    3-     وموجودة في الدائرة النقدية لكي يضمن التحكم في تسيير النقد ويتفادى التعارض بين الأهداف النقدية .

    4-     وضع نظام مصرفي على مستويين:    

          كمـا أن قانون النقد والقرض قد كـرس مبدأ وضع نظـام بنكي على مسـتويين، ويعني ذلـك التمييز بين نشاط البنك المركزي كسلطة نقدية ونشاط البنوك التجارية كموزعة للقرض، وبموجب هذا الفصل أصبح البنك المركزي يمثل فعلا بنكا للبنوك، يراقب نشاطها ويتابع عملياتها، كما أصبح بإمكانه أن يوظف مركزه كملجأ أخير للإقراض في التأثير على السياسات الإقراضية للبنوك وفقا لما يقتضيه الوضع النقدي ، كما بإمكانه أن يحدد القواعد العامة للنشاط البنكي ومعايير تقييم هذا النشاط في اتجاه خدمة أهدافه النقدية وتحكمه في السياسة النقدية.

    المطلب الثاني : العمليات الخارجية للنظام المصرفي الجزائري.

    أتاح قانون النقد  و القرض بعض الوسائل الأساسية لأداء الوظائف الرئيسية للجهاز المصرفي  في هذا المجال، و التي تمثل النقاط التالية:

             ·التدخل في سوق الصرف:

          يهدف التدخل في سوق الصرف من طرف البنك المركزي إلى تدعيم العملة الوطنية ( الدينار ) وضمان استقرارها، وفي الاتجاه تحقيق هذه الأهداف بإمكان البنك المركزي القيام بالعمليات التالية

           ·شراء و بيع سندات الدفع بالعملات الأجنبية. ،الحق في إعادة خصم هذه السندات.

           ·قبولها كوديعة أو القيام بإعدادها لدى هيئات مالية أجنبية. ،إدارة احتياطات الصرف و توظيفها.

         ·فتح حسابات بالعملة الأجنبية للشركات الخاضعة للقانون الجزائري و التي تقوم بعمليات تصدير                وتهدف هذه الإجراءات إلى التحكم في حركة رؤوس الأموال و الاستفادة من مزايا التدفقات المالية على المستوى الدولي.

           ·مراقبة الصرف:

        وحسب التنظيم الخاص بمراقبة الصرف و حركات رؤوس الأموال يمكن لغير المقيمين  إدخال رؤوس الأموال إلى الجزائر لتمويل  نشاطات تخرج عن إطار هيمنة الدولة أو المؤسسات المتفرقة عنها، و يمكنهم أيضا إعادة هذه الأموال و المداخيل و النتائج المتفرقة عنها إلى الخارج  و يقوم مجلس النقد و القرض ينظم إجراءات التحويل هذه أخذا في الاعتبار مدى مساهمتها في تحقيق الأهداف مثل

           ·إنشاء مناصب عمل و ترقية الشغل.

           ·تحسين مستوى الإطارات و المستخدمين الجزائريين.

    جـ توازن سوق الصرف

         وتتم مراقبة الصرف بوضع مجموعة من الضوابط و الآليات التي تهدف إلى التحكم في جميع التدفقات المالية بين الجزائر و الخارج و يمكن ذكر أهم هذه الضوابط فيما يلي

         ·يتمتع بحق التحويل كل شخص طبيعي أو معنوي مقيم في الجزائر كما يسمح لغير المقمين فتح حسابات بالعملة الصعبة لدى الوسائط المالية المعتمدة .

         ·يجب أن يتم تحويل الأموال سواء إلى الجزائر أو إلى الخارج عن طريق إحدى الوسائط المعتمدة  أو المرخص لها بالعمل في الجزائر.

         ·تمر عملية تمويل و واردات أو صادرات السلع و الخدمات مهما كانت طبيعتها عبر عملية توطين لدى إحدى المصارف المعتمدة.

     

    المطلب الثالث : تقييم الجهاز المصرفي بعد  قانون النقد و القرض

    إن الاصلاح الكبير الذي مس الجهاز المصرفي الجزائري و غير كثيراً من عمل و توجه الجهاز المصرفي للتكيف مع الاصلاحات الاقتصادية الجديدة هو ذلك الذي تضمن في القانون رقم 90-10 الصادر في 14 أفريل 1990 المتعلق بالنقد و القرض و تضمن القانون ثلاثة مستويات من السلطة لتنظيم الوظيفة المصرفية مثل وهي:

     أ- مجلس النقد و القرض الذي يتمتع بأوسع صلاحيات لإدارة شؤون البنك المركزي و إصدار أنظمة مصرفية تتعلق بعدة أمور منها اصدار النقود و أسس و شروط عمليات البنوك و المؤسسات المالية و خاصة تغطية و توزيع المخاطر و السيولة و الملاءة إلى غير ذلك .

    ب- بنك الجزائر : حدد هذا القانون مديرية البنك المركزي التي تتكون من محافظ و ثلاثة نواب و يتمتع البنك المركزي بعدة صلاحيات منها إصدار الأوراق النقدية و تسيير احتياطات الذهب و العملات الأجنبية و يمكنه استخدام أدوات السياسة النقدية كإعادة الخصم ، الاحتياطي الإجباري و السوق النقدية ...الخ .

    ج- اللجنة المصرفية : و الهدف من هذه اللجنة هو مراقبة حسن تطبيق القوانين و الأنظمة التي تخضع لها البنوك و المؤسسات المالية و لمعاقبة المخالفات  المثبتة .

    إن أثر قانون النقد و القرض على الجهاز المصرفي الجزائري يظهر في تكييف وضعية البنوك العمومية مع هذا القانون ، و ذلك لإكمال الشروط للحصول على اعتماد من بنك الجزائر و من بين هذه الشروط : الحد الأدنى لرأسمال الاجتماعي الذي يجب أن توفره البنوك ،و كما برزت مؤسسات بنكية و مالية جديدة عديدة منها بنك الخليفة ، البنك العربي ، بنك الريان و صندوق الترقية العقارية و إنشاء الصندوق الوطني للسكن و إنشاء شركة التمويل الرهن العقاري ...الخ

    إن تقييم الجهاز بعد الإصلاحات المصرفية يتعلق بعدة وظائف منها :

              ·الوظيفة التجارية

    والتي تتمثل في نوعية الخدمات و جمع الموارد و المنتجات المالية المعروضة و التسويق و كل ما يتعلق بهذه الوظيفة ما زال لم يصل إلى المستوى المطلوب ، و انخفاض مستوى الخدمات و لا يمكننا أن نتكلم عن التسويق المصرفي الغائب و هذا يعود إلى أن الجهاز المصرفي الجزائري لم يعتمد لحد الآن على معايير اقتصادية في تسويق خدماتها .

     

              ·وظيفة منح القروض

    فما زالت تعاني من الضعف الكبير في تحليل قدرة البنك الذاتية و تحليل طلبات المقترضين و عدم اعتماد المعايير الاقتصادية في منح القروض و التباطؤ الشديد في دراسة ملفات طالبي القروض.

    ج- وظيفة تسيير الموارد البشرية :

    فإنه على الرغم من إنشاء شركة تكوين ما بين البنوك و فتح المدرسة العليا للصيرفة إلا أنها تبقى دون الطموحات المطلوبة بسبب عدم توفير جميع الوسائل الضرورية لتحصيل تكوين تطبيقي عال في جميع الفروع و التخصصات المالية.

     

    المطلب الرابع : هيكل النظام البنكي

       لقد وضع قانون النقد والقرض  آليات جديدة للتمويل ووضع هيكل جديد للنظام المصرفي يعتمد على مستويين : بنك مركزي يعد الملجأ الأخير للإقراض وقطاع آخر من البنوك يتكفل بالنشاط المصرفي التقليدي كجمع المدخرات ومنح الائتمان .

    الفرع الأول : على مستوى التركيبة

    1 . البنك المركزي :

    تعرف المادة 11 من قانون النقد والقرض ( 90-10 ) البنك المركزي بأنه مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي . وقد أصبح منذ صدور القانون يتعامل مع غيره باسم " بنك الجزائر " .

       و يخضع البنك المركزي إلى قواعد المحاسبة التجارية باعتباره تاجرا في علاقاته مع غيره ورأسماله مكتتب كلية من طرف الدولة ويتم تحديده بموجب القانون" المادة 14 " كما أتيحت له القدرة على فتح فروع ومراسلين في أي نقطة من التراب الوطني كلما رأى ضرورة لذلك

       يمثل البنك المركزي قمة النظام المصرفي باعتباره الملجأ الأخير للاقراض وبنك الإصدار الوحيد على مستوى الجزائر وهو المسؤول الأول عن السياسة النقدية ومن مهامه تقديم السيولة المتاحة للبنوك والخزينة العمومية .

       ويكتسي نشاط البنك المركزي أهمية قصوى خصوصا فيما يتعلق بتطور السيولة في الاقتصاد وإرتباط الحالة المالية والنقدية للاقتصاد بمدى سيطرته على تطور مصادر الإصدار النقدي .

     

    2 .  البنوك :

    أعتبر قانون النقد والقرض في مادته 114 البنوك بأنها أشخاص معنوية مهمتها العادية والأساسية إجراء العمليات الموضحة في المواد 110 إلى 113 من هذا القانون , بحيث تتضمن هذه المواد وصف الأعمال التي كلفت البنوك بها وهي تنحصر في النقاط الآتية :

    1.      العمل على جمع الودائع والمدخرات الممكنة من الجمهور .

    2.      القيام بمنح القروض .

    3.       توفير وسائل الدفع اللازمة ووضعها تحت تصرف الزبائن والسهر على إدارتها .

       وتعتبر المادة 111 من قانون 90-10 الأموال الملتقاة من الجمهور كل الأموال التي يتم تلقيها من الغير ولاسيما على شكل ودائع مع إشتراط إعادتها بعد حق إستعمالها . ولاتعتبر أموال ملتقاة

    من الجمهور كل الأموال التي بقيت في الحساب وتعود في أصلها لمساهمين يملكون على الأقل 5 % من رأسمال البنك أولأعضاء مجلس الادارة وكذلك الأموال الناتجة عن قروض المساهمة .

       وتعني عملية الاقراض كل عمل يقوم بموجبه بنك معين بوضع أموال تحت تصرف شخص أو يعد بمنحها له ويلتزم بضمانه ومن بين أنواع هذه القروض الائتمان الايجاري

       أما وسائل الدفع فهي جميع الوسائل التي تسمح بتحويل ونقل الأموال مهما كان شكلها أو أسلوبها التقني المستعمل

    أما الأمر 03/11 فلم يعرف صراحة البنوك التجارية ولكن لمح الى ذللك في المادة 70 من القانون بالقول أن فقط البنوك هي المخولة الوحيدة للقيام بالعمليات المشار اليها في المواد 66_68 أي  تلقي الودائع ومنح الائتمان , وأيضا خلق وسائل الدفع وإدارتها .

    3 .  المؤسسات المالية :

    تعرف المادة 115 من قانون النقد والقرض بأن المؤسسات المالية هي : " أشخاص معنوية مهمتها العادية والرئيسية القيام بالأعمال المصرفية ماعدا تلقي الأموال من الجمهور بمعنى المادة 111 " . بمعنى أن المؤسسات المالية تقوم بمهام الإقراض على غرار البنوك دون أستعمال أموال الغير . وبإمكاننا القول أن رأسمالها هوالذي يحدد بشكل حاسم حجم إستعمالاتها ومساهمتها في إحداث القرض وتوجيه السياسة الائتمانية بالاضافة إلى نوع معين من المدخرات الملتقاة من المدخرين المحتملين , وأيضا ما يمكن قوله هو أن المؤسسات المالية لن يكون بإمكانها خلق نقود الودائع نظرا لطول آجال المدخرات الملتقطة .

    4 . الفروع الأجنبية :

    أتاح قانون ( 90-10) إنشاء فروع لبنوك و مؤسسات مالية أجنبية ويعود منح التراخيص لمجلس النقد والقرض الذي يقرر المنح أوالرفض وفق ما جاء في المادة 127 من القانون . 

       وهذا الترخيص خاضع لمبدأ المعاملة بالمثل  , بمعنى أنه تتم المساهمة الأجنبية في هذا المجال بإنشاء

    فروع تابعة لمؤسسات مالية أوبنوك توجد مقراتها خارج الجزائر . ويمكن أن تكون في شكل مساهمة في رأسمال البنوك والمؤسسات المالية الخاضعة للقانون الجزائري شريطة أن تكون للرعايا أو الشركات الجزائرية نفس الإمتياز في البلاد الأصلية لهذه المساهمات .

       وبسماح القانون الجديد لقيام فروع لبنوك ومؤسسات مالية أجنبية على التراب الوطني تكون الجزائر قد رجعت إلى نظام الازدواجية المصرفية الذي كان سائدا قبل التأميمات لسنة 1967 .

    5 . المؤسسات المالية الجديدة بعد قانون ( 90/10)

    إثر صدور قانون النقد والقرض بدأ إنفتاح القطاع المصرفي تجاه القطاع الخاص الوطني والأجنبي يتسارع وخصوصا بعد 1998 سنة إنتهاء إنجاز برنامج التعديل الهيكلي وفي نهاية 2001 أصبح القطاع المصرفي الجزائري يتكون من 26 بنك ومؤسسة مالية عمومية وخاصة ومختلطة معتمدة من مجلس النقد والقرض , بالاضافة إلى بنك الجزائر والخزينة العمومية والمصالح المالية للبريد والموصلات .  ومن المؤسسات المالية التي أنشئت عقب إصدار قانون النقد والقرض :

    ورغم أن النظام المصرفي إنفتح كثيرا بعد صدور قانون النقد والقرض إلا أن البنوك العمومية الوطنية الستة بقيت تهيمن على القطاع حيث يتجمع لديها مايقارب 90% من الموارد وتمنح 95% من القروض ويعود إنخفاض حصة البنوك الخاصة إلى عدة عوامل ومنها مايلي : 

    1.      القطاع المصرفي الخاص قطاع حديث النشأة  .

    2.     البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية بقيت في حالة الانتظار والملاحظة    للسياسة الاصلاحية المتبناة من الدولة الجزائرية عموما وإصلاح النظام المصرفي على الخصوص .

    توضح لنا دراسة هيكل البنك المركزي صاحب السلطة النقدية الحقيقي في الجزائر في ظل قانون النقد والقرض , كما توضح لنا الهياكل التي تتولى الإشراف على السياسة النقدية وتنفيذها

    1 . المحافظ ونوابه :

    يقوم المحافظ بإدارة وتسيير ومراقبة البنك المركزي ويعاونه في ذلك ثلاثة نواب , ويعين هذا المحافظ ونوابه بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات وخمسة سنوات على الترتيب قابلة للتجديد مرة واحدة وتنهى مهام المحافظ ونوابه بمرسوم كذلك في حالة العجز الصحي أو الخطأ الفادح  .

       ويقوم المحافظ بتحديد مهام وصلاحيات كل واحد من نوابه  ويمكن له كذلك أن يستعين بمستشارين فنيين من خارج دوائر البنك المركزي وأن يعين من بينهم وكلاء خاصين , لتلبية متطلبات العمل لمدة معينة ولأعمال محددة

       يقوم المحافظ بتمثيل البنك المركزي لدى السلطات العمومية والبنوك المركزية للدول الأجنبية والهيئات المالية الدولية . وينظم مصالح البنك المركزي ويحدد مهامها .

       ويمكن أن تستتشيره الحكومة في المسائل التي تخص النقد والقرض مباشرة أو التي قد تكون لها إنعكاسات على الوضع النقدي دون أن تكون ذات طبيعة نقدية في أساسها

    2 . مجلس النقد والقرض :

    يتكون مجلس النقد والقرض من المحافظ رئيسا ونوابه الثلاثة كأعضاء وثلاثة موظفين سامين معينيين بموجب مرسوم من رئيس الحكومة , ويتم تعيين ثلاثة مستخلفين ليحلوا محل الموظفين المذكورين عند الإقتضاء. وتتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة للأصوات وفي حالة تساوي الأصوات يرجح صوت من يرأس الجلسة.

       ويعتبر إنشاء مجلس النقد والقرض تحولا نوعيا ومعلما بارزا في الاصلاحات المصرفية التي جاء بها قانون ( 90-10) , إذ أحدث تغييرا كبيرا على مستوى هيكل إدارة البنك المركزي نظرا للمهام التي أسندت إليه والسلطات الواسعة التي أكتسبها . فأصبح يمثل مجلس إدارة البنك المركزي ضمن الحدود المنصوص عليها في القانون حيث يجوز له أن يشكل من أعضائه لجانا إستشارية ويحق له أن يستشير أية  مؤسسة أو أي شخص إذا رأى ضرورة لذلك . كما أن من صلاحياته حسب المادتين 42 و43 من القانون مايلي :

    -        حق الاطلاع على جميع الأمور المتعلقة بالبنك المركزي .

    -        إصدار الأنظمة التي تطبق على البنك المركزي .

    -        التدخل في النظام الذي يطبق على البنك المركزي  .

    -        يحدد كل سنة ميزانية البنك المركزي وتعديلها إذا أقتضى الأمر .

    -        تحديد شروط توظيف الأموال الخاصة .

    -        إجراء المصالحات والمعاملات يكون بترخيص منه .

    -        توزيع الأرباح ضمن الشروط المنصوص عليها .

        إن تكوين مجلس النقد والقرض ينطوي على مفهوم الإستقلالية للبنك المركزي عن الجهاز التنفيذي , فيلاحظ أن أربعة أعضاء من هذا المجلس وهم يمثلون الأغلبية يتم تعيينهم بمرسوم من رئيس الجمهورية هذا من جهة , ومن جهة ثانية يمكن للمجلس أن يتخذ قرارات برغم غياب الأعضاء المعينيين من طرف رئيس الحكومة لأن القرارات تتخذ بالأغلبية البسيطة .

    كذلك تظهر إستقلالية البنك المركزي من خلال طبيعة العلاقة بين مجلس النقد والقرص والحكومة ممثلة في وزارة المالية , بحيث يلاحظ أن قانون( 90-10) منح المجلس صلاحية إصدار القوانين وذلك بعد أن يتم تبليغ مشاريع الأنظمة المعدة للإصدار إلى وزير المالية خلال يومين من موافقة المجلس , ويحق للوزير أن يطلب تعديلها وإذا لم يطلب الوزير المكلف بالمالية التعديل ضمن المهلة المذكورة تصبح هذه الأنظمة نافذة . وتنشر القرارات في الجريدة الرسمية وممكن نشر القرارات في جريدتين يوميتين تصدران في مدينة الجزائر في حالة العجلة القصوى .ولكن يستطيع الوزير المكلف بالمالية طلب إلغاء القانون الصادر من قبل مجلس النقد والقرض وذلك باللجوء إلى المحكمة الإدارية العليا .

     كل هذه التدابير تبين مدى إستقلالية مجلس النقد والقرض تجاه الجهاز التنفيذي وتجاه الوزير المكلف بالمالية على الخصوص , وتبين هذه التدابير أن العلاقة بين البنك المركزي ووزارة المالية هي في غير صالح الجهاز التنفيذي . مما يعطي البنك المركزي أكثر إستقلالية في إدارة وتسيير العملة والقرض .

    3 . مركز مخاطر القرض :

       في إطار الاصلاحات الاقتصادية لفترة التسعينات , أدرج مفهوم جديد في قاموس تسيير الاقتصاد الجزائري يخص تنظيم العلاقات بين المؤسسات والبنوك نتيجة الاستقلالية حيث يزول التمويل التلقائي

    للمشاريع , وكذلك إلغاء مبدأ التوطين البنكي حيث يفسح المجال للمنافسة في القطاع المصرفي وإمكانية لجوء المؤسسات إلى مقرضين عديدين 

       تمثل هذا المفهوم الجديد في تصاعد الخطر بالنسبة للقروض لتراجع الدولة عن ضمان هذه القروض مما أستدعى وضع شروط للقيام بعملية التمويل , حيث نص القانون في مادته 160 على وجود هيئة تتكفل بتحديد المخاطر وفي هذا الإطار ينظم البنك المركزي مصلحة مركزية للمخاطر تدعى " مركز المخاطر " تتكفل بجمع أسماء المستفيدين من القروض , وسقف القروض الممنوحة , والمبالغ الممنوحة والضمانات المعطاة لكل قرض من جميع البنوك والمؤسسات المالية .

       إن مهمة هذا المركز هي تقدير الخطر بالنسبة للقروض الممنوحة داخليا ليس له علاقة بالأخطار التي تتبع عمليات الصرف مع الخارج , وله دور في وفرة المعلومات لتساعد على وضع سياسة نقدية موجهة وقد صدر قانون آخر يتضمن تنظيم مركز المخاطر من بنك الجزائر يتمثل في اللائحة 92-01 الصادرة عن بنك الجزائر في 22 مارس 1992 . وحسب المادة الأولى منها يعتبر مركز المخاطر أحد هياكل البنك المركزي وهو هيئة تهتم بتقدير الخطر بالنسبة للقروض وذلك بجمع المعلومات على مستوى البنك المركزي ترتبط بشؤون المستفيدين من القروض المصرفية ومؤسسات الائتمان الأخرى .

    ويطمح مركز المخاطر إلى تحقيق الأهداف التالية :

    -        جمع المعلومات الخاصة بالمخاطر التي تنجم عن نشاطات الائتمان للبنوك المؤسسات المالية وتركيزها في خلية واحدة تقع على مستوى بنك الجزائر .

    - نشر هذه المخاطر أوتقديمها للبنوك والمؤسسات المالية مع مراعاة السرية في ذلك تجاه غير المعني بالأمر ولتحقيق هذا الغرض أوجب بنك الجزائر على كل الهيئات المتعاطية للقروض والمتواجدة داخل التراب الوطني الجزائري الإنضمام إلى هذا المركز وإحترام قواعد أدائه , بحيث لايمكن لأية هيئة مصـرفية منـح قروض مصـرح بها لدى مركز المخاطر إلى عميل جديد إلا بعد إستشارة هذا المركز وعليه للمركز دور معلوماتي ودور توجيهي للبنك المركزي في تسييرالسوق والسياسة النقديتين .

    4 . لجنة الرقابة المصرفية :

       بعد تأسيس اللجنة المصرفية أسندت لها مهام مراقبة وحسن تطبيق القوانين والأنظمة التي تطبق على البنوك والمؤسسات المالية والمعاقبة على المخالفات التي يتم ملاحظتها

    ويلاحظ أن القانون الجديد منح صلاحيات واسعة لهذه اللجنة أثناء أداء دورها الرقابي , وتعمل حتى أن يكون هناك إحترام للإجراءات القانونية والتنظيمية من قبل البنوك والمؤسسات المالية وذلك بهدف تفادي النتائج السلبية عن العجز في التسيير . وفي هذا الصدد تقوم اللجنة المصرفية بالتحريات حول تسيير وتنظيم البنك , وخاصة أن القانون يعطيها صلاحية مطالبة أي بنك باتخاذ أي إجراء من شأنه أن يصحح أسلوب تسييره

        والقانون يجبر اللجنة المصرفية على التدخل لأجل حماية البنك خلال ممارسة نشاطه المصرفي ومد له يد العون وتصليح وضعيته إذا كان يعاني من صعوبات .

       وعلى الرغم من أن إصطلاح المراقبة غير دقيق في حد ذاته وغير محدد بشكل وافي في إطار قانون النقد والقرض , فإنه لايجوزإعتبار هذه المراقبة فرصة متاحة للجنة المصرفية في التدخل في سياسة الاقراض وتحصيل موارد البنك , بل ينبغي إعتبارها وسيلة للتأكد من أن القرارات المتخذة من طرف البنك لاتعرضه لأخطار كبيرة

    وتعمل اللجنة كذلك على متابعة مدى إيفاء البنوك بالمتطلبات التي يفرضها القانون ونظام بنك الجزائر لممارسة هذا النشاط وتتمثل هذه المتطلبات أساسا فيمايلي :

    - نسب الأموال الخاصة إلى الالتزامات

    - معامل السيولة

    - النسبة بين الأموال الخاصة والقروض

    - النسب بين الودائع والتوظيفات

    - توظيفات الخزينة

    - الأخطاربشكل عام .

       كذلك حدد القانون موقع هذه اللجنة في النظام المصرفي وشكل العلاقة المتواجدة بينها وبين بنك الجزائر وبقية الهيئات المصرفية الجزائرية . وتتألف اللجنة من المحافظ أومن نائب حل محله كرئيس ومن الأعضاء المذكورين أدناه :

    - قاضيان ينتدبان من المحكمة العليا يقترحهما الرئيس الأول لهذه المحكمة بعد إستطلاع رأي المجلس الأعلى للقضاء .

    - عضوان يتم إختيارهما نضرا لكفاءتهما في الشؤون المصرفية والمالية وخاصة    لمحاسبة , ويقترحهما الوزير المكلف بالمالية , حيث يعين الأعضاء لمدة خمسة سنوات بمرسوم يصدر عن رئيس الحكومة هي فترة قابلة للتجديد .

       وتقوم اللجنة المصرفية للرقابة بعملها على أساس القيود والمستندات وكذلك إجراء الرقابة في مركز البنوك والمؤسسات المالية , وبمساعدة البنك الجزائري  ,كما لايمكن أن يحتج بالسر المهني تجاه اللجنة المصرفية وتعتبرقراراتها قابلة للطعن خلال 60 يوما المولية ليوم تبليغ القرار إلى المعنيين  .             

         وجاء الأمر 03/11 ليؤكد على الهدف منن إنشاء اللجنة المصرفية في نص المادة 103 بل راح أبعد من ذلك فيمنح الصلاحيات لهذه اللجنة , حيث حدد في نفس المادة على ان اللجنة بإمكانها فحص الشروط المرتبطة باستغلال البنوك والمؤسسات المالية , وتسهر على معرفة وضعيتها المالية . مما يعطي الانطباع أن اللجنة اصبحت تتدخل في تقييم وتسيير البنوك والمؤسسات المالية .

         وأصبحت اللجنة المصرفية بموجب المادة 106 من الأمر 03/11 تتكون من خمسة أعضاء : محافظ وقاضيين وثلاثة أعضاء يختارون بحكم كفاءتهم في المجال المصرفي والمالي والمحاسبي وتتخذ قرارات اللجنة بالأغلبية .

         وتتم عملية الرقابة من طرف اللجنة من خلال تفحص الوثائق والمستندات أو الزيارات الميدانية . ويرتبط مجال فرض القواعد المالية من طرف اللجنة المصرفية بجميع التدابير التي من شأنها إعادة التوازن المالي للبنك والمؤسسة المالية أو تصحيح أساليب إدارية عندما يبرر وضعها ذلك , وتمس هذه القواعد المراكز المالية الكبيرة في الميزانية , توزيع القروض , سياسة إعادة التمويل , تغطية الحقوق , إحترام معدلات التغطية ومركزية المخاطر ....إلخ . فعندما تسجل اللجنة اختلال في هذه العناصر فإنها تقوم بفرض قواعد مالية من شأنها تعديل الوضعية المالية وتصحيح أساليب التسيير , فيمكن لها أن تراسل البنك للرفع من رأسماله وإن كان حده الأدنى محترما , وهو مايعني أنه ليس من الضروري أن يكون البنك في حالة إخلال بأي قاعدة بنكية , بل يكفي أن يسجل اختلالا ماليا يمكن أن يؤدي مستقبلا لحدوث نتائج مضاعفة من شأنها التأثير على التوازن المالي للبنك أو الجهاز المصرفي ككل .

     

       وتنهي اللجنة عمليات المراقبة باتخاد تدابير وإجراءات عقابية إذا استدعى الأمر ذلك, وتتناسب حدة هذه العقوبات مع درجة الأخطاء والمخالفات المثبتة . وتبدأ هذه التدابيرمن اللوم إلى حد إلغاء الترخيص بممارسة النشاط  .

       مما تقدم يمكن القول أن النظام المصرفي الجزائري قد دخل في ظروف بيئية مختلفة ومراحل اقتصادية متطورة نوعا ما مما ينعكس بدون شك على دور هذا النظام في الاقتصاد الجزائري .

    المبحث الخامس :التعديلات المصرفية بعد قانون النقد و القرض

     

    المطلب الأول : الأمر 01/ 01 المعدل لقانون النقد و القرض   

       جاء أول تعديل لقانون النقد و القرض(90- 10) عن طريق أمر رئاسي هو الأمر (01- 01 )المؤرخ في 27 فيفري 2001، حيث يمس هذا التعديل و بصفة مباشرة الجوانب الإدارية في تسير بنك الجزائر فقط دون المساس بصلب القانون و مواده الأساسية.

       حيث جاء هذا القانون ليفصل بين مجلس إدارة البنك المركزي و مجلس النقد و القرض بعد أن كان مجلس النقد و القرض يقوم بوظيفتين في السابق الأول بوصفه كمجلس للإدارة و الثانية كمجلس للنقد و القرض حيث أصبح بموجب هذا التعديل تسير بنك الجزائر و إدارته يتولاه على التوالي محافظ يساعده ثلاث ( 3) نواب المحافظ و مجلس إدارة بدلا من مجلس النقد و القرض.

                    و يتكون مجلس إدارة بنك الجزائر من المحافظ رئيسيا و نواب المحافظ كأعضاء و ثلاثة(03) موظفين سامين يعينهم رئيس الجمهورية. أما مجلس النقد و القرض فيتكون بموجب هذا التعديل من أعضاء من مجلس إدارة بنك الجزائر، و ثلاث (03) شخصيات يختارون بحكم كفاءتهم في المسائل النقدية و الاقتصادية، و هكذا أصبح عدده أعضاء عشرة (10) بعدما كان سبعة (07) أعضاء في السابق.

    2 .1 _ أهم التعديلات التي أدخلت على قانون النقد والقرض خلال عام 2001 :

    لقد إتسم الإصلاح المصرفي الذي جاء به قانون 90-10 بتطبيقات ميدانية حالت دون السير الحسن للنشاط المصرفي و المالي ، رغم عملية التطهير التي عرفتها المصارف و المؤسسات المالية العمومية ، و ذلك بإعادة هيكلت محافظها المالية و رسملتها ، كما نتج عن إزدواجيةفي التسيير و صعوبة في رسم السياسة الإقتصادية للبلاد في ظل غياب التنسيق فأثرت هذه العراقيل على التوازنات الكبيرة للمنظومة المصرفية من حيث تعبئة الإدخار و تمويل الإستثمار ، بالإضافة إلى الإختلالات الملحوظة في محال الإشراف على السوق النقدية ، و ضعف أليات مراقبة البنوك و المؤسسات المالية و ضعف أساليب تسيير و متابعة المديونية العمومية ، كل هذه العراقيل و أخرى جعل السلطة النقدية تقدم على جملة من التدابير

    من شأنها تذليل هذه العراقيل و العقبات عبر إدخال تعديل على قانون النقد و القرض من خلال سنة سنة 2001 من خلال الأمر 01/01

    إن التعديلات التي أدخلت على قانون النقد والقرض خلال عام 2001 من خلال الأمر 01/01 تهدف أساسا الى تقسيم مجلس النقدو القرض الى جهازين :

           _ الأول يتكون من مجلس الادارة الذي يشرف على إدارة وتسيير شؤون البنك المركزي ضمن  الحدود المنصوص عليها في القانون .

            _ الثاني يتكون من مجلس النقد والقرض وهو مكلف بأداء دور السلطة النقدية والتخلي عن دوره كمجلس إدارة لبنك الجزائر . 

    وقد  مس هذا التعديل و بصفة مباشرة الجوانب الإدارية في تسير بنك الجزائر فقط دون المساس بصلب قانون  90-10 و مواده الأساسية.

       حيث جاء هذا القانون ليفصل بين مجلس إدارة البنك المركزي و مجلس النقد و القرض بعد أن كان مجلس النقد و القرض يقوم بوظيفتين في السابق الأول بوصفه كمجلس للإدارة و الثانية كمجلس للنقد و القرض حيث أصبح بموجب هذا التعديل تسير بنك الجزائر و إدارته يتولاه على التوالي محافظ يساعده ثلاث ( 3) نواب المحافظ و مجلس إدارة بدلا من مجلس النقد و القرض.

                    و يتكون مجلس إدارة بنك الجزائر من المحافظ رئيسيا و نواب المحافظ كأعضاء و ثلاثة(03) موظفين سامين يعينهم رئيس الجمهورية. أما مجلس النقد و القرض فيتكون بموجب هذا التعديل من أعضاء من مجلس إدارة بنك الجزائر، و ثلاث (03) شخصيات يختارون بحكم كفاءتهم في المسائل النقدية و الاقتصادية، و هكذا أصبح عدده أعضاء عشرة (10) بعدما كان سبعة (07) أعضاء في السابق.

    إذاً كان الجانب التنظيمي هو الهدف الرئيسي من هذا التعديل و ذلك بهدف تحقيق مطلبين رئيسين هما :

    1-التمكن من الإنسجام بين السلطة التنفيذية و محافظ بنك الجزائر

    2- الفصل بين مجلس إدارة بنك الجزائر و السلطة النقدية ، قصد إرساء الإستقلالية النقدية و تحقيق الربط الأمثل بين مختلف مكونات الصرح المؤسساتي

    المطلب الثاني :  الأمر 03/ 11 المعدل لقانون النقد و القرض ( 90- 10)

    لقد جاء التعديل الثاني لقانون النقد و القرض ( 90-10) عن طريق الأمر الرئاسي (03-11) المؤرخ في 26 أوت 2003 ليدخل ضمن الالتزامات الدولية للجزائر في الميدان المالي و المصرفي، و استجابة للتطورات الجديدة في الساحة المصرفية الجزائرية ومن أجل تكيف النظام المصرفي و المقاييس العالمية و يهدف إلى :

         · تمكين بنك الجزائر من ممارسة صلاحياته بشكل أفضل من خلال الفصل بين إدارة بنك الجزائر            و بين مجلس النقد والفرض و توسيع صلاحيات المجلس في مجال السياسة النقدية و سياسة سعر الصرف و التنظيم و الإشراف.

         ·تعزيز التشاور بين بنك الجزائر و الحكومة في المجال المالي، وذلك عن طريق إعلام مختلف المؤسسات الدولية بتقاريره دورية و إنشاء لجنة مشتركة بين بنك الجزائر ووزارة المالية لإدارة الأرصدة الخارجية و المديونية العمومية و تحقيق سيولة أفضل في تداول المعلومات المالية.

    ·تهيئة الظروف من أجل حماية أفضل للمصارف إضافة إلى الأهداف السابقة الذكر، فأن التعديل يهدف إلى تحقيق الأهداف التالية

    ü   إنشاء هيئة مراقبة تسهر على ضمان مركزية المخاطر و المستحقات غير المدفوعة و إشراك  المهنة للمصارف و المؤسسات المالية في عملية المراقبة.

    ü    تحديد صلاحيات اللجنة المصرفية.

    ü   إيجاد شروط جديدة لإنشاء المصارف الخاصة و منها عدم السماح لمالكي المصارف بتمويل مشاريع الاقتصادية من المصارف التي يملكونها.

    إنشاء نظام تأمين الودائع المصرفية

    تم تأسيس نظام التأمين على الودائع المصرفية في الجزائر بمقتضى الأمر ( 03-11) المؤرخ في 26 أوت 2003، وقد نص على انه يجب على المصارف أن تشارك في تمويل صندوق ضمان الودائع المصرفية بالعملة الوطنية، و يتعين على كل مصرف أن يدفع إلى صندوق الضمان علاوة سنوية نسبتها(01%) على الأكثر من مبلغ الوديعةو يحدد مجلس النقد و القرض كل سنة مبلغ العلاوة المذكورة ، كما يحدد مبلغ الضمان الذي تمنح لكل مودع، و لا يمكن استغلال هذا الضمان إلا في حالة توقف المصرف عن الدفع، كما لا يغطي هذا الضمان المبالغ التي هي عبارة عن تسبيقات المصارف فيما بينها.

    العوامل التي ساعدت على إنشاء النظام هي :

    ·ظهور ما يسمى ّبأزمة الخليفة بنك ّمع مطلع عام 2003 و إعلان إفلاسه، و ما تسبب فيه من ضياع لأموال و حقوق المودعين و ضياع للمال العام و حتى الخاص.

    ·نتيجة للعامل السابق حدثت أزمة في ثقة في المصارف الخاص، وهذا بعد الفضائح التي أصبحت تظهر و تكشف التعاملات المشبوهة التي تتم في بعض المصارف الخاصة ؛ وعلى أثر ذلك تفجرت فضيحة البنك الصناعي  و التجاري و الذي تم إفلاسه هو أيضا.

     ·رغبة السلطات العمومية و على رأسها النقدية في فرض انضباط أكثر صرامة على المصارف بهدف ضمان استقرار النظام المصرفي.

         ·يأتي إنشاء نظام التأمين الودائع في الجزائر استجابة لتوصيات المؤسسات المالية و النقدية الدولية            ( البنك العالمي، صندوق النقد الدولي) بضرورة تطوير آليات الإشراف و الرقابة على المصارف من أجل فرض الإنضباظ السوقي و توفير عوامل خلق مناخ تنافسي سليم، و بيئة مصرفية سليمة.

         ·    تهيئة الظروف للمنظومة المصرفية لتستطيع مواجهة المنافسة خاصة و أن الجزائر على وشك الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة و بالتالي المصادقة على اتفاقية تحرير الخدمات المالية و المصرفية في هذا الإطار

     

    2 . 2 _ التعديلات التي جاء بها الأمر الرئاسي 03 _ 11 :

    لقد جاء هذا النص التشريعي في ظرف تميز بتخبط الجهاز المصرفي في ضعف كبير في الأداء وخاصة بعد الفضائح المتعلقة بإفلاس بنك الخليفة والبنك الصناعي والتجاري , والذي بين بصورة واضحة عدم فعالية أدوات المراقبة والاشراف التي يديرها بنك الجزائر باعتباره السلطة النقدية .

       إن الأمر 03/11 الصادر في أوت 2003 والمتعلق بالنقد والقرض , يعتبر نصا تشريعيا يعكس بصدق أهمية المكانة التي يجب أن يكون عليها النظام المصرفي , إذ أنه جاء مدعما لأهم الافكار والمبادئ التي تجسدت في القانون 90/10 , مع التأكيد على بعض التعديلات الجزئية التي جاء بها الأمر 01/01 , والتي تتمثل اساسا في الفصل بين مجلس الادارة ومجلس النقد والقرض فيما يخص الهيكل التنظيمي , حيث انه في الفصل الثاني من الأمر الرئاسي 03/11 المتعلق بإدارة بنك الجزائر , أشارت المادة (18) بكيفية تشكيل مجلس إدارة بنك الجزائر .

        كما نصت المادة (19) على مهام ووظائف مجلس الادارة والذي يعتبر السلطة التشريعية القائمة على إصدار النصوص والقواعد التنظيمية المطبقة في بنك الجزائر , كما أنه المخول قانونا للبت في المنازعات والتأسيس كطرف مدني في الدعاوي القضائية .

       وتم كذلك توسيع مهام مجلس النقد والقرض كسلطة نقدية حيث نصت المادة (62) الفقرة "ج" بتحديده للسياسة النقدية والاشراف عليها , ومتابعتها وتقييمها , ولهذا يحدد المجلس الأهداف النقدية لاسيما فيما يتصل ببتطور المجاميع النقدية والقرضية , ويحدد استخدام النقد وكذا وضع قواعد الوقاية في السوق النقدية , ويتأكد من نشر معلومات في السوق ترمي الى مخاطر الاختلال .

        وهكذا أوكلت للمجلس مهمة حماية زبائن البنوك والمؤسسات المالية في مجال المعاملات المصرفية ،وتدعيم التشاور والتنسيق مابين بنك الجزائر والحكومة فيما يخص الجانب المالي , وذلك من خلال :

    _ إثراء مضمون وشروط التقارير الاقتصادية والمالية .

    _ إنشاء لجنة مشتركة بين بنك الجزائر ووزارة المالية لتسيير الحقوق والدين الخارجي .

    _ تمويل إعادة الناء الناجمة عن الكوارث الطبيعية التي تقع في البلد .

    _ العمل على انسياب أفضل للمعلومة المالية .

      وفي هذا الاطار نستطيع القول أن الأمر 03/11 قد حدد بوضوح علاقة بنك الجزائر مع الحكومة فمنح البنك الاستقلالية التي تمكنه من رسم السياسة النقدية المناسبة وتنفيذها في اطار الرقابة تمارسها وزارة المالية التابعة للحكومة , ومنح الحكومة بالمقابل السلطة المضادة التي تمكنها من أن تعدل مايخلص اليه بنك الجزائر فيما يتعلق بالسياسة النقدية , ولعل السبب في هذا التغيير مقارنة بقانون النقد والقرض 90_ 10 يعود لما شهدته الساحة المصرفية الجزائرية مع بداية القرن بإفلاس العديد من البنوك الخاصة , الأمر الذي أثر كثيرا على أداء المنظومة المصرفية من جهة , ومن جهة ثانية طرح العديد من التساؤلات في مدى نجاعة المراقبة المصرفية التي يمارسها بنك الجزائر .  

    المطلب الثالث : تعديلات قانون النقد و القرض 2009

    لقد صدر  هذا التعديل في قانون النقد و القرض لتكملة النقائص التي ظهرت في الأمر 03/11 ، حيث برزت الإختلالات في السياسة النقدية المتبعة و في أليات مراجعة المصارف و المؤسسات المالية ، بالإضافة إلى تغيير نمط التسجيل المحاسبي و الرغبة في تحديث الخدمات المصرفية للبنوك للتكيف مع البيئة الدولية ، و يهدف هذا التعديل على العموم في :

    1-     على مستوى القواعد العامة المتعلقة بنشاط البنوك :

    في هذا المجال تنص المادة 33 من الأمر 03/09 على أنه

    -      يمكن للبنوك و المؤسسات المالية أن تقترح على زبائنها خدمات مصرفية خاصة ، غير أنه من الأفضل تقدير المخاطر المتعلقة بالمنتج الجديد ، و لضمان الإنسجام بين الأدوات يتعين أن يخضع كل عرض لمنتج جديد لترخيص مسبق يمنحه البنك المركزي

    -      يمكن للبنوك و المؤسسات المالية أن تحدد معدلات الفائدة الدائنة و المدينة بكل حرية ، و كذلك معدلات و مستوى العملات المطبقة على العمليات المصرفية ، و يتكفل بنك الجزائر بتحديد معدل الفائدة الزائد الذي لا يمكن للبنوك و المؤسسات المالية تجاوزه

    -      إلزام البنوك و المؤسسات المالية بإبلاغ ظبائنها و الجمهور بالشروط البنكية التي تطبقها في العمليات المصرفية و خاصة معدلات الفائدة الأسمي و معدلات الفائدة الفعلية الإجمالية على هذه العمليات ، و يترتب على كل تأخير قد يحدث في تنفيذ عملية مصرفية قيام البنك أو المؤسسة المالية المعنية بتقديم تعويض للزبون

    -      إلزام البنوك و المؤسسات المالية بوضع جهاز رقابة داخلي الهدف منه هو التحكم في النشاطات و الإستغلال الفعال للموارد

    -      ألزام أي مستثمر أجنبي يريد إنشاء بنك أو مؤسسة مالية في الجزائر مستقبلا بحصة لا تتعدى 49% و منح نسبة 51% من رأس المال إلى المساهمين الجزائريين مع تمتع الدولة بحق الشفعة في حالة التنازل عن أي بنك او مؤسسة مالية أجنبية عاملة في الجزائر

    -      منح بنك الجزائر الصلاحيات الكاملة و الكافية للإشراف و المراقبة الشديدة لجميع عمليات البنوك الأجنبية العاملة في الجزائر ، مع تكليفه بالسهر على فعالية أنظمة الدفع و تحديد قواعد تسييرها مع ضمانة لأمن وسائل الدفع من غير الأوراق النقدية

    2-تعديلات خاصة بهيكل الجهاز المصرفي :

    بعد قانون النقد و القرض 03/10 بدأ إنفتاح الجهاز المصرفي الجزائري تجاه القطاع الخاص الوطني و الأجنبي يتسارع خصوصا بعد 1998 و بصدور القانون 09/01 المؤرخ في 22جانفي 2009 و الذي تضمن قائمة البنوك الخاصة المعتمدة في الجزائر و هي :

    أ‌-     البنوك الخاصة : و هي البنك التجاري و الصناعي ، المجمع الجزائري البنكي ، البنك العام للبحر المتوسط ،البنك الدولي الجزائري

    ب‌-  البنوك الخاصة الأجنبية : و هي سيتي بنك ، البنك الإتحادي ،البنك العربي للتعاون ،مونا بنك ،الشركة العامة ،بنك الريان الجزائري ، البنك العربي ، سوفي ناس بنك ، البنك الوطني الباريسي ، بنك البركة

    ت‌-  المؤسسات المالية :و هي السلام ، فينالاب ، القرض الإيجاري العربي ، شركة إعادة التمويل الرهني ، المغاربية للإيجار المالي 


  • تأهيل النظام المصرفي الجزائري

    الفصل الرابع و المتعلق بتأهيل النظام المصرفي الجزائري في ظل التحرير المالي و الإتجاهات الحديثة للعمل المصرفي العالمي 

  • الموضوع 5

  • الموضوع 6

  • الموضوع 7

  • الموضوع 8