الفتح الإسلامي لبلاد المغرب

  • ثالثا: مرحلة التوغل واستكمال الفتح

ثالثا: مرحلة التوغل واستكمال الفتح

ولاية أبو المهاجر دينار

- أصبح أبو المهاجر دينار –مولى مسلمة بن مخلد- أميراً على إفريقية ابتداءً من سنة 55هـ إلى غاية 62هـ.

- كان هذا الفاتح أقل قادة الفتوح ذكراً في المصادر وربما يعود السبب في ذلك إلى أن فترة قيادته جاءت فاصلة لولايتي عقبة الأولى والثانية فركزت المصادر على هذا الأخير وأهملت أبا المهاجر، وكذلك ربما تعمد المؤرخين إغفاله لما نزل بعقبة على يديه.

- لا تذكر المصادر شيئا عن حياة أبي المهاجر دينار الأولى وكل ما يُعرف عنه أنه كان مولى مسلمة بن مخلد فأعتقه هذا الأخير وولاه إفريقية.

- تذكر المصادر أن أبا المهاجر لم ينزل بالقيروان إنما نزل مدينة تبعد عنها بميلين يذكر النويري أنه اختطها وسماها تكيروان في حين يقول المالكي أنه نزل بدكرور مدينة البربر، ولعل الرأي الأخير هو الأصح لأن اختطاط مدينة جديدة يتطلب وقتا طويلا، كما ذكر المالكي أن أبا المهاجر حينما اتجه إلى تلمسان لم يستخلف أحداً وهو ما يؤيد الراي القائل بأنه نزل بمدينة دكرور حيث أنها مدينة بربرية فلا محل لحراستها و ترك حامية بها في حين لو كانت مدينة حديثة البناء لترك بها من يحميها.

- بالغت المصادر عما فعله أبو المهاجر بمدينة القيروان، فلو كان د هدمها وخرب دورها لاستغرق عقبة في ولايته الثانية وقتا طويلا لإعادة تجديدها، ولا تحدثنا المصادر أنه أنفق هذا الوقت الطويل في ذلك، ويمكن القول أن أبا المهاجر أمر بهجر القيروان وإفراغها.

- تشير المصادر أن أبا المهاجر قام من قاعدته بنشاط ملحوظ ضد الروم في قرطاجنة وضد البرانس الذي كانت زعامتهم في هذه الفترة بيد أمير قبيل أوربة كسيلة بن لمزم.

- كان عامة البربر يكرهون التواجد البيزنطي ببلادهم على اعتبار أنه نفوذ أجنبي، كما كان يبغضه نصارى البربر نظراً للسياسة الدينية المخالفة لمذهبهم، لكن سياسة التسامح الديني الت انتهجها الإمبراطور قسطنطين الرابع واهتمامه بإفريقية جعلت البربر يميلون إلى التحالف مع الروم ويرضون بمعونتها، فجمع كسيلة جيشا من البربر للتصدي للعرب.

- لم تذكر المصادر وقوع حرب كبيرة بين الطرفين ويبدوا أن كسيلة قد وقع في الأسر فاستلطفه أبو المهاجر واستماله إلى الإسلام، وبذلك أتم أبو المهاجر حملته على تلمسان حيث حفر بها يعونا عرفت باسمه (عيون أبي المهاجر)، ومنها وجه حسين بن عبد الله الصنهاجي إلى جزيرة شريك فافتتحها وراسل ابا المهاجر يعلمه بذلك فانصرف إليه، وهناك من يشير إلى أن أبا المهاجر صالح أهل قرطاجنة قبل أن يغادرها.

- يُعد فتح جزيرة شريك نقطة مهمة في فتوح أبي المهاجر، ولا يعود ذلك لأهمية الجزيرة إنما لكون فاتحها قائداً بربريا من قبيلة صنهاجة (حسين بن عبد الله الصنهاجي).

- بعد ذلك عاد أبو المهاجر إلى قاعدته (تاكيروان أو دكرور) حتى عُزل سنة 62هـ في فترة الخليفة يزيد بن معاوية.

تقييم لدور أبي المهاجر

إن نظرة عادلة لسياسة القائد تقودنا إلى حتما إلى الاعتراف بأهمية دوره في تقدم حركة الفتح في المغرب الأوسط ونشر الإسلام بين أهله، حيث تذكر المصادر أنه كان أول قائد وطئت خيله هذه البلاد (المغرب الأوسط) كما كان لسياسته السمحة تأثير كبير في نفوس البربر.

الولاية الثانية لعقبة بن نافع

- تولى يزيد بن معاوية الخلافة سنة 60 هـ وقام سنة 62هـ بإعادة عقبة بن نافع إلى ولاية إفريقية.

- بدأ عقبة ولايته بالاقتصاص من أبي المهاجر فقبض عليه وقام بتوثيقه وأخذه معه أثناء خروجه للغزو.

- أعاد عقبة الناس إلى القيروان واعاد تجديدها وإعمارها ثم خرج على رأس جيش لغزو بلاد المغرب واستخلف على القيروان زهير بن قيس البلوي.

- اتجه عقبة بداية إلى مدينة باغاية بجبال الأوراس والتحم مع حاميتها الرومية والبربر في تلك الناحية ودفعهم إلى التحصن في حصونهم وداخل هذه المدينة، فلم يقم بحصارهم واتجه إلى إقليم الزاب وعسكر قرب أذنة وتمكن من هزيمة الروم ومن معهم من البربر وألجأهم إلى الحصون.

- اتجه عقبة بعد ذلك إلى نواحي نهر الشلف حيث تتمركز قبيلة برفجانة أين واجهته قوات كثيرة من البربر والروم.

- بعد ذلك توجه عقبة إلى السوس الأدنى وعاصمته طنجة فقابله حاكمها الذي تسميه المصادر بيوليان حيث هادنه وقدم له الهدايا واستفهم منه عقبة عن حال الأندلس فعظمها عليه، فتوجه عقبة إلى السوس الأقصى وبها مضارب أهل اللثام من بطون قبيلة صنهاجة وواصل حتى بلغ المحيط الأطلسي وقد بنى عقبة بهذه المناطق عدة مساجد لنشر الإسلام.

- وفي طريق عودته عمل عقبة على نشر الإسلام بين عدة قبائل مغربية (حاحة، رجراجة، صودة) وترك بين البربر واحداً من أصحابه يعلمهم تعاليم الدين الحنيف.

- في مضارب دكالة (فرع من صمودة) عانى عقبة من عدة صعوبات، وقتل كثير من أصحابه بعد أن رفضت هذه القبيلة الإسلام، ويشير ابن خلدون أن مصمودة حاصرت عقبة وجيشه فهبت قبائل زناتة لفك الحصار عنه.

- بعد ذلك لم تصادف عقبة متاعب كثيرة حتى وصل مدينة طبنة (بريكة حاليا) فأمر جيشه بمواصلة المسير إلى القيروان (بينهما حوالي 8 أيام) وبقي هو في عدد قليل من الفرسان يريد تصفية بعض قلاع الروم.

- لما رأى الروم قلة جيش عقبة طمعوا فيه وراسلوا كسيلة قائد البربر الذي لم يتوان في الثأر لكرامته والانتام من عقبة وكله بما فيهم أبو المهاجر الذي ظل مع عقبة.

- تكر بعض الروايات (السلاوي صاحب كتاب الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، وابن خلدون في كتاب العبر) أن بعض أصحاب عقبة وقعوا في أسر كسيلة مثل يزيد بن خلف العبسي ومحمد بن أوس الأنصاري، فتدخل صاحب قفصة المسلم (ابن مصاد) لدى كسيلة حتى قبل الفدية فيهم وأرسلهم إلى القيروان.

- أثرت هذه الحادثة على معنويات المسلمين في إفريقية ودفعتهم إلى الانسحاب نحو المشرق في حين بقي زهير بن قيس البلوي في برقة ولم يبق بالقيروان إلا قلة من المسلمين ودخل كسيلة القيروان وظل حاكما بها مدة خمس سنوات وأعطى الأمان للمسلمين.

بين كسيلة وعقبة

- بعد عودة عقبة إلى ولاية القيروان قام بإهانة أبي المهاجر انتقاما منه، كما أهان كسيلة وقلل من شأنه نظراً لعلاقته بأبي المهاجر غير أن المصادر تبالغ في مقدار هذه الإهانة (قصة أمره بذبح الشاة) وأن عقبة قام بسجنه أيضا.

- لعل ابرز ما يمكن قوله في العلاقة بين الرجلين أن عقبة قلل من شأن كسيلة ومن ورائه البربر ولم يعطه تلك المكانة التي كانت له في زمن أبي المهاجر، ولم يبالغ في إهانته وتصفيده كما تذكر المصادر ذلك أن كسيلة استطاع الفرار من معسكر عقبة بسهولة وحتى دون أن يشعر هذا الأخير، كما أن عقبة لم يهتم كثيراً بأمر فراره ولو كان قد أهانه حقا لأخذ احتياطاته أثناء عودته ولم يبق مع عدد قليل من جنده.

- لم تشر أغلب مصادر الفتح إلى أن كسيلة قد ارتد عن الإسلام، ولعل ما يعزز رأي بقائه مسلما معاملته لأهل القيروان والمسلمين ببلاد المغرب عامة، وعدم مساسه بالآثار الدينية بالقيروان.

حملة زهير بن قيس البلوي

- بعد حادثة تهودة مكث كسيلة حاكما بالقيروان مدة خمس سنوات.

- عرفت هذه الفترة انشغال الأمويين بأحداث المشرق لذلك لم يرسلوا جيشا للثأر لعقبة، حيث توفي الخليفة يزيد بن معاوية بعد فترة قصيرة من معركة تهودة ولم تطل فترة حكم خليفته معاوية الثاني حيث سلم الخلافة بعد ثلاثة أشهر إلى مروان بن الحكم الذي انشغل بالحروب بين القيسية والكلبية، وعرف عهد خليفته عبد الملك بن مروان مشاكل بين الشيعة والخوارج إضافة إلى ثورة الزبيريين.

- عندما استقرت أمور الخلافة تم تعيين زهير بن قيس البلوي واليا على إفريقية فتوجه إليها بجيش قدره المالكي ب6 آلاف رجل منهم ألفين من البربر والباقي من العرب.

- زحف زهير بجيشه تجاه القيروان وعسكر قربها، في حين خرج كسيلة بجيشه من هذه المدينة إلى قرية سبيبة قرب وادي ممس.

- بنى كسيلة استراتيجيته على نقطتين: 01/ إخلاء القيروان كونها غير محصنة تحصين جيداً وبها عدد من المسلمين يخاف من انقلابهم عليه.

2/ اختيار مكان ملائم للمعركة بحيث يمكنه تتبع المسلمين إذا انتصر أو التحصن بالجبال إذا انهزم.

- التقى الطرفان في معركة شديدة انتهت بمقتل كسيلة وانهزام جموعه، وتذكر المصادر أن جيش زهير تتبع فلول المنهزمين إلى غاية واد ملوية وهو أمر مستبعد نظراً لبعده عن مكان المعركة.

- عاد زهير إلى القيروان واصلح أمورها ثم قفل عائداً إلى المشرق وترك حامية بالقيروان لحمايتها ولم تشر النصوص إلى أنه خلف نائبا عنه بالمدينة.

- برر المؤرخون سبب عودة زهير المسرعة بكونه شخصية زاهدة يحب البساطة في العيش ويبتعد عن زينة الدنيا، غير أن هذا التبرير فيه قول خاصة إذا علمنا أن إفريقية في هذه الفترة لم تعد أرض رفاهية في العيش بل أرضا مضطربة تسودها الصراعات.

- ربما جاء انسحاب زهي من القيروان كونه رأى أن مهمته التي جاء من أجلها انتهت بمقتل كسيلة.

- أثناء عودته بلغ زهيراً أن الروم قد أغاروا على برقة فتقدم بسرعة مع نفر يسير من جيشه في حين بقي أغلب الجيش يسير سيراً عاديا.

- لما وصل زهير وجد أن قوة الروم أكبر مما كان يتوقع كما أنهم أسروا عدداً كبيراً من المسلمين أخذوا يستغيثونه بمجرد أن رأوه، فما كان منه إلا أن دخل مع الروم في معركة غير متكافئة انتهت بمقتله ومن معه.

- ارتكب زهير خطأ استراتيجيا كبيراً بعودته مسرعا من القيروان حيث ترك بها فراغا سياسيا أدى إلى نشوب الفوضى والفتن.

فتوحات حسان بن النعمان

تولى حسان بن النعمان قيادة جيش المسلمين في بلاد المغرب بعهد من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في حدود سنة 73ھ/692م، ويختلف المؤرخون كثيرا في تاريخ تعيينه هذا، كما يختلفون في تاريخ بداية حملته العسكرية ضد الروم بقرطاجنة والكاهنة منطقة الأوراس بالمغرب الأوسط، والأرجح أنه بدأ يحارب الروم بقرطاجنة سنة 76هـ/ 695م حيث قدم إليهم بجيش ضخم قوامه أربعين ألف جندي، فتمكن من القضاء عليهم وتبديد شملهم، وتخريب مدينتهم، ففروا ناحية مدينة باجة، وفر بربر تلك المنطقة إلى ناحية بونة.

وفيما يخص مقاومته لزعيمة البربر بعد کسيلة، الكاهنة رئيسة قبيلة جراوة بناحية الأوراس" بالمغرب الأوسط، فقد كان في نفس السنة، حيث عاد حسان بجيشه إلى القيروان بعد هزيمته للروم بقرطاجنة، لإعادة تنظيم صفوفه، ولما جهز جيشه من جديد قال لأهل القيروان "دلوني على أعظم من بقي من ملوك إفريقية"، فدلوه على امرأة من البربر تدعى الكاهنة ، فتجهز لحربها بجيش جرار، وكانت أول حملة عسكرية لحسان على بلاد المغرب الأوسط.

ولما سمعت الكاهنة مقدمه جمعت جيشا ضخما وعسکرت بمدينة باغاية، وأخرجت منها الروم ثم هدمتها، ضنا منها أنه يريد الحصن به، أما حسان فقد أكمل طريقه إلى المغرب الأوسط وعسكر بوادي مسکيانة (جنوب شرق ولاية أم البواقي حاليا)، فقيل له أن الكاهنة قد أقبلت في عدد لا يحصيه إلا الله تعالى، فقال "دلوني على ماء يسع العسكر الذي أنا فيه"، فدلوه على نهر أو واد نيني، فزحفت إليه الكاهنة بجيوشها حتى أتت أسفل النهر، وحسان كان في أعلاه، وفي صباح الغد حدثت معركة مهولة بين الجيشين، حيث عظم البلاء وظن المسلمون أنه الفناء، وانهزم حسان وجنده، في ضفاف هذا النهر الذي أصبح يدعى بنهر البلاء، كما سمي وادي العذارى"، وانسحب ناحية القيروان وطاردته الكاهنة حتى خرج من مدينة قابس بالمغرب الأدني، فالتجأ حسان إلى برقة، وبقي بها خمس سنين ينتظر المدد من الخلافة الأموية بالمشرق، وخلالها بنا قصورا مميت بقصور حسان.

وقد أسرت الكاهنة في هذه المعركة ثمانين رجلا من المسلمين، أطلقت سراحهم جميعا ما عدا خالد بن يزيد العبسية الذي اتخذته ولدا لها. وملكت بذلك الكاهنة بلاد المغرب مدة خمس سنين، وقد ارتكبت خلال هذه المدة خطأ كبيرا، حيث قامت بتحطيم وتخريب بلاد المغرب، ظنا منها أن المسلمين قدموا للاستيلاء على خيرات هذه البلاد، ويذكر ابن عذارى أنها قالت للبرير: "إن العرب (يقصد هنا للمسلمين ككل) إنما يطلبون من إفريقية المدائن والذهب والفضة، ونحن إنما نريد منها المزارع والمراعي، فلا نرى لكم إلا خراب بلاد إفريقية كلها، حتى ييأس منها العرب، فلا يكون لهم رجوع إليها إلى آخر الدهر". فتضرر البربر من سياستها هذه، وسخطوا عليها، وبدأوا في تغيير ولائهم لحسان والتخلي عن نصرتها، ويذكر الرقيق القيرواني أنه لجأ أهل مدن قفصة وقسطيلية ونفزاوة وحوالي ثلاثمائة رجل من النصارى يستغيثون إليه من الكاهنة فيما نزل بهم من خراب، كما يذكر ابن عذارى أنه خرج يومئذ من المغرب خلق كثير من النصارى والأفارقة، مستغيثين مما نزل بهم من الكاهنة، فتفرقوا على الأندلس وسائر جزر البحر الرومي.

وفي تلك الأثناء كان حسان مرابطا بمدينة برقة، ويعد العدة للزحف على المغرب الأوسط من" جديد والقضاء على الكاهنة، وقد عمد إلى إرسال رجل يثق به إلى خالد بن يزيد العبسي أسير الكاهنة، لكي يتقصى له أمرها وأحوال بلادها ورعيتها، وقد تمكن من الحصول على معلومات مهمة تتمثل بالخصوص في سخط الرعية من سياسة الكاهنة التي أثقلت كاهلهم.

ولما وصله المدد من المشرق في حدود سنة 81ھ/700م وأصبحت الظروف كلها في صالحه وضد الكاهنة، انطلق في حملة ثانية على المغرب الأوسط بجيش جرار مصمما على القضاء عليها وعندما علمت الكاهنة بمقدمه رحلت من جبل أوراس في خلق عظيم، وأوصت خالد بن يزيد العبسي أن يستأمن لولديها عند حسان وأن يقبلا عليه، وتنبأت بمقتلها، ولكن قررت للمقاومة حتى الموت.

ويذكر المالكي أن الجمعان التقيا ناحية قابس، فانهزمت الكاهنة، وفرت مع من بقي من جندها إلى قلعة بُشر لكي تتحصن بها ولكنها وجدتها مخربة، فانتقلت ناحية جبال الأوراس، ومعها صنم عظيم من خشب كانت تعبده، يحمل بين يديها على جمل، ولحقها جند حسان، فاقتتلا الجمعان وانهزمت الكاهنة وقتلت عند بئر سماها المسلمون "بئر الكاهنة".

أما البربر فقد طلبوا الأمان من حسان، فأمنهم واشترط عليهم أن يعطوه من جميع قبائلهم اثنا عشر ألف فارس يكونون مع المسلمين مجاهدین، فأجابوه وأسلموا، فعقد لولدي الكاهنة بعد إسلامهما لكل واحد منهما على ستة آلاف فارس من البربر، وانضموا للمجاهدين لاستكمال فتح بلاد المغرب، فانصرف حسان إلى القيروان بعدما تأكد من أن البربر بناحية الأوراس قد حسن إسلامهم وذلك في شهر رمضان سنة 82هـ/ أكتوبر 701م.

تمثل نهاية مقاومة الكاهنة بمنطقة الأوراس بالغرب الأوسط، منعرجا حاسما في عملية الفتح الإسلامي للمغرب الأوسط، فقد دخلت هذه المنطقة بأسرها في الإسلام، حتى أصبح أكثر جيش حسان من البربر، وقد عمد هذا الأخير بعد أن استقامت له بلاد المغربين الأدنى والأوسط إلى تدوین الدواوين، وتنظيم الخراج، ووضع النظم الإدارية.[1]

فتوحات موسى بن النصير

تولی موسی بن نصير ولاية المغرب في حدود سنة 83ھ/702م بعهد من والي مصر عبد العزيز بن مروان الذي قام بعزل حسان بن النعمان قيل لثأر شخصي بينهما، فقدم موسى إلى إفريقية فخطب في الجنود الذين استغربوا لعزل قائدهم حسان الذي يكنون له التقدير والاحترام، فبرر في خطبته سبب العزل حيث قال بأنه بسبب كفره بالنعمة وتطاوله على أولي الأمر والنهي، وأمر موسی بصرف رواتب الجند ثلاث أضعاف ما كانت عليه في عهد حسان لكي يستميلهم نحوه ويتناسوا ما حدث من عزل، وافتتح عهده بإفريقية بعزل نائب حسان ومساعديه وتغريمهم وتصفيدهم في الحديد وترحيلهم إلى المشرق.

وفيما يخص فتوحاته في المغرب فقد فتح أولا قلعة زغوان ونواحيها، ثم أكمل فتوحه وتوجه غربا إلى المغرب الأوسط وشمل نشاطه قبائل هوارة وزناتة وكتامة وصنهاجة، ثم اتجه إلى المغرب الأقصى وأخضع قبيلة أوربة، ثم عاد إلى القيروان للاستعداد من جديد، فنظم جيشه وتوجه إلى المغرب الأقصى في حملة أخرى فأخضع السوس الأقصى، والمصامدة في جبال درن، كما فتح السوس الأدنى وعين واليا عليها، ثم فتح طنجة وولى عليها طارق بن زیاد، ولم تبق غير مدينة سبتة التي استعصت على المسلمين لحصانتها الطبيعية والصناعية ومساعدة ملوك القوط لحاكمها يوليان.

وباستيلاء المسلمين على طنجة قاعدة المغرب الأقصى وتحويلها إلى رباط عسكري بقيادة طارق بن زياد يكتمل فتح للمغرب الأقصى ويعود موسی بن نصير إلى القيروان.

بدايةنهاية
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)