نظريات الاتصال

التعريف بالنظرية القيمية في الإعلام

إنّ (ن ح ق في إ) [1] تختلف عن النظريات الغربية السابقة، خصوصا نظرية مارشال ماكلوهان، على مستوى القيمة التي يعتبرها عبد الرحمن عزي نوعا من التعبير عن الذات والتميّز الثقافي والحضاري، حيث يعتمد عبد الرحمن عزّي على القيم لتحقيق التنوع الثقافي الإيجاب.

وتأتي أهميّة هذه النظرية "الحتمية القيمية في الإعلام " بالنظر إلى جملة القضايا التي يعيشها العالم العربي والإسلامي في وقتنا الراهن، وفي مقدمتها الوضع الإعلامي والغزو الثقافي الّذي اشتدت حدته مع رياح العولمة، وانعدام الفعالية الحضارية التي تميز معظم دول العالم الإسلامي في عصر التكنولوجيات الرقمية المتطورة، والتغريب الذي طبع العلوم الاجتماعية والإنسانية السائدة والتي اقتبسها العالم العربي الإسلامي بحذافيرها على الرغم من الاختلاف الكائن ما بين المرجعية الإسلامية عن الحضارة الغربية. وتأتي الحتمية القيمية الإعلامية بمثابة رؤية نظرية جديدة في مقابل الحتميتين الرئيسيتين وهما: الحتمية التكنولوجية (technological determinism) والحتمية الاجتماعية (social determinism)، وفيما إذا كانت الحتمية التكنولوجية تعني أنّ تطور التكنولوجيا[2] هو الّذي يقود قافلة التغير الاجتماعي والاقتصادي، فإنّ الحتمية الاجتماعية تشير إلى أنّ الحركة الاجتماعية بتوجّهاتها وقوانينها وقيمها ومقاييسها الأخلاقية والاجتماعية هو الذي يفسر عملية التغيير، في حين أنّ الحتمية القيمية هي ربط بين الواقع وبين ما ينبغي أن يكون عليه، وبهذا الاعتبار فغنّها تستمد أهميّتها من كونها تضيف في الدراسات الإعلامية من جهة، ومن كونها إسهاما في مواجهة التحديات الإعلامية القائمة من جهة أخرى فالفكرة الرئيسية للنظرية القيمية في الإعلام هي أنّ الإعلام إنّما هو رسالة، وأنّ أهم ما يمكن أن تقاس به الرسالة هو القيم الّتي تمثلها تلك الرسالة، وأنّ القيم في أساسها ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعتقدات.

- القيمة[3] هي إيمان (قناعة) الإنسان بأهداف مقدّسة (أو مشروعة) تعطيه معايير للحكم على الأشياء والأفعال بالحسن والقبح أو بالأمر والنهي...كما تعكس القيم أهدافنا، واهتماماتنا، وحاجاتنا، والنظام الاجتماعي والثقافي الّذي تنشأ فيها لما تتضمنه من نواحي دينية واقتصادية وعلمية.

والملاحظ في الدراسات الإعلامية أنّ هناك إهمالاً لدراسة القيم وكذا الدراسات الاجتماعية ذات التأثير القيمي رغم ارتباطها بالظاهرة الاتصالية والإعلامية في حين برزت دراسات تهتم بالقيم في الدراسات الاقتصادية وعلم النفس الاجتماعي نتيجة كثرة جرائم التزوير والاختلاس وتبيض الأموال وعلاقة ذلك بالقيم، ويعود السبب في قلة البحوث العلمية الجادة في علوم الاتصال والإعلام في مجال القيم، إلى صعوبة هذا النوع من الدراسات من جهة لأنها بحوث معيارية (تدرس ما يجب أن يكون) وليس ما هو كائن فعلاً، ومن جهة أخرى أن القيم لم تعد تشكل اهتماماً بالغاً وهاجساً كبيراً لدى كثير من الدوائر العلمية في زمن التدفق الحر للمعلومات، وسطوة التكنولوجيات على حياة الأفراد.

أما نظرية "عبد الرحمن عزي" جاءت لتعيد للقيم دورها في أي حركة يقوم بها الإنسان، فالرأسمال القيمي مرتبط بقيم المجتمع ومعانيه الثقافية التي تشكل هويته وانتماءه إلى بيئة حضارية ذات أبعاد إنسانية عالمية وينتمي الرأسمال القيمي إلى مجال التدافع الذي يضمن الحراك الاجتماعي التاريخي، في علاقته مع القيمة والتضاد بين الخير والشر، إذ على مستوى القول (الرمزي) أو الفعل (السلوك الفردي والاجتماعي) يكون الرأسمال القيمي المرجع في كل أداء من الرأسمال المادي والرأسمال الرمزي، فالترابط بين العناصر الثلاثة المكونة للرأسمال أساس البناء الحضاري.

إليك الجدول الموالي يلخص مفهوم الحتمية القيمية عند عبد الرحمن عزّي:

مفهوم الحتمية القيمية عند عبد الرحمن عزّي

  • القيــــم مصدرها الدين

  • النشاط المنطقي كالفهم والإدراك والتأويل مصدرها العقل

  • الفعل أو حركة الإنسان مع واقعه (الملموس والمحسوس) مصدرها السلوك

  1. ن ح ق إ: نظرية الحتمية القيمية في الإعلام

  2. التكنولوجيا

    هي سلسلة التطورات التي حدثت في ميدان علوم الإعلام والاتصال ومختلف المجتمعات بداية من الصحافة المطبوعة وصولا إلى وسائل الإعلام الإلكترونية.

  3. القيمة

    هي رسالة تسمو وتدنو بالمجتمع والإنسان الحامل لها .

PreviousPreviousNextNext
HomepageHomepagePrintPrintCreated with Scenari (new window)