ماهية الحكم الراشد
تعريف :
لغة: وفقا للمعجم الوسيط (مجمع اللغة العربية، القاهرة ) يقال: حكم:أي قضى، ويقال: حكم له وحكم عليه، وحكم بينهم فالحكم يقوم على القضاء بين الناس . يعني الحكم: العلم والتفقه أي العلم بالقواعد القانونية وبتفسيرها. حيث ورد في القرآن الكريم "" ولقد أتينا لقمان الحكمة "" يعني الحكم الحكمة والمصلحة العامة في القضاء، وقد جاء في لسان العرب الإمام أبي الفضل جمال الدين المصري أن الحكمة تعني العدل، وقاموس المورد لمينير بعلكي فترجم governance بالحاكمة أما اصطلاحا فكلمة حكم تعني:"ممارسة السلطة وإدارتها لشؤون المجتمع وموارده، وتوجيه تطوره الاقتصادي والاجتماعي ليشمل مؤسسات الدولة الدستورية من سلطات تشريعية، تنفيذية، قضائية بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ".
[1]اصطلاحا:
قبل التطرق إلى ماهية الحكم الراشد لابد من التفرقة بين المصطلحين مختلفين هما: أسلوب الحكم والحكم الراشد، حيث أن أسلوب الحكم يعني مجموعة من القواعد والمؤسسات والعمليات التي تمارس من خلالها السلطة في الدولة، وهي إذن تتصل بالسياسة والأبعاد السياسية بالمعنى الشامل، أما الحكم الراشد فانه يتعلق بدراسة العناصر التي تجعل تلك الآليات والقواعد المؤسسية والعمليات تتسم بالفاعلية، كحكم القانون، رشادة عملية صنع القرار، الشفافية، المساءلة، التمكين، حقوق الإنسان.( 1[2][2])
يرجع بروز مفهوم الحكم الراشد إلى عدة أسباب سواء من الناحية العملية أو النظرية، حيث يعتبر الحكم الراشد انعكاس لتطورات وتغيرات حديثة ظهرت في التغير الذي حدث في طبيعة دور الحكومة من جهة والتطورات المنهجية والأكاديمية من جهة أخرى إذ طرح المفهوم في سياقات اقتصادية، سياسية وثقافية وتأثر بمعطيات أخرى داخلية ودولية ،ويستخدم مفهوم الحكم الصالح (la Bonne Gouvernance) (Good Governance) منذ عقدين من الزمن من قبل مؤسسات الأمم المتحدة لإعطاء حكم قيمي على ممارسة السلطة السياسية لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تنموي و تقدمي، وهناك العديد من الاجتهادات في مسألة تعريف الحاكمية الرشيدة، وأغلب التعريفات تذهب ببعدها السياسي أكثر من الاتجاهات الأخرى، وسنحاول فيما يلي التطرق إلى أهم التعاريف حول هذا المصطلح: يقصد بالحاكمية "gouvernance" أسلوب وطريقة الحكم والقيادة، تسيير شؤون منظمة قد تكون دولة، مجموعة من الدول، منطقة، مجموعات محلية، مؤسسات عمومية أو خاصة. فالحاكمية ترتكز على أشكال التنسيق، التشاور، المشاركة والشفافية في القرار( 2[3]).
فالحاكمية الرشيدة هي عبارة عن حكم يقصد فيه ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية والإدارية لتسيير شؤون الدولة، وهي تشتمل على الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وتعمل على تفعيل مفهوم المشاركة فيما بينها( 3[4])
تعريف البنك الدولي:
يـــعـــرف البنك الدولي الحكم الرشيد بأنه التقاليد والمؤسسات التي من خلالها تتم ممارسة السلطة في الدول من أجل الصالح العام، وهذا التعريف يشمل:
• عملية اختيار القائمين على السلطة و رصدهم واستبدالهم.
• قدرة الحكومات على إدارة الموارد وتنفيذ السياسات السلمية بفاعلية.
• احترام كل من المواطنين والدولة للمؤسسات التي تحكم التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية فيما بينها( 04[5] )
تعريف صندوق النقد الدولي: إن تعريف صندوق النقد الدولي لا يختلف في مضمونه عن تعريف البنك الدولي، فيعرفه على أنه:"الطريقة التي بواسطتها تسير الموارد الاقتصادية والاجتماعية 1 لخدمة التنمية، وذلك باستخدام طرق فعالة في التسيير بأقل التكاليف وتحقيق أكبر المنافع( 5[6]).
تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فان مفهوم الحاكمية الرشيدة: "هو ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون الدولة على كافة المستويات، ويشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التي من خلالها يعبّر المواطنون والمجموعات عن مصالحهم ويمارسون حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم ويقبلون الوساطة لحل خلافاتهم". ( 6[7])
تعريف تقرير التنمية الإنسانية العربية:
وفقاً لتقرير التنمية الإنسانية العربية (2002) فان الحكم الراشد: "هو الحكم الذي يعزز ويدعم ويصون رفاه الإنسان ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرّياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويسعى إلى تمثيل كافة فئات الشعب تمثيلاً كاملاً وتكون مسؤولة أمامه لضمان مصالح جميع أفراد الشعب( 7)[1][1]
أما كلا من " ماركو رانيجيو" و" تيبولت" Marco, Rangeon et Thiebault فيعرفان الحكم الراشد بأنه هو تلك الأشكال الجديدة والفعالة بين القطاعات الحكومية والتجمعات الخاصة بالمواطنين، أو أشكال أخرى من الأعوان يأخذون بعين الاعتبار المساهمة في تشكيل الحكومة ( 2[3])
تعريف المشرع الجزائري للحكم الراشد: أشير لمصطلح الحكم الراشد في قانون 06/06 المتضمن القانون التوجيهي للمدينة،في الفصل الأول المتعلق بالمبادئ الأولى في مادته الثانية، حيث عرفه بأنه :"الحكم الذي تكون بموجبه الإدارة مهتمة بانشغالات المواطن،وتعمل في إطار المصلحة العامة في إطار الشفافية ،" كما تحدث عنه في المادة 11 في نفس القانون في أطار تسيير المدينة ،حيث تحدث عن ترقية مفهوم الحكم الراشد في مجال تسيير المدن والذي يكون عن طريق:
تطوير أنماط التسيير العقلاني باستعمال وسائل الحديثة .
توفير وتدعيم الخدمة العمومية باستعمال الوسائل والأساليب الحديثة.
توفير وتدعيم الخدمة العمومية وتحسين نوعيتها.
الملاحظ إذا من خلال هذا العرض لعدد من التعاريف للحكم الراشد، وما يمكن أن نستخلصه بأن الحكم الراشد تحديدا هو الحكم الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة وكوادر إدارية ملزمة بتطوير موارد المجتمع وبتقدم المواطنين وبتحسين نوعية حياتهم ورفاهيتهم، و ذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم( 04[5])