3 – الربط بين نظرية النظم ولسانيات النص

أشار عبد القاهر الجرجاني في كثير من المواضع إلى الوسائل التي تعمل على تحقيق التماسك والانسجام بين أجزاء الكلام؛ فقد تطرق الى الاحالة الى الضمير، والتقديم والتأخير والوصل والتكرار والحذف وغيرها من الأدوات .

الإحالة بالضمير

وناخذ مثالا عن ذلك : اغسل وانزع نوى ست تفاحات ،ضعها في طبق مقاوم للنار . وقد علقت على هذا المثال :فالضمير هو الرابط الذي يضم الجملة الثانية الى الأولى في وحدة تفيد العلم بطلب معين، وإذا وضع المتكلم كلمة تفاحات بدلا من الضمير ،فإن الرابط هنا هو تكرار كلمة (تفاحات) عوضا عنه .

التقديم والتأخير

ولا مشاحة أنّ التقديم والتأخير في الخطاب، يحمل أغراض ومعاني جديدة في التركيب اللغوي، بل يُعد من محاسن القول وبلاغته فهو "باب كثير الفوائد، جمّ المحاسن ، واسع التصرف، بعيد الغاية، لا يزال يفتر لك عن بديعه، ويفضي بك إلى لطيفة، ولا تزال ترى شعرا يروقك مسمعه، ويلطف لديك موقعه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء، وحول اللفظ عن مكان إلى مكان".

الحذف

لا مُمَاحَكة أنّ مصطلح الحذف له نصيب أوفر في البلاغة العربية، بل يُعد طيف من أطياف الخطاب العربي، لأنه يُعنى به النحوي والبلاغي والأسلوبي والتداولي، ولا شك أنّه يحمل معه معاني وأغراض ومقاصد كثيرة تتعطش لها النّفس وتطمح إلى الارتواء من منابعه، لأنّ النّفس بطبعها دائما تتجنب المّلل والضّجر، والعرب على سليقتهم الأولى أولوا أهمية بالغة لهذه الظاهرة، لذا يُعدُ أحسن الكلام وأجلّه "إذا خفّ واعتدل وحسن موقعه من النّفس، وإذا طال وثقل اشتدّت كراهة النّفس له".

البذور النصية عند العرب