أ- مفهوم اللسانيات النصية
جاءت لسانيات النص بديلا معرفيا عن لسانيات الجملة ، وهو فرع معرفي جديد ظهر في النصف الثاني من الستينيات والنصف الأول من السبعينيات من القرن العشرين ، والذي تعتبر النص الوحدة اللسانية الكبرى للتحليل، " إذ يعرفها "صبحي الفقهي بأنها "ذلك الفرع من فروع علم اللغة ، الذي يهتم بدراسة النص باعتباره الوحدة اللغوية الكبرى ، وذلك بدراسة جوانب عديدة أهمها الترابط أو التماسك ووسائله، وأنواعه والإحالة أو المرجعية ، وأنواعها والسياق النص، ودور المشاركين في النص (المرسل والمستقبل ).وهذه الدراسة تتضمن النص المنطوق والمكتوب على حد سواء" 2[1] .، كما أنها تتناول موضوعات ومستويات أعمق من نطاق الجملة ، فهي "تتناول كل "أشكال الأبنية وأنواع السياقات ومستويات اللغة ، ودرجات الربط النحوي،والتماسك الدلالي والنماذج الهيكلية المتنوعة ، النظرية والتطبيقية" 3[2]. كما يمكن القول بأن اللسانيات النصية كعلم وكوحدة كبرى "يراعي في وصفه تحليلاته عناصر أخرى لم توضع في الاعتبار من قبل ، ويلجأ في تفسيراته الى قواعد دلالية ومنطقية إلى جوار القواعد التركيبية ، ويحاول أن يقدم صياغات كلية دقيقة للأبنية النصية وقواعد ترابطها،وبعبارة موجزة قد حددت للنص مهام بعينها لا يمكن أن ينجزها بدقة حد إذا التزم حد الجملة 4[3].
ويستخلص من كل هذه التعاريف السابقة، أنّ لسانيات النص لم تهتم بالجانب الشكلي المجسد في الاتساق وأدواته فحسب ، بل تهتم بدراسة النص وكيفية بنائه وتركيبه ، والكشف عن كل الأبنية اللغوية من حيث تمثيلها وطرق تماسكها من حيث هي وحدات لسانية كبرى.