أنواع الصدق
يرى علي ماهر خطاب (2000) ، أن الجمعية الأمريكية لعلم النفس في كتيب التوصيات للجمعية الصادر عام (1966) حددت ثلاثة أنواع من الصدق تشتمل على:صدق المحتوى ، الصدق المرتبط بمحك ، وأخيرا صدق التكوين الفرضي.
و لكن قبل أن نستعرض هذه الأنواع وأساليب التحقق منها ، نرى أنه من الضروري الإشارة إلى نوع آخر من الصدق ، كثيرا ما يرد ذكره في كتب القياس النفسي والتربوي وهو:
*الصدق الظاهري:
يعرفه (مجدي عبد الكريم حبيب،1996،ص197) بأنه"البحث عما يبدو أن الإختبار يقيسه"بمعنى أن الإختبار يتضمن مجموعة من البنود التي يبدو أنها على علاقة بالسمة التي وضع لقياسها ، وأن مضمون الإختبار متفق مع الغرض الذي وضع من أجله .
و يرى بشير معمرية (2007) أنه يشتمل على المظهر العام للإختبار أو الصورة الخارجية له ، من حيث نوع البنود وكيفية صياغتها ومدى وضوحها،كذلك يتناول تعليمات الإختبار ،ومدى دقتها ودرجة ما تتمتع به من موضوعية .
ويرى مروان أبوحويج وأخرون (2002) ، كذلك أنه كثيرا ما تكون دراسة الإختبار من ناحية الصدق الظاهري ، سببا في الكشف عن المفردات الضعيفة التي لا ترتبط كثيرا بالوظيفة المراد قياسها .
من هنا يمكن القول أن الصدق الظاهري أو كما يطلق عليه أيضا الصدق السطحي ، يمكن أن يكون مفيدا في بعض الأحيان ، لكن هناك طرق أخرى يمكن الإعتماد عليها أكثر في حساب الصدق وهي كالأتي:
2-3-1-صدق المحتوى: ويطلق عليه البعض الصدق المنطقي أو الصدق المضمون ، ويشير صدق المحتوى حسب(فاطمة عوض صابر ،2002،ص68) إلي "المدى الذي تبلغه البنود الموجودة في الإختبار أو أداة القياس في تمثيل المحتوى الذي أختير في الأصل لكي يتضمنه الإختبار".
ويرى بدر محمد الأنصاري (2000) أنه هنا نقوم بتحليل منطقي لمواد الإختبار وبنوده حتى نحدد الجوانب والمستويات الممثلة ونسبة كل منها إلى الإختبار ككل ، ثم نقوم بمسح لمجال السلوك المطلوب قياسه ، والتعرف على عوامله وأهمية كل عامل ، ونسبة تأثير هذا العامل على السلوك الذي يمثل الوظيفة ككل ، والأهمية النسبية لكل ناحية من النواحي المختلفة ثم نطابق بين الإختبار والوظيفة التي يقيسها على هذه الأسس ، لنتعرف على مدى تمثيل الإختبار للوظيفة المطلوبة وعواملها ومكوناتها ونسبتها .
بمعنى أن الإختبار يكون صادقا ، إذا كان المحتوى الذي نريد قياسه ممثلا تمثيلا صادقا لبنود الإختبار ، كما أن هذه الطريقة تدخل في المراحل الأولى لتكوين أي اختبار.
ويرى بشير معمرية (1996) أن هذه الطريقة تستعمل لقياس الإختبارات المدرسية التحصيلية وبرامج التدريب على الأداء والكفاءة المهنية ، كما أنه من الصعب حساب صدق المحتوى للإختبارات النفسية ، كسمات الشخصية والإتجاهات والقيم وغيرها .
ففي مجال قياس الشخصية قد يكون هناك بند يقيس الإنبساطية/ اللإنطوائية مثلا هل تفضل الذهاب إلى حفلة مع أصدقائك أو تبقى في المنزل لقراءة كتاب ؟ فإذا أجاب قراءة كتاب فهو انطوائي ولكن ربما يجيب هكذا لميله للمطالعة ، فهنا يظهر أن البند يقيس الميول ، فبالتالي ففي اختبارات الشخصية لايمكن اصدار حكم ، على أن بندا ما يقيس الخاصية التي وضع لقياسها.
2-3-2-الصدق المرتبط بمحك :
يرى فيصل عباس(1996) أن هذا الصدق يركز على مقارنة نتائج الرائز بمحكات ، والمحك قد يكون مستوى أداء الأفراد في نشاطات أخرى مثل التحصيل الجامعي ، أو الأداء على رائر آخر، وهذا يتم عادة بواسطة حجم الترابط بين الرائر والمحك.
وهناك نوعين من الصدق المرتبط بمحك وهما كاالتالي :
*أ-الصدق التنبؤي:
يشيرسامي محمد ملحم (2002) إلى أن صدق المحك التنبؤي هو إيجاد العلاقة بين نتائج الإختبار و نتائج محك نحصل عليها في المستقبل، في حين أن الغرض منه هو تحديد مدى إمكانية إستعمال علامات مقياس ما للتنبؤ عن علامات مقياس آخر يسمى المحك.
و يرى (موسى النبهان ،2004ص،283)أن إجراءات الصدق التنبؤي تتلخص بالخطوات التالية :
1-تحديد السلوك المحكي المناسب وطريقة قياسه.
2-تحديد عينة من الممتحنين الذين يمثلون من ستيم استخدام الإختبار لصالحهم .
3-تطبيق الإختبار ( المتنبأ ) على أفراد العينة و الإحتفاظ بسجل درجات لكل فرد .
4 –عندما تتوفر بيانات عن المحك، يتم جمع بيانات عن أداء كل فرد على المحك .
5 – تقدير قوة العلاقة بين الدرجات على الإختبار ( المتنبأ) و الدرجات على المحك.
و يقاس الصدق التنبؤى في إختبارما بإيجاد العلاقة أو الإرتباط بين الدرجات على الإختبار، والدرجات على مقياس المحك الذي يطبق بعد إجراء الإختبار، وبعد جمع البيانات عن المحك وحساب الدرجات على الإختبار نقوم بإيجاد العلاقة بينهما بأحد الطرق الثلاث الأتية :
1-طريقة النسب المئوية :
يشير مجدي عبد الكريم حبيب (1996) إلى أنه في هذه الطريقة يتم تقسيم الأفراد على أساس رتبهم في مقياس المحك ، إلى قسمين متقابلين كالناجحين في مقابل الفاشلين مثلا ، وحساب النسب المئوية من الأفراد الذين حصلوا على درجات مرتفعة أو متوسطة أو منخفضة في الإختبار في كل من المجموعتين ، ليتضح ما إذا كان ارتفاع الدرجات على الإختبار يصاحبه زيادة في نسبة النجاح أو الفشل ، فإذا كان الفرق جوهريا دل هذا على أن الإختبار صادق.
2- طريقة المتوسطات :
يرى تقوم هذه الطريقة على حساب دلالة الفرق بين متوسطات درجات مجموعتين متطرفتين من الأفراد في الإختبار ،احداهما أخذت تقديرا مرتفعا في مقياس المحك والأخرى أخذت تقديرا منخفضا في مقياس المحك ،فإذا ثبت أن هناك فرقا ذا دلالة إحصائية بين متوسطات درجات هاتين المجموعتين في الإختبار ،كان ذلك دليلا على صدق الإختبار بمعنى أنه يقيس الخاصية التي يعتمد عليها العمل أو الدراسة مستقبلا،
حسب(علي ماهر خطاب ،2000،ص168).
3-طريقة معامل الإرتباط:
نحسب معامل الإرتباط بين درجات عينة من المفحوصين على الإختبار ، ودرجاتهم على المحك، الذي طبق عليهم بعد مرور فترة زمنية طويلة فإذا وجد ارتباط قوي بين درجات الإختبار والمحك ، دل ذلك على قدرة الأداة على التنبؤ بالإختبار المستقبلي للمجموعة الإحصائية التي أخذت منها عينة المفحوصين ،حسب عفاف بنت راضي (مشخص اللحياني (2009) ، ويسمى معامل الإرتباط بين درجات الإختبار ودرجات المحك معامل الصدق التنبؤي.
*ب -الصدق التلازمي :
يرى( سبع محمد أبو لبدة ،2008،ص219) أن هذا النوع من الصدق "يحسب بإيجاد معامل الإرتباط بين نتائج الإختبار الجديد ، ونتائج المحك الذي قد يكون اختبار آخر أو معدل درجات الطلبة أنفسهم ،على أن يطبق الإختباران أو يطبق الإختبار الجديد وتجمع المعلومات على المحك في الفترة نفسها أو في فترات متقاربة".
إن هذا النوع من أنواع الصدق يستخدم عدة طرق لتقديرقيمة معامل الصدق تتمثل فيما يلي:
1-المجموعات المتضادة:
تستخدم هذه الطريقة حسب بدر محمد الأنصاري (2000) في حساب صدق اختبارات الشخصية على وجه الخصوص، فمثلا يمكن مقارنة آداء من يمارسون أعمالا قيادية بأداء من يمارسون أعمالا كتابية في اختبار معين للسمات الإجتماعية ليمكن حساب صدق هذا الإختبار، مفترضين أن الأفراد الذين يعملون بمهن معينة تتطلب التعامل الإجتماعي ، ويمكن استخدام جماعات معينة مثل الأسوياء في مقابل العصابيين عند حساب صدق اختبارات الشخصية التي تتعلق بالتكيف الإنفعالي أو الإجتماعي .
2- التقديرات :
يشير مجدي عبد الكريم حبيب (1996) إلى أنه هنا تطلب من الفاحص أن يعطي تقديرا للمفحوص في خصائص معينة مثل السيطرة أو القيادة أ والأصالة أو الإبتكار ، وذلك لصعوبة الحصول على محكات موضوعية في ميدان إختبار الشخصية وخاصة بالنسبة للسمات الإجتماعية، التي لا يمكن الحكم عليها إلا عن طريق التقديرات المعتمدة على العلاقة الشخصية والتقديرات هنا تصبح في حد ذاتها محكا نعتمد عليه في حساب الصدق التلازمي .
3-معامل الإرتباط بين المقياس وغيره من المقاييس:
حيث يحسب معامل الإرتباط بين المقياس وغيره من المقاييس التي تقيس نفس السمة،ومن المهم أن يكون الإرتباط إيجابيا ومرتفعا بينهم كدلالة عن الصدق التلازمي للمقياس الجديد.(عفاف بنت راضي مشخص اللحياني،2009).
يعتبرالصدق التلازمي أكثر ملائمة لإختبارات الشخصية ،لأن الباحث يلجأ إليه كحل وسط للصدق التنبؤي ومايتطلبه من وقت طويل.
2-3-3-صدق التكوين الفرضي :
يسمي صدق البناء او السمة أو صدق المفهوم ويقصد به حسب(أحمد محمد الطيب ،1999ص،211) "مدى قياس الإختبار لتكوين فرضي معين أو سمة معينة "مثل الذكاء والفهم الميكانيكي و الطلاقة اللغوية وما إلى ذلك ، ويعتمد هذا الصدق على وصف أوسع ويتطلب معلومات أكثر حول السمة والسلوك موضع القياس.
وصدق المفهوم حسب سعد حسن آل عبد الفتاح الغامدي (2003) يركز على ثلاث جوانب أساسية هي درجة المقياس ، ومدى علاقتها بالتكوين الفرضي إلى جانب تركيزه على السمات المراد قياسها ، وهذا مرتبط بتفسير هذه الدرجة وأخيرا فهو يركز على ماذا يقيس المقياس من وجهة نظر القائم على إعداده أي أنها تركز على كل من ( التكوين الفرضي والتفسير والنظرية ) .
فالتكوين الفرضي إذن هو صفة أوخاصة نفسية نفترض وجودها وذلك لتفسير جوانب معينة من سلوك الأفراد ، ونوع الصدق المناسب في هذه الحالة يسمى "" صدق التكوين الفرضي " ويتطلب تقدير هذا النوع من الصدق مجموعة من الطرق نذكر أهمها فيما يلي :
1-الإرتباطات مع إختبارات أخرى:
يرى بدر محمد الأنصاري (2000) أن في هذا النوع يجب أن تكون الإرتباطات مع اختبارات أخرى مرتفعة بدرجة متوسطة ولاتكون مرتفعة جدا ، لأن الإختبار الجديد إذا ارتبط بدرجة مرتفعة مع اختبار موجود أصلا ، دون إضافة مزايا مثل الإيجاز أو سهولة التطبيق، فإن الإختبار الجديد يمثل تكرارا لا حاجة إليه ، وقد تستخدم الإرتباطات مع اختبارات اخرى بطريقة مختلفة للبرهنة على أن الإختبار الجديد متحررنسبيا من تأثير عوامل دخيلة معينة، فيجب ألا يرتبط مثلا اختبار العصابية باختبار للذكاء ارتباطا مرتفعا.
2-التحليل العاملي:
إن التحليل العاملي يساعدنا في تحديد المكونات الأساسية (العوامل المشتركة )التي تحدد درجة الفرد على الإختبار، بالإضافة إلى تحديد درجة تشبع مفرداته بكل عامل من هذه العوامل ، وهذه التشبعات تمثل معاملات الإرتباط بين مفردات الإختبار والعوامل ، ويطلق على هذه المعاملات الصدق العاملي ، علي ماهر خطاب (2000).
فالصدق العاملي للإختبار ماهو إلا الإرتباط بين الإختبار وبين العامل المشترك الذي تتشبع به مجموعة الإختبارات ، فالتحليل العاملي يوفر لنا تقديرا كميا لصدق الإختبار في شكل معامل إحصائي هو تشبع الإختبار بالعامل المشترك ،والذي هو في حقيقة الأمر معامل ارتباط الإختبار بالعامل.
3-الإتساق الداخلي:
يرى بدر محمد الأنصاري (2000) أن المحك هنا ليس شيئا آخر سوى الدرجة الكلية على الإختبار نفسه ، ومن الواضح أن معاملات ارتباط الإتساق الداخلي سواءا اعتمدت على البنود أم المقاييس الفرعية ، فهي تعد مقاييس للتجانس ، وللأخيرة بعض العلاقة مع صدق التكوين بالنسبة لهذه المقاييس ، ومع ذلك فإن الإضافة التي تؤديها طريقة اللإتساق الداخلي لحساب الصدق تعد محدودة جدا ، ففي غياب البيانات الخارجية بالنسبة للإختبار ذاته ، لا يمكننا أن نعرف إلا قليلا مما يقيسه الإختبار، ويستخدم في اختبارات الشخصية.
4-الصدق التقاربي والتمييزي:
فالصدق التقاربي يعني دراسة العلاقة بين الإختبار الجديد واختبار آخر، ثبت صدقه في قياس نفس التكوين الفرضي أو السمة التي يهدف الإختبار الجديد إلى قياسها ، فإذا كانت قيمة معامل الإرتباط بين الإختبارين مرتفعة ، فإن ذلك يعد دليلا على أن الإختبار الجديد يقيس ما يقيسه الإختبار الذي ثبت صدقه ، أما الصدق التمييزي نعني به حساب معاملات الإرتباط بينه وبين الإختبارات الأخرى ، التي تقيس تكوينات فرضية أخرى مستقلة ومختلفة عما يقيسه الإختبارحسب علي ماهرخطاب (2000)، ويتحدد صدق التكوين الفرضي من خلال فحص معاملات الإرتباط ،فإذا كانت قيم هذه المعاملات منخفضة كان ذلك دليلا على أن الإختبار يتمتع بصدق تمييزي عال.
باختصار يمكن أن نقول أن صدق الإختبار يحسب بإيجاد معامل الصدق ، وهو معامل ارتباط ، بين نتائج الإختبار الجديد ، ونتائج اختبار آخر يقيس الصفة نفسها ومشهور بصدقه ، وطبق على المجموعة نفسها ، ويكون المعامل قريبا من الواحد الصحيح ، وعموما لاتوجد قاعدة تقول أن معامل الصدق إذا تجاوز هذا الحد يكون مرتفعا أو العكس.
