الأسس التي يقوم عليها التوجيه والإرشاد التربوي

يقوم التوجيه على أسس فلسفية تتعلق بطبيعة الإنـسان وأخلاقيـات الإرشـاد، وعلى أسس نفسية وتربوية تتعلق بالفروق الفردية والفروق بين الجنـسين ومطالـب النمو، وعلى أسس اجتماعية تتعلق بالفرد والجماعة ومصادر المجتمـع، وعـلى أسـس عصبية وفسيولوجية تتعلق بالجهاز العصبي والحواس وأجهزة الجسم الأخرى، وفـيما يلي أهم أسس التوجيه:

الأسس العامة (المسلمات والمبادئ) : تشمل ثبات السلوك الإنساني نسبيا وإمكان التنبؤ به:

  • الـسلوك هـو أيـة نـشاط حيـوي هـادف(جـسمي أو عقـلي أو اجتماعـي أو انفعالي) يصدر من الكائن الحـي نتيجـة لعلاقـة ديناميـة وتفاعـل بينـه وبـين البيئـة المحيطة به، والسلوك عبارة عن استجابة أو استجابات لمثيرات معينة.

  • السلوك خاصية من خصائص الإنسان يتدرج من البساطة إلى التعقيد وأبسط أنواعه السلوك الانعكاسي، وهو وراثي لا إرادي وغير اجتماعي.

  • أما السلوك الاجتماعي، مثل سـلوك الـدور، فهـو مـتعلم عـن طريـق التنـشئة، وعـلى أسـس اجتماعيـة تتعلـق بـالفرد والجماعـة والمجتمـع، وعـلى أسـس عـصبية فسيولوجية تتعلق بالجهاز العصبي والحواس وأجهزة الجسم، وهذه الأسـس معقـدة وليست بسيطة، ولكنها ليست مختلطة أو مشوهة.

  • والهدف من دراسة الأسس هو وضع الأساس الذي يبنى عليه باقي موضوعات التوجيـه والإرشـاد النفـسي، وأسـس التوجيـه والإرشـاد كثـيرة، ولكننـا نختـار اثنـين ونتناولهما بالشرح الـسلوك الإنـساني في جملتـه مكتـسب مـتعلم مـن خـلال عمليـة التنـشئة، والسلوك ثابت نسبيا، ولكنه يمكن التنبؤ به ويكون سهل عند العاديين.

  • المرشـد النفـسي أخـصائي: تعـديل وتغيـير الـسلوك، وفهـم الـسلوك ودراسـته وتعديله وتغييره، أمر هام في عملية الإرشاد، وهذه مسؤولية المرشد النفسي.

ونجد بتفصيل ما سبق ذكره أن أسس الإرشاد والتوجيه تتمثل في:

1. مرونة السلوك الإنساني:

  • السلوك الإنساني رغم ثباته النسبي فإنه مرن قابل للتعديل والتغيير، والثبات لا يعنى الجمود، ويظن البعض أن تعديل السلوك أمر صعب، ولكن الحيوانات يتغـير سلوكها وليس الإنسان فقط، فالـسلوك الإنـساني مـرن قابـل للتعـديل، ويـشمل هـذا التنظيم الأساسي للشخصية ومفهوم الذات. لــولا هــذه المــسلمة لمــا كــان الإرشــاد النفــسي، ولا العــلاج النفــسي ولا التربيــة، ولا أي جهــد يقــوم أساســا عــلى تعــديل الــسلوك المــضطرب إلى ســلوك عادي.

2. السلوك الإنساني فردي- جماعي: السلوك الإنساني فردي جماعي في نفس الوقت، وهناك علم الـنفس الفـارق وعلـم الـنفس الاجتماعـي، والشخـصية جملـة سـمات جـسمية وعقليـة واجتماعيـة وانفعالية تميز الشخص عن غيره، والمعايير الاجتماعية هـي ميـزان ومقيـاس الـسلوك الاجتماعي.

كما أن الفـرد يلعـب عـدداً مـن الأدوار الاجتماعيـة كـزوج أو كـأب أو كـأخ أو...الـخ، وفي الإرشـاد والعــلاج لابــد أن تـشمل محــاولات تعــديل الــسلوك الجانـب الشخصي، ومعايير الجماعة والأدوار الاجتماعية والاتجاهات والقيم...الخ

3. استعداد الفرد للتوجيه: إن الفرد العادي يلجأ إلى التوجيـه والإرشـاد لوجـود اسـتعداد للتوجيـه عنـده مبني على حاجته إليه، حيث أن الفـرد العـادي لديـه استبـصار بحالتـه، ويـسعى إلى التوجيه والإرشاد، وهذا يعتبر أساس هـام في عمليـة الإرشـاد، ولابـد أن يكـون الفـرد مستعد للتوجيه والإرشاد، ويشعر بالحاجة إليه ويقبل عليه، فيمكنك أن تقود حصاناً إلى الماء، ولكنك لا يمكن أن تجبره على شرب الماء.

4. حق الفرد في التوجيه:

• التوجيه حاجة نفسية هامة لـدى الإنـسان ومـن مطالـب النمـو الـسوي إشباع هذه الحاجات، وعلى هذا يكون التوجيه والإرشـاد حقـا مـن حقـوق كـل فـرد حسب حاجته في أي مجتمع ديمقراطي، حيـث أن للفـرد الحـق عـلى المجتمـع في أن يوجه سلوكه.

• من واجب الدولة توفير وتيسير خدمات التوجيه والإرشـاد لكـل فـرد يحتـاج إليها، فخدمات التوجيه والإرشاد يجب أن تتوفر لكل فـرد لتحقيـق الـسعادة في كـل ميادين الحياة.

5. حق الفرد في تقرير مصيره: من أهم مبـادئ التوجيـه والإرشـاد النفـسي الاعـتراف بحريـة الفـرد وقيمتـه وحقه في تقرير مصيره، حيث أن الفرد الحـر شـخص يعـرف ذاتـه ويحققهـا وينميهـا ويحل مشاكله.

إن الإرشاد هو عملية إرشاد وليس إجبار وليس فيه أوامر ولا حلول جـاهزة، فهـو عمليـة مـساعدة تتـيح الفرصـة للقـوى الخـيرة والإيجابيـة في الإنـسان أن تحـد طريقها وكي يتعلم كيف يحل هو مشكلاته بالطريقة المناسبة