نشأة التوجيه والإرشاد التربوي

1. نشأة التوجيه والإرشاد التربوي :

بدأ الاهتمام بالتوجيه والإرشاد التربوي منذ عام 1879 عندما انشأ أول مختبر لعلم النفس في لاييزك بألمانيا الغربية وظهور علم النفس التطبيقي، ولقد ذكر هوكستر لدى تصنيفه لخدمات الإرشاد في العالم بأن الولايات المتحدة الأمريكية تأتي في المقدمة بتقديمها لخدمات الإرشاد تليها كندا ثم النرويج، وأن اليابان ونيوزيلندا وماليزيا واستراليا أسست برامج إرشادية بناءة لكنها لم تصل الى مستوى الدول الثلاثة الأولى ولقد بدا التوجيه مهنيا أول الامر ومستقلا عن المدرسة وعن البرامج التربوية وذلك على يد فرانك بارسونز الذي أسس عام 1908 في بوستن في الولايات المتحدة الأمريكية مكتبا للتوجيه المهني والف كتابا بعنوان (اختيار المهنة) وكان هذا الكتاب سببا لإطلاق لقب (ابو توجيه المهني) على فرانك بارسونز، ولقد صنفت كاثرين جلدرد وديفيد جلدرد (Gildard and Gildard,1997) نشأة وتطور الارشاد التربوي إلى أربعة مراحل وهي:

المرحلة الأولي من 1880 - 1940 حيث طور الرواد الأوائل الأفكار والمفاهيم الأساسية: من ابرز روادها :

سجموند فرويد Sigmund Freud: وهو أول من وضع نظرية التحليل النفسي في الفترة ما بين 1880 - 1930 حيث ان غالبيه العلاج النفسي التحليل للأطفال مشتق من اكتشاف فرويد للعمليات اللاشعورية ولآليات الدفاع التي تنشا من اضطراب المشاعر، كما قدم فرويد أفكار ومفاهيم في تكوين الشخصية .

آنا فرويدAnna Freud : طورت طريقه تحليل النفسي للعمل مع الأطفال من خلال تقوية العلاقة الإرشادية معهم فقد كانت تجذب الطفل لها في سياق علاقة إرشادية قويه وتعتقد بأن الاتصال الانفعالي الموجب مع المرشد هو من متطلبات الأساسية في كل ما يمكن ان تقوم به مع الطفل

ميلان كلاين Melaine Kleine: عملت ميلان كلاين مع الأطفال بأسلوب غير مباشر وذلك عن طريق استخدام اللعب كبديل للتداعي اللفظي الحر، وطورت نظريه فرويد في العلاقة بالموضوعات اذ يعتقد فرويد بان الراشدين مثل الأطفال في تعلقهم بالموضوعات كالأمهات مثلا، ويستمر هؤلاء الراشدون في التطور والنمو لينفصلوا عن الموضوعات ويتعلقوا بموضوعات انتقاليه، فاللعب والاشياء الموجودة في غرفة الإرشاد النفسي بل والمرشد نفسه قد يكون موضوعا انتقاليا وترى من الضروري تقديم تفسير للطفل حول سلوكه شرط ان لا يؤذيه ذلك التفسير الرمزي لسلوكه

دونالد وينكولت Donald Wonnicolt: يرى بأن نمو الطفل وتطوره يمتد خلال الموضوعات الانتقالية من خلال خبرة المساحة الانتقالية بين الأم والطفل والمساحة الانتقالية هي المساحة التي تعمل فيها الأم مع الطفل لتساعده على الانفصال ليكون لنفسه هويه مستقلة، والعلاقة الإرشادية تمكن بعض الأطفال من التعامل مع بعض المشكلات اللاشعورية.

كارل يونج Carl Jung : طور فكرة فرويد عن اللاشعور فقد اقترح وجود اللاشعور الجمعي الذي يأتي من الدوافع الأولية للجنس البشري وفي اللاشعور الجمعي توجد مجموعه من الرموز المشتركة لدى الأفراد وقد استخدم التمثيل الرمزي في أعماله الإرشادية مع الأطفال وذلك يشبه ما يحدث أثناء الجلسة الإرشادية من العمل بالرمل أو الطين أو الأعمال الفنية

مارجريت لونفيلد Margaret Lowenfeld: تأثرت بأفكار يونج وبدأت العمل مع الأطفال باستخدام الرموز من خلال اللعب بالرمل لتشجيع التعبير الغير اللفظي الذي لا يتأثر كثيرا بالتفكير المنطقي

الفرد أدلر Alfred Adler: يعتقد أدلر بان الأطفال ينمون كأفراد مستقلين ولكن ضمن نطاق نظام اجتماعي يعتمد كل فرد فيه على الآخرين وركز أدلر على تبادل الاعتمادية بين الفرد ومجتمعه ويتأثر الطفل خلال نموه بالآخرين ويتطور سلوكه وفقا لاستجابه الآخرين

المرحلة الثانية من 1920 - 1975 إذ اقترحت نظريات تتعلق بنمو الأطفال

قدم بعض العلماء في هذه المرحلة بعض النظريات عن نمو الطفل ومن ابرز هؤلاء العلماء:

ابراهام ماسلو Abraham Maslow: قدم ماسلو ما يعرف بهرم الحاجات الإنسانية الذي وضع فيه وبالتدريج الحاجات التي يحتاج الفرد إلى إشباعها وكانت هذه الحاجات حسب ترتيبها من قاعده الهرم إلى قمته كالتالي: الحاجات الأساسية المتمثلة بالأكل والشرب والملبس والمأوى، الحاجة إلى الأمن، الحاجة الاجتماعية (الانتماء والعلاقات)، الحاجة إلى التقدير، الحاجة إلى إثبات الذات، ويرى أن إشباع حاجات المستوى الأدنى تقود إلى إشباع حاجات المستوى الأعلى.

ايريك اريكسون Erik Erikson: يرى بأن قوة الذات تكتسب من خلال النجاح في حل الأزمات النمائية ولذلك عمل المرشد يجب ان ينصب على مساعد الفرد بتقوية ذاته لكي يتمكن من حل ازماته

جان بياجي Jean Biaget: يري بأن تفاعل الطفل مع المحيط ، يمكنه من ان يسلك سلوكا متكيفا يساعده على تطوير مستوى اعلي من المعرفة تساعده في فهم البيئة المحيطة بأسلوب اكثر تعقيدا ففهم كيفيه نمو معرفة الطفل واكتسابه للقيم الأخلاقية مهم للمرشد عندما يختار الأنشطة ذات القواعد المحددة

لورنس كولبيرجLawrence Kohlberg : اهتم بالعلاقة بين مفاهيم بياجي المعرفية واكتساب القيم الأخلاقية ولذا فان المرشد بحاجه لفهم كيفيه نمو المفاهيم الأخلاقية للطفل في سياقها الطبيعي

المرحلة الثالثة من 1940- 1980 طورت مداخل علاجيه انسانيه: ظهر عدد من المعالجين الذين ينتمون إلى التيارات الإنسانية او الوجودية وكانت جهودهم حول التعامل مع الراشدين ومن ابرز هؤلاء المعالجين :

كارل روجرزCarl Rogers: نشر عام 1942 كتابه الإرشاد والعلاج النفسي كما كتب عام 1951 كتابه العلاج المتمركز حول العميل ويرى أن المسترشد لديه القدرة على إيجاد الحل بنفسه إذا اتسمت البيئة بالدفء والعلاقة الإرشادية بالتفتح والتجاوب، وانه من غير المناسب أن يحاول المرشد تفسير سلوك المسترشد بنفسه. ويصف محددات العلاقة الإرشادية في الانسجام والتعاطف الوجداني والتقبل الغير مشروط وان لا يصدر المرشد أحكام على المسترشد وسلوكه وعلى المرشد أن يستخدم أسلوب ألإصغاء الناشط ثم يستجيب للمسترشد بان يعيد ما قاله

فيرجينيا اكسيلين Virginia Axine: ترى أن لدى الطفل القدرة على حل مشكلاته في بيئة امنه وذلك اذا كون المرشد معه علاقة إرشادية امنه ومتينة

فريدريك بيرلزFrsderic Perls: أسس العلاج الجشطلتي ويرى أن التركيز في عمليه الإرشاد يجب أن يكون على الخبرات الراهنة بدلا من لوم الآخرين بما حدث في الماضي ويركز على الارتقاء بوعي المسترشد بأحاسيسه البدنية وانفعالاته وعلاقتها بأفكاره، وان يعطي المسترشد تغذيه راجعه ويجعله يتحدى ويواجه.

البرت اليسAlbert Ellis: مؤسس العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي ويرى بأن إعطاء نصائح المباشرة والتفسير المباشر لسلوك المسترشد له فاعليه كبيره ويتضمن أسلوب تحدي ومواجهه ما يسميه بالمعتقدات اللاعقلانية وابدالها بمعتقدات عقلانية لحل المشكلات

ويليام جلاسر William Glasser: هو مؤسس العلاج الواقعي عام 1965 والذي عرف فيما بعد بالعلاج بالضبط و ما يعرف الآن بالعلاج بالاختيار وهو أسلوب يستخدم كثيرا في المواقف المدرسية، وشجع جلاسر المسترشد على ان يتحمل المسؤولية لإيجاد أسلوبه في إشباع حاجاته دون أن يتعدى على حقوق الآخرين

المرحلة الرابعة من 1980 وحتى وقتنا الحاضر طرحت عده أفكار حول عمليه ألإرشاد

إن الفكرة المعاصرة أن نكون قادرين على اختيار الأسلوب التطبيقي المناسب لتحقيق نتائج افضل فمهنه فالتوجيه والإرشاد التربوي اصبح اليوم عباره عن خدمات متميزة داخل إطار برنامج منظم يستند إلى أسس ونظريات وطرق محدده ومرسومة ويجب أن يكون جزء لا يتجزأ من البرنامج العام للمؤسسة التربوية والتعليمية