1- العصور القديمة
الأقوامَ التي اسْتَوطَنَت أرضَ العراقِ والتي تُوحِي الشَّواهدُ التَّاريخيةُ أنَّها أُولَى الحضاراتِ في العالمِ، قد عرفتْ ظاهرةَ الفساد، لذلك نرَى إِشاراتٍ إلى جرائمَ الظَّاهرةِ في القوانينِ التي عرفتْها (أوروك)**والقوانين التي عرفتها (أور - نامو)* في الألواحِ السُومَريةِ**
كما يُلاحَظُ أنَّ (حمورابي)*** ملكُ بابِلَ الذي وسَّع المملكة وصاحبُ التَّشريعات في التَّاريخِ فقد أشارَ في المادَّةِ السادسةِ من تشريعاتِهِ إلى جريمةِ الرّشوة.
ثمَّ لابدَّ من لمحةٍ تاريخيةٍ نتطرَّقُ فيها إلى الصِّينيين القدماء حيثُ نرى أنَّ تراثَ الفكرِ السِّياسي لدى (كونفوشيوس)**** قد شخّصَ ظاهرةَ الفسادِ، ففي كتابِهِ (التعليم الأكبر) يَرُدُّ أسبابَ الحروبِ إلى فسادِ الحكمِ والذي مَرَدُّهُ إلى فسادِ الأُسرِ وإِغفالِ الأشخاصِ تقويمَ نُفوسِهِم.
كما يُذْكُرُ أيضاً تجلِّي ظاهرةِ الفسادِ في العصورِ العباسية الأخيرة بشكلٍ واضحٍ ومنتشرٍ عند أصحابِ المناصبِ الذين كانوا يسعَوْنَ في الوسَاطَاتِ لدى القادةِ الأتراك ونساءِ القصورِ للوصول إلى مناصبِ الوزارةِ أو أيَّةِ مناصبَ أخرى، كما أنَّ الحوادثَ التي عُرِفت في العَصْريْنِ المشارِ إليهما جعلت صاحبَ المُقدِّمة (ابن خلدون)***** الذي جاءَ في فترةٍ لاحقةٍ يُشخِّصُ ظواهرَ فسادِ أصحابِ الدولةِ وَوُزرائِهم والكُتَّابِ والشُرطة، حيثُ يَذكُر أنَّ الكثيرَ من أصحابِ المَمالِكِ والمُلْكِ صارَ يَنْزَغُ إلى الفِرار عن الرُّتَب والتَّخلُّص من رَبْقَةِ السُّلطان بما حصلَ في يَديْهِ من ( مال الدولة)****** والفِرار إلى دولةٍ ثانيةٍ لِمَا يراهُ أنَّهُ أَهْنَأُ وأسْلمُ في إنفاقِ ذلك المالِ والحصولِ على ثمرتهِ وهو يُشيرُ إلى أنَّ في ذلك فساداً لأحوالِ البلادِ والعبادِ ودُنياهُم.






