أهمية وضع المعايير المحاسبية الدولية:
تكمن أهمية وضع معايير محاسبية في ضمان تجانس وتوحيد المعلومات المحاسبية وإضفاء المصداقية عليها بغية تحكيم عادل بين مصالح فئات مختلفة والتي هي في الأساس غير متجانسة وذلك من خلال:
- تحديد وقياس الأحداث المالية للمؤسسة؛
- توصيل نتائج القياس إلى مستخدمي القوائم المالية؛
- تحديد الطريقة المناسبة للقياس؛
- اتخاذ القرارات المناسبة وفي الوقت المناسب؛
ولذلك فإن غياب المعايير المحاسبية سوف يؤدي حتما إلى:
- استخدام طرق محاسبية قد تكون غير سليمة؛
- اختلاف الأسس التي تحدد وتعالج العمليات والأحداث المحاسبية للمؤسسة؛
- صعوبة اتخاذ قرار داخلي أو خارجي من قبل المستفيدين والمعنيين.
التوحيد (المعايير) على المستوى الدولي :
يعني التوحيد Uniformity جعل الشيء واحداً وهو التماثل والتطابق والانتظام، ومع إن التوحيد الكامل صعب التحقيق على المستوى الدولي، فقد جاء التوحيد في بادئ الأمر بصيغة مخففة وهو ما يسمى بالتوافق أو الاتساق* ويعني التوافق إزالة الاختلافات في النظم والمعايير المحاسبية أو تخفيفها والعمل على جعلها قابلة للتسوية مع بعضها البعض بينما المعايير تبحث في إزالة الاختلافات عن طريق تطوير معايير موحدة.
ويمكن إرجاع التوافق المحاسبي على المستوى الدولي إلى أول مؤتمر دولي للمحاسبين عقد عام 1904 في مدينة سانت لويس بأمريكا، وجاءت الدعوة إلى العالمية في المؤتمر الدولي السابع الذي عقد في مدينة أمستردام – هولندا عام 1957 إذ جاءت دعوة Kraayenhof رئيس سابق للمعهد الهولندي للمحاسبين بفكرة مجموعة موحدة للقواعد المحاسبية، وفي المؤتمر التاسع في باريس 1967 تم تشكيل فريق عمل دولي وشكلت على أثره لجنة التنسيق الدولية للمهنة المحاسبية وفي المؤتمر العاشر في سدني 1972 شكلت لجنة ضمت 11 عضواً ثم شكلت لاحقاً في دوسلدورف بألمانيا عنها في عام 1973 لجنة معايير المحاسبة الدولية وتهتم اللجنة بإعداد ونشر معايير المحاسبة الدولية.
وتتجاذب التوافق / التوحيد المحاسبي على المستوى الدولي وجهتا نظر، الأولى، المنحى الوطني للمحاسبة والثانية المنحى العالمي الواسع ويسعى التوافق إلى تعزيز التشابه والتوحيد من جهة والى تخفيض التنوع والاختلاف من جهة أخرى وفي هذا المسعى يواجه عوائق وعقبات ستناقش في الجزء الآتي.
العوائق والعقبات للتوحيد المحاسبي:
من العوائق المهمة التي تقف ازاء التوحيد المحاسبي على المستوى الدولي الآتي:
أ- التقاليد المحلية: تعتمد عملية التطور المحاسبي على مجموعة عوامل تاريخية، اقتصادية، سياسية، تنظيمية واجتماعية والتطور المحاسبي المحلي (على المستوى الوطني) هو جزء من التطور المحاسبي الدولي لذا فان الأخير يعتمد على تلك العوامل أيضاً وبنفس الوقت تقف عائقاً أمامه وأن أي شعب بالعالم يريد تطبيق نظام عالمي جديد بعد نظامه الوطني.
ب- العوائق الاقتصادية والتشريعية: يحتاج أفراد المجتمع وعلى وجه الخصوص أفراد المجتمع المالي إلى المعلومات من المحاسبة التي وظيفتها تزويد المعلومات للأطراف المختلفة وهي تعمل ضمن نمط اقتصادي معين يفرض عليها اختيار طرق وإجراءات محاسبية ومن ناحية أخرى تتباين الدول في تطبيقها القوانين بين Code Law و Common Law و Civil Code ويقول أن معظم التأثيرات في توسع المحاسبة وتطورها هو الهيكل التشريعي وهو انعكاس للتقاليد الثقافية الوطنية.
ج - الحالة السيادية : إذ تشكل عائق أمام التوحيد المحاسبي فالوطنية تقود إلى عدم الرغبة في قبول تسويات تتضمن تغيير الممارسات المحاسبية تفضيلاً لأخرى دولية.
الضغوط باتجاه التوحيد:
بجانب العوائق سالفة الذكر فهناك ضغوط عديدة باتجاه التوحيد منها:
أ- الزيادة الدولية في التجارة والمبادلات الاقتصادية: إذ تزيد على 15 ترليون دولار تقوم بها شركات كونية منتشرة في كل أنحاء العالم وتتطلب معايير وأسس للقياس والإبلاغ المحاسبي، وجاء إنشاء منظمة التجارة العالمية WTO[1][2][1][1] ومن متطلبات الانضمام إليها مبدأ الشفافية لتوفير معلومات للمستثمرين وكذلك تطبيق معايير المحاسبة والتدقيق الدولية إذ سيؤدي التزام الشركات بمجموعة عالمية من المعايير الدولية إلى اتساق أكبر في المعلومات المالية المقدمة في تقارير الشركات السنوية.
ب - الحاجة المتزايدة إلى رأس المال: لتنفيذ النشاطات الاقتصادية المختلفة وحاجة الممولين والمستثمرين إلى المعلومات المالية عن الشركات التي يتم الاستثمار فيها وإقراضها ولكي تعرض هذه الشركات أسهمها وسنداتها في البورصات العالمية عليها تطبيق معايير محاسبية موحدة قابلة للفهم من قبل أولئك المستثمرون والمقرضون.
ج - ازدياد التنافس الدولي: أدى ذلك إلى الحاجة القوية لتنسيق الجهود عن طريق منظمة التجارة العالمية بموجب وأسس تأتي في مقدمتها استخدام المعايير المحاسبية والتدقيقية الدولية.
د - ضغوط الشركات الكونية باتجاه الحاجة إلى معايير متوافقة على مستوى العالم للإفصاح في مواقفها المالية إذ أن فروع هذه الشركات منتشرة في أرجاء المعمورة وتعمل في بيئات متباينة وتواجه صعوبات في إعداد تقاريرها المالية بموجب المعايير المحلية لتلك البلدان العاملة فيها لذا فان مصلحتها تقتضي أن تطبق دول العالم معايير موحدة لتسهيل أعمالها.
ه - زيادة الاندماج الدولي للأسواق والعمل ورأس المال والتكنولوجيا، إذ تتطلب تلك لغة مشتركة مفهومة على مستوى العالم.
و- اعتماد الاتحاد الدولي للبورصات (IOSCO[4])[4][3] معايير المحاسبة الدولية وكان قد حدد آذار 1998 كموعد نهائي ليوصي الاتحاد قبولها على المستوى الدولي واستخدامها كأساس لإدراج الأسهم والسندات في الأسواق المالية عبر الحدود، وقد تبنى هذا الاتجاه إعلان دبي باعتماد معايير المحاسبة الدولية.
منافع / فوائد التوحيد المحاسبي:
يحقق التوحيد المحاسبي منافع/ فوائد كما يأتي :
أ- قابلية مقارنة القوائم المعدة في بلدان مختلفة وتؤدي تلك إلى تعزيز قرارات الاستثمار والاقتراض وتسهل لمستخدمي القوائم المالية من أي بلد فهمها وإدراكها وإن كانت معدة في بلدان أخرى.
ب - تسهيل توحيد الفروع الأجنبية إذ تسهل المعايير الموحدة للفروع المنتشرة في أنحاء العالم من توحيد نتائج الأعمال بقوائم موحدة وتبقى مشكلة تحويل العملة فقط.
ج - انتفاء الحاجة إلى مجاميع متعددة من القوائم المالية للشركات التي تريد إدراج أسهمها في البورصات العالمية، إذ بدلاً من إعداد قوائم مالية تتطابق مع المعايير المحلية لكل بورصة تريد إدراج أسهمها فيها فالمعايير الموحدة تزيل هذه الحاجة.
د- تحسين القرارات الإدارية في الشركات متعددة الجنسية فالبيانات الموحدة سهلة الفهم على صانعي ومتخذي القرارات ولا تتطلب تفسيرات مختلفة حسب مصادر إعدادها.
ه- إزالة الغموض والتناقض والالتباس عن مستخدمي القوائم المالية وذلك من خلال وجود معايير موحدة ذات مفاهيم واحدة.
م- تحقق المعايير الموحدة الرصينة الفائدة للبلدان النامية بشكل أكبر من معاييرها الوطنية التي لا تصل إلى مستوى رصانة الأولى.
ن- كما يؤدي التوحيد إلى اختصار الزمن والكلف والجهود للدول النامية في الوصول إلى النتيجة التي وصلتها الدول المتقدمة التي أنجزت المعايير الدولية.
و- تكون الدول النامية على دراية بالمعايير والطرق والإجراءات المحاسبية التي تعمل في ظلها الشركات الكونية وفروعها العاملة في تلك الدول.
ي - وبإمكانية المقارنة وإزالة عدم الفهم فان ذلك يزيد الموثوقية بالقوائم المالية المعدة على أساسها كما يزيد ذلك من تدفق الاستثمارات وانسيابيتها.
ز- يؤدي كذلك إلى توفير المال والوقت في توحيد وجمع المعلومات المالية المختلفة عندما تطلب من أكثر من طرف وفقاً لمتطلبات قانونية
مقومات التوافق :
ينبغي لأي بيئة دولية (أي بلد) تريد التوافق مع البيئة الدولية الكلية والاندماج فيها أن تتوافر مقومات فيها ولها كي تندمج بالبيئة الدولية ولكي يتم العمل على توافق بيئة معينة مع المعايير المحاسبية الدولية ينبغي وجود مقومات لهذا التوافق من جهة وتوافر متطلبات في هذه البيئة تلبي هذه المقومات وهي:
أ- بيئة معولمة أو في طريقها إلى البيئة المعولمة، ويعني هذا أن تتوافق بيئة العالمية، أي أن تتوافق مع صفات العولمة وبيئتها من حيث الانضمام إلى المؤسسات الدولية أو ذات الصبغة الدولية وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية وشروطها واتفاقياتها، منظمة البورصات العالمية IOSCO، مجلس معايير المحاسبة الدولية IASB[6][5] وغيرها.
ب - تكييف التشريعات والقوانين والأنظمة وتعديلها بما يتوافق مع المتطلبات الدولية وإزالة أي تعارض أو عدم تطابق معها بحيث يسهل تطبيق المعايير الدولية في مجالات الصناعة والتجارة والمحاسبة وغيرها.
ج - أن تكون البيئة الاقتصادية للبلد هي بيئة الاقتصاد الجزئي أي بيئة الوحدات الاقتصادية (الشركات) وهنا يتراجع دور الدولة إلى كونه دوراً تنظيمياً وتنسيقياً وليس دوراً قائداً أو موجهاً أو مسيطراً أو مالكاً.
د- التكييف الفني والنفسي لمواطني البلد، والمقصود بالتكييف الفني هو استخدامات التقنية الحديثة في مجال العمل بطرق كفؤة وإمكانيات جيدة، أما التكييف النفسي فيقصد به تقبل مواطني البلد لثقافة العولمة وتوجهاتها.
متطلبات التوافق :
يقصد بمتطلبات التوافق ما ينبغي القيام به من أجل تهيئة وإعداد البيئة المحلية في جانبها الأكاديمي والعلمي من جامعات ومدارس وغيرها لأعداد طلبة وخريجين ليتمكنوا من مواكبة التطبيقات العملية للمعايير المحاسبية الدولية وما يرافق تطبيقها من متطلبات ضرورية بحيث يكون الخريج معداً إعداداً جيداً وكفوءاً وبموجب المواصفات الصحيحة والسليمة وكأنه يعمل في بيئة دولية أو ما يطلق عليه Cosmopolitan، وهذا من أجل تحقيق الغاية النهائية للاندماج بالبيئة الدولية.
لذا فإن متطلبات التوافق يمكن أن تتشكل من الآتي:
أ- إعادة النظر في المناهج الدراسية (المساقات) بشكل عام بحيث تكون منسجمة مع المناهج الدراسية الدولية ويمكن الاستعانة بهذا المجال بمناهج جامعات عالمية مشهود لها في هذا المجال.
ب - إعادة النظر في مفردات (مواضيع) المساق الواحد للمادة الدراسية بحيث تكون الطروحات النظرية والتطبيقية متفقة أو بموجب المعايير المحاسبية الدولية وعدم الإبقاء على ما هو عليه الحال.
ج - لتحقيق الفقرتين أولاً وثانياً ينبغي تهيئة الأساتذة وتعريفهم واطلاعهم بشكل كامل وتفصيلي على المعايير المحاسبية الدولية وتطبيقاتها كي يقوموا بدورهم بنقل الخبرة والتجربة إلى الطلبة.
د- إعادة النظر في الكتب الدراسية وتحديثها بما يتلاءم مع التعديلات الجارية في المعايير المحاسبية الدولية.
متطلبات التطبيق :
من أجل الاتساق مع الفقرة السابقة بشأن متطلبات التوافق في جانبها العلمي والأكاديمي فإن الجزء الحالي - متطلبات التطبيق - يشكل الجانب العملي من أجل تحقيق الهدف باندماج البيئة المحلية بالبيئة الدولية ويقصد بمتطلبات التطبيق هو ما ينبغي على الجمعيات المهنية والمؤسسات المهتمة بالمهنة المحاسبية ومكاتب التدقيق وتنظيم الحسابات من جهة والشركات والمؤسسات وغيرها أن تقوم به من أجل تطبيق المعايير المحاسبية الدولية وما يرتبط بها بشكل سليم وكفوء.
لذا وفي ضوء ما تقدم فإن متطلبات التطبيق يمكن أن تتشكل من الآتي:
أ- تقوم الجمعيات المهنية بإقامة دورات تخصصية في كيفية تطبيق المعايير المحاسبية الدولية بشكل يتفق مع متطلبات البيئة المحلية ويتكيف معها.
ب - تقوم المؤسسات المهنية الأخرى بنشر وتوصيل كل ما يتعلق بالمعايير المحاسبية الدولية وتطبيقها.
ج - تقوم مكاتب التدقيق وتنظيم الحسابات باشراك العاملين لديها في دورات تطويرية تتعلق بكيفية تطبيق المعايير المحاسبية الدولية وما يرتبط بها.
د- تقوم الشركات والمؤسسات الاقتصادية الأخرى التي ينبغي عليها تطبيق المعايير المحاسبية الدولية باشراك العاملين لديها في الأقسام المالية بدورات تخصصية في هذا المجال.
ه - تقوم بورصة عمان وهيئة الأوراق المالية بإلزام الشركات التي تعرض أوراقها المالية في البورصة بتطبيق المعايير المحاسبية الدولية ووضع تاريخ نهائي Dead time لذلك.