تخطي إلى المحتوى الرئيسي

مدخل مفاهيمي

تمهيد
نستعرض في هذا الفصل الإطار العام لتقييم المشاريع الاستثمارية بدءا بتوضيح بعض المفاهيم التي ترتبط أساسا بهذه الدراسة التي تقام لغرض معرفة جدوى المشروع الاقتصادي المقترح، و من هنا التطرق إلى مفهوم المشروع الاقتصادي، أنواعه، أهدافه، أسبابه.

ويعتبر تحديد الهدف المراد تحقيقه نقطة الانطلاق و البداية في تحليل المشروع، فكل المشاريع الاقتصادية لها أهداف تتمحور أساسا في تحقيق أعظم ربح ممكن لكن مما لاشك فيه أن إقامة هذه المشاريع يجب أن تستند إلى دراسات هامة تكون قبل المشروع و تسمى بـ" تقييم المشاريع الاقتصادية ".

و التي تمثل في الوقت الحاضر أحدا الأدوات الهامة للتخطيط الاستراتيجي و التحليل لمختلف النشاطات الاقتصادية الاستثمارية، التي تمكن من مد البصر إلى المستقبل، و بذلك التقليل من المخاطرة و عدم التأكد، و اتخاذ القرار الاستثماري.

و لذلك وجب علينا التطرق إلى ماهية تقييم المشاريع الاستثمارية، و أهم خصائصها، مجالات تطبيقها، و أنواعها.


المبحث الأول: لمحة حول المشروعات الاقتصادية

سنحاول في هذا المبحث أن نقدم لمحة حول المشروعات الاقتصادية، بالتطرق إلى ماهيتها و أسباب إقامتها، خصائصها و أنواعها.

 

المطلب الأول : ما هية المشروع الاقتصادي

لقد تعددت التعريفات حول مصطلح المشروع و من الأمور الهامة أن نحدد و بشكل نهائي معنى هذا الاصطلاح.

و في هذا المجال يرى البعض أن كلمة مشروع تعني وحدة استثمارية مقترحة يمكن تمييزها فنيا و تجاريا و اقتصاديا عن باقي الاستثمارات، فتحديد المشروع يكون بقصد دراسته و تحليله و تقييمه و لذلك فمن الضروري أن يكون مميزا إجراء الحسابات اللازمة و اختياره أو رفضه أو تعديله و لعل اقرب هذه التعاريف شمولا هو: أنه مجموعة من الأنشطة التي يمكن تخطيطها و تمويلها و تنفيذها و تشغيلها و تحليلها كوحدة منفصلة.

و من خلال التعريفين السابقين يمكن استخلاص الخصائص التالية :

1. تدفقات خارجية، و تسمى أحيانا تكاليف أو مدخلات أو موارد أو استثمارات.

2. تدفقات داخلية، و تسمى أحيانا منافع أو مخرجات ، أو إنتاج أو عوائد تعكس هدف المشروع.

3. حيز مكاني.

4. فترة زمنية معينة تمثل عمر و حياة المشروع.

5. إدارة المشروع و الأفراد، أصحاب المشروع أو المشاركين فيه.

و تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان يكون المشروع جزءا من عدة أجزاء تشكل برنامجا متكاملا، أو بمعنى أخر يكون المشروع مرحلة من مراحل متكاملة مع بعضها البعض، مثل عملية توليد الكهرباء التي تليها مرحلة نقلها و من ثم توزيعها.

و في مثل هذه الحالات إما أن يوسع نطاق تعريف المشروع ليشمل كل المراحل، أو أن تدرس كل مرحلة على حدى، كمشروع مستقل بذاته ، مع الأخذ بعين الاعتبار أثر كل مرحلة على غيرها كما أنه في أحيان أخرى يكون المشروع متعدد الأغراض مثل : بناء سد لتوفير مياه الري، و لتوليد الطاقة الكهربائية في نفس الوقت.

و في مثل هذه الحالات إما أن تتم الدراسة باعتبار المشروع عدة مشروعات حسب المنافع المتحصل عليها ( توفير مياه الري، توليد الطاقة الكهربائية )، مع تخصيص التكاليف المشتركة للمشروعات المختلفة، و إما أن يدرس المشروع كله ( السد) كمشروع واحد.

 

المطلب الثاني: أنواع المشاريع الاقتصادية

تختلف المشاريع باختلاف مضمونها و هدفها، حيث يمكن التمييز بين خمسة أنواع و التي نصنفها على أساس الوظيفة و هي:

1- المشاريع المتلازمة

نقول عن مشروعين أنهما متلازمين إذا كان هناك ارتباط تام بينهما، فنقول مثلا مشروعين (أ) و (ب) أنهما متلازمين، رفض أحدهما يؤدي بالضرورة إلى رفض الآخر و العكس صحيح.

كمثال على ذلك:

(أ) يمثل مشروع مركب سياحي.

(ب) يمثل مشروع مطاعم.

و كذلك التدفقات النقدية لأحدهما تتغير باختيار أو رفض الآخر.

2- المشاريع المستقلة:

نقول عن مشاريع إنها مستقلة إذا كان اختيار أو رفض إحداها لا يؤثر على المشاريع الأخرى، و إذا كانت التدفقات النقدية لأحدهما لتؤثر على اختيار أو رفض المشروع الآخر، مثل إنشاء مدرسة أو تعاونية للبناء، فلكل منها ميزانية خاصة، و كل منهما ينشط في مجال مختلف عن الآخر.

3- المشاريع المكملة:

تكون المشاريع المكملة لبعضها البعض إذا كان اختيار أحدهما يؤدي إلى تقليص تكاليف المشاريع الباقية الأخرى، أو يزيد من التدفقات النقدية لها.

مثلا : مشروع انجاز مركب تجاري في مركب سياحي.

4- المشاريع المعوضة:

معناه أن اختيار أحدهما يؤدي إلى  زيادة تكاليف المشاريع الأخرى، و ينقص من إراداتها ، مثلا: إنشاء محلات للمواد الغذائية بجوار بعضها البعض.

5- المشاريع المتنافية:

و هي المشاريع التي بتحقيقها تنفي المشاريع الأخرى، بمعنى آخر اختيار أحدهما يؤدي بالضرورة إلى نفي أو رفض الآخر.

مثلا: لدينا قطعة أرض نريد أن نبني فوقها ، إما سكن عائليا أو مدرسة فاختيار إنشاء أحدهما يؤدي بالضرورة إلى إمكانية إنشاء المشروع الآخر.

 

 

 

المطلب الثالث: أهداف المشاريع الاقتصادية

يعتبر تحديد الهدف المراد تحقيقه نقطة الانطلاق و البداية في تحليل جدوى المشروع.

الفرع الأول: أهداف المشروعات الخاصة

تفترض النظرية الاقتصادية للمشروع أن تحقيق أقصى ربح يعتبر من الأهداف الرئيسية للمشروع، و الربح الذي يسعى إليه المشروع هو الفرق بين حصيلة المبيعات و تكاليف المشروع، كما نجد

أهداف أخرى تسعى المشروعات الخاصة إلى تحقيقها و هي:

1- تحقيق أقصى قدر ممكن من المبيعات و ذلك:

   - كسب شهرة في الأسواق .

  - زيادة الإيرادات و من ثم تنمية الأرباح.

  - تحقيق الأهداف الخاصة بالمديرين الذين ترتبط مصالحهم برقم الأعمال ، حيث أن مرتباتهم و كفائهم مرتبطة مباشرة بمستوى النشاط و حجم المبيعات.

  - الاحتفاظ بدرجة سيولة مناسبة و موقف مالي سليم.

2- قد يكون هدف الإنفاق الاستثماري لمشروع قائم هو حماية النشاط الرئيسي له من خطر توقف الإنتاج.

الفرع الثاني: أهداف المشروعات العامة:

الهدف الأساسي للمشروع العام هو تحقيق المنفعة سواء تحقق ربح من قيام هذا المشروع أو لم يتحقق، و هذا لا يعني أن المشروعات العامة لا تهتم إطلاقا بالربح بل يجب أن لا يتم ذلك على حساب تحقيق الأهداف التي انشأ المشروع العام من أجلها.

و في ما يلي أهم الأهداف التي تنشأ من أجلها المشروعات العامة:

1- إنشاء المشروعات و بيع منتجات بأقل من التكلفة لاعتبارها اجتماعية.

2- إنشاء الدولة لمشروعات إنتاجية هو الحصول على موارد مالية لتمويل نفقاتها بدلا من إنتاجها لفرض ضرائب جديدة.

3- مشروعات المنافع العامة التي تنتج الخدمات الأساسية مثل: النقل، المواصلات، الكهرباء، ذات أهمية إستراتيجية، ترى الدولة قصر القيام بها عليها و حدها دون الأفراد.

4- قيام بعض المشروعات المرتبطة بالأمن القومي للدولة، صناعة الأسلحة، أو اعتبارات اقتصادية قومية كإنشاء الدولة المنتجة للبترول، معامل لتكريره أو أسطولا بحريا لنقله.

المطلب الرابع: أسباب إقامة المشروع

تتعدد أسباب إقامة المشروعات، فقد ترجع إلى أسباب متعلقة بالبيئة و المحيطة بالمشروع، و قد ترجع لأسباب سياسية أو اقتصادية، أو تنموية.

الفرع الأول: الأسباب المتعلقة بالبيئة أو الظروف المحيطة بالمشروع

قد يكون الهدف من إقامة المشروع تابعا لاحتياجات البيئة نفسها، و من ثم فان ما تحتاج إليه بيئة معينة قد لا تحتاج إليه بيئة أخرى في نفس الدولة، و ما يعد مشروعا فعالا بالنسبة للدولة متقدمة قد لا يحتل نفس الأهمية بالنسبة لدولة نامية، (و نعني بذلك أن ليس من المنطقي أن يقوم بلد يعاني من عجز في غذائه بتوجيه موارده المحدودة لإنتاج أجهزة الفيديو، كما أن إقامة مشروعات للترفيه في البلدان المتقدمة يكون أكثر فعالية من البلدان النامية، و نجاح أي مشروع في دولة ما لا يعني نجاحه في دولة أخرى، و ذلك لتباين الوسائل التنظيمية اللازمة لإدارة المشروع و اختلاف المناخ الذي يحيط به.

الفرع الثاني: الأسباب السياسية

تسعى الدولة إلى تنفيذ العديد من المشاريع دون التأني و القيام بالدراسات اللازمة مما يؤدي أحيانا كثيرة إلى إهدار أموالها ، و قد يكون ذلك مدفوعا بقرارات سياسية كأن تمنع الدولة الاستيراد من الخارج نتيجة تفكك علاقاتها الخارجية.

الفرع الثالث: الأسباب الاقتصادية

تسعى الدولة إلى إحداث توازن قطاعي و ذلك ضمانا للتنسيق بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة التي يرتبط بها المشروع و التي تدفع لإقامة العديد من المشروعات التي تساهم في ترسيخ أبعاد هذا التناسق و يكون الداعي أيضا لإقامة المشروعات الربحية.

الفرع الربع : الأسباب الفنية (التقنية)

و نقصد بها تلك التكنولوجيا حيث يكون الدافع وراء إقامة المشروع و استغلال تكنولوجيا معينة، لتطوير المنتج النهائي، و توفير الوقت و الجهد المبذولين 

المبحث الثاني: مفاهيم حول دراسات الجدوى

يشتمل هذا المبحث على أهم المفاهيم و التعاريف الخاصة بدراسة الجدوى، نبدأها بالتعريف، المعلومات الأساسية للدراسة، مجالاها التطبيقية، تصنيفها ثم متطلباتها.

 

المطلب الأول:  ماهية تقييم المشاريع الاقتصادية و أهميتها.

الفرع الأول: تعاريف حول دراسات الجدوى:

تعددت التعاريف الخاصة بتقييم المشاريع الاستثمارية نذكر أهمها فيما يلي:

التعريف الأول:

يمكن تحديد المقصود بتقييم المشاريع الاستثمارية لمشروع ما، بأنها تلك الأساليب العلمية المحددة و المستخدمة في جميع البيانات و المعلومات المطلوبة و تحليلها بهدف التوصل إلى نتائج قاطعة عن مدى صلاحية المشروع موضع الدراسة من عدمه.

التعريف الثاني:

و يمكن تعريفها أيضا بأنها سلسلة الأنشطة و المراحل المتتابعة بإقرار إنشاء مشروع استثماري معين من عدمه سواء كان هذا المشروع جديدا، أو توسعا في المشروع القائم، أو إحلال مشروع قائم بآخر.

و يتضح من خلال هاتين التعريفين بأن دراسات الجدوى:

1- أساليب علمية لجمع البيانات و المعلومات للحكم على صلاحية المشروع.

2- أنشطة و مراحل متعاقبة.

3- دراسات و بيانات يتم تحليلها لاتخاذ القرار.

التعريف الثالث:

هي مجموعة الأسس العلمية المستمدة من العلوم الاقتصاد، والإدارة والمحاسبة وبحوث العمليات التي تستخدم في تجميع البيانات ودراستها وتحليلها بهدف الوصول إلى نتائج تحدد مدى صلاحية هذه المشروعات من عدة جوانب تسويقية، فنية، مالية ، تمويلية سواء من وجهة نظر المستثمر الخاص أو الأجهزة المشرفة على المشروعات الاستثمارية في الدولة.

ويتبين من هذا التعريف أن دراسة الجدوى:

1- علم مستمد من العلوم الأخرى.

2- دراسة تحليلية بغية الوصول إلى نتائج من عدة جوانب ( تسويقية، مالية، فنية، تمويلية)

التعريف الرابع:

مثل تقييم المشاريع في تلك المجموعة من الدراسات التي تسعى إلى تحديد مدى صلاحية مشروع استثماري ما، أو مجموعة من المشروعات الاستثمارية من عدة جوانب: سوقية، فنية، تمويلية ومالية واقتصادية، واجتماعية تمهيدا لاختيار تلك المشروعات التي تحقق أعلى منفعة صافية ممكنة.

ويتضح من التعريف أن دراسات الجدوى:

1- دراسات تحدد مدى صلاحية مشروع أو مجموعة من المشاريع الاستثمارية.

2- دراسات تشمل عدة جوانب، سوقية، فنية، تمويلية، اجتماعية، اقتصادية.

على ضوء التعاريف السابقة نستخلص التعريف التالي:

تقييم المشاريع الاقتصادية للمشروعات عبارة عن سلسلة مترابطة من الدراسات التمهيدية، و التفصيلية المستمدة من بعض العلوم،  و التي تهدف إلى جمع المعلومات و البيانات التي يتم تحليلها  للتوصل إلى نتائج تبين مدى صلاحية المشروع الاستثماري من عدمه، و ترشيد القرار الاستثماري و ذلك على أساس تسويقي فني، مالي، تمويلي[10].

الفرع الثاني: أهمية تقييم المشاريع الاستثمارية

إن لتقييم المشاريع أهمية كبيرة، و ذلك لما تقدمه من بيانات و معلومات قبل البدء قي المشروع، و تتركز أهميتها فيما يلي:

1-    تقييم المشاريع الاقتصادية أداة اتخاذ القرار الاستثماري الرشيد، حيث تساعد على الوصول إلى اختيار أفضل البدائل الاستثمارية.

2-    تساعد تقييم المشاريع في تحقيق التخصص الكفء للموارد الاقتصادية التي تتصف بالندرة النسبية ، و تحتاج عملية التخصص إلى أداة توصلنا إلى مجموعة معايير التي تثبت جدوى هذا التخصص من عدمه و هي معيار الاستثمار التي تعمل على تقييم    المشروعان و تخصيص الموارد للمشروع الذي يثبت جدواه.

3-    تستخدم تقييم المشاريع الاقتصادية تحليلات الحسابية التي تعمل لحد كبير على اختيار مدى قدرة المشروع على تحمل مخاطر التغيير في كثير من التغيرات في كثير الاقتصادية السياسية، القانونية، و ما إذا كانت ستؤثر سلبا أو إيجابا على اقتصاديات المشروع.

4-    تجنب المستثمر المخاطر و تحمل الخسائر، و ضياع الموارد، و تستبعد المجالات التي لا عائد منها و تحدد مدى العائد من المشروع.

5-    تجعل عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية تم بأقل درجة ممكنة من عدم التأكد لأنها تتناول العديد من الجوانب: البيئية، القانونية، التسويقية، المالية و الفنية و نميز بدرجة عالية من الدقة في النتائج.

6-    يلاحظ أن البنوك و المؤسسات المالية لا تتخذ قرار بالتمويل إلا من خلال دراسات الجدوى، بالإضافة إلى أنها أهم الضمانات التي تكفل استرداد القرض من عدمه.

7-    أن موافقة بعض الجهات على المشاريع الاستثمارية الخاصة لا تتم إلا بعد تقديم دراسات الجدوى.

8-    تعمل تقييم المشاريع على تحديد الهيكل الأمثل لتمويل المشروع، الذي يعطي أكبر عائد بأقل تكلفة.

9-    مؤسسات التمويل الدولي مثل: البنك الدولي يعتمد على تقييم المشاريع الاقتصادية عند تقدير قروضها.

 

المطلب الثاني: أهم الخصائص المميزة لتقييم المشاريع الاقتصادية.

هناك العديد من الخصائص المميزة لتقييم المشاريع الاقتصادية نوجد أهمها في الخصائص التالية:

الفرع الأول: التعامل مع المستقبل

حيث تعني تقييم المشاريع بدراسات مدى إمكانية تنفيذ فكرة استثمارية و إقرارها الآن ، ليمتد عمرها الافتراضي لتغطية سنوات طويلة مقبلة و هو الأمر الذي يعني بالضرورة أن كل محتويها و نتائج مراحلها تمثل تقديرات محتملة تحمل في طياتها احتمالات مطابقة للواقع أو الانحراف عنه الأمر الذي يعطي و في التحليل النهائي أهمية متزايدة بمراعاة الدقة في هذه التقديرات.

الفرع الثاني: ارتفاع التكلفة

حيث تزداد التكلفة المالية التي يتحملها المساهمون مقابل إعداد الدراسات، و خاصة بالنسبة للمشروعات الاستثمارية الضخمة و يشكل أكثر خصوصية إذا كان أحد أهداف الدراسة الحصول على التمويل المصرفي و بقيم كثيرة.

الفرع الثالث: ترابط المراحل

و يقصد به أن المراحل المكونة لتقييم المشاريع متتابعة و مترابطة ببعضها البعض حيث أن كل مرحلة تعتمد على النتائج الايجابية لسابقتها، و تمثل نتائجها الايجابية مدخلات مباشرة للمرحلة التالية لها و هو الأمر الذي يؤكد أهمية إعداد مراحلها المختلفة بترتيب محدد.

الفرع الرابع: المرونة

و يقصد بها منطقية الالتزام المطلق بالمحافظة على التساوي المطلق في الأهمية النسبية المعطاة للمراحل المكونة لأي دراسات جدوى، حيث يمثل الالتزام المذكور قيدا غير مبرر، على من يتصدى لإعداد الدراسة، سواء لمشروع  كبير أو صغير، الأمر الذي يعني و في التحليل النهائي و إمكانية استحواذ الدراسة التسويقية على النصيب الأكبر من الاهتمام في بعض الحالات، و إمكانية استحواذ الفنية على النصيب الأكبر  من الاهتمام في حالات أخرى و كذلك الحال بالنسبة للدراسة المالية و الاقتصادية للمشروع المقترح.

 

المطلب الثالث: المجالات التطبيقية لدراسات الجدوى

1-           إنشاء مشروعات جديدة

يستعان بتقييم المشاريع في هذا المجال لاتخاذ قرار يتعلق بإمكانية إنشاء المشروع الجديد قبل إنفاق الأموال على النشاط المرغوب فأي مستثمر يتعين عليه إعداد جدوى توضح له إمكانية إنجاح مشروعه طول عمره الافتراضي، و يتم إعداد تقييم المشاريع لبيان التكاليف و الإيرادات المتوقعة و مقارنتها.

2-    التوسع الاستثماري:

في هذه الحالة نجد أن المشروع قائم بالفعل. لكن  يراد توسعه و ذلك بإحدى الصور  التالية:

أ‌-              إنشاء خط إنتاج إضافي: أي إضافة خط إنتاج جديد يسمح لإنتاج منتجات جديدة تنوي المؤسسة إنتاجها و ليست قائمة بالفعل.

ب‌-          إنشاء فروع جديدة: يقصد به إنشاء وحدات جديدة تزاول نفس النشاط لكن في منطقة جغرافية مختلفة.

ت‌-          زيادة الطاقة الإنتاجية لمشروع: و ذلك بشراء آلات جديدة تضاف إلى القديمة لتغطية الطلب المتزايد للمستهلكين، و بدراسة جدوى الآلات الجديدة يقرر صاحب المشروع شراء الآلات أو عدم شرائها.

زيادة الطاقة الإنتاجية للمشروع.

3-    الإحلال و التجديد:

يقصد به تعويض آلة قديمة بآلة جديدة كون العمر الإنتاجي الأول قد انتهى، نظرا لتنوع الآلات الجديدة و اختلاف قدراتها و تكليفها فانه يجب دراسة جدوى تفضيلية تبين ما يمكن تحقيقه من أرباح بالنسبة للمشروع نتيجة شراء الآلة الجديدة.

4-    التطور التكنولوجي:

نعني به في استخدام أسلوب جديد من أساليب التكنولوجيا، المستخدمة في العملية الإنتاجية فهناك تكنولوجيا تعتمد على كثافة اليد العاملة المستخدمة مقارنة بالآلات، و هذا ما يميز الدول المتخلفة، أما التكنولوجيا الحديثة فتتميز بالاستخدام المكثف للآلات، فالمنشأة عندما تكون تتبع النمط الأول و تريد التحول إلى النمط الثاني يستوجب عليها القيام بدراسة جدوى تفصيلية لعملية استخدام التكنولوجيا الجديدة.

 

المطلب الرابع: أنواع تقييم المشاريع الاقتصادية

تنقسم تقييم المشاريع إلى نوعيين رئيسين هما:

دراسة الجدوى المبدئية، و تقييم المشاريع التفصيلية، و بينهما علاقة داخلية، حيث تعتبر الدراسة الأولى تمهيدا، لإعداد الدراسة الثانية.

 

الفرع الأول: الدراسة المبدئية

 أو هي ما يعرف بدراسة ما قبل الجدوى، و تعتبر المفتاح الذي يفتح باب تقييم المشاريع التفصيلية، أو ما يقفله، و يرسل الإشارة إلى المستثمر و القائمين على تقييم المشاريع بأن يتحولوا إلى مشروع آخر و فرصة استثمارية ليبدؤوا طريقا جديدا و بالتالي فهي ضرورة و لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة لأي مشروع أي أنها المعيار الذي يتم من خلاله اتخاذ الدخول في تقييم المشاريع التفصيلية التي تكلف في بعض الأحيان أموال طائلة، و بالتالي فالدراسة المبدئية هي التي تكشف عن ما إذا كان سيتم الدخول في تقييم المشاريع التفصيلية أم لا

و تشمل الدراسة المبدئية على عدة جوانب أهمها:

1- البحث عن الموانع الجوهرية سواء التشريعية أو غير التشريعية:

من الممكن أن تكون مناطق معينة ممنوع إقامة مشروعات معينة عليها ، كقرار منع هدم الفيلات في المحافظات و قانون البيئة و ما جاءت به من اشتراطات محددة و القوانين و كقرار منع هدم الفيلات في المحافظات و قانون البيئة و ما جاءت به اشتراطات محددة و القوانين و القرارات الحاكمة لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة و المدن الجديدة، و هناك موانع غير تشريعية كإقامة على أراضي تمتلكها القوات المسلحة مثلا.

2- دراسة قوانين الاستيراد و التصدير:

هناك قيود و موانع على التصدير والاستيراد كعدم السماح بدخول مادة خام معينة يحتاجها المشروع، وأيضا هناك قوانين وقرارات تقصر نشاط معين على الدولة مثل الإنتاج الحربي والبترول وغيرها من الأنشطة.

ومن هنا يمكن أن تكشف دراسة الجدوى المبدئية عن تلك الأوضاع قبل التورط في دراسة الجدوى التفصيلية بما يحمله ذلك التكلفة والوقت والجهد.

3- الاقتصاد الوطني:

وذلك بالتعرف على حالة الاقتصاد الوطني وهويته، وتوجهاته وسياسته الاقتصادية والظروف البيئية ومدى الاستقرار السياسي والاجتماعي. بما في ذلك القيم والعادات والتقاليد مع تحديد ما إذا كانت أهداف المشروع تتماشى مع الأهداف العامة للمجتمع أم لا.

دراسة الصناعات والأنشطة القائمة ومعرفة احتياجاتها وعلاقة التشابك الاقتصادي بينهما وعلاقة المشروع بكل ذلك.

4- تقدير التكاليف:

تقوم بإجراء تقدير لتكاليف الجدوى التفصيلية، ومدى تناسبها وتوافقها و ملاءمتها لرأس المال المخصص مبدئيا للاستثمار، في المشروع، وما إذا كان المشروع يستحق إجراء دراسات تفصيلية له أم لا بل وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى اهتمام خاص وتركيز أثناء القيام بالدراسات التفصيلية بل ومحاولة تقدير التكاليف الإجمالية وحجم التمويل اللازم وهيكلة المشروع.

ويجب على دراسة الجدوى المبدئية أو تتم بدقة، ويقدر كبير من الخبرات العلمية والعملية الآن الهدف الرئيسي منها هو صنع القرار بالدخول في المرحلة الثانية وهي مرحلة تقييم المشاريع التفصيلية.

 


آخر تعديل: الخميس, 23 فبراير 2023, 8:21 AM