النظرية العامة للمنظمات الدولية
النظرية العامة للمنظمات الدولية
-تعريف المنظمة الدولية
وعناصرها:
إن الاختلاف الكبير بين المنظمات الدولية، سواء من حيث مواثيقها المنشئة أو أهدافها، اختصاصاتها أو أجهزتها جعل من المتعذر الوصول إلى تعريف قانوني موحد بشأنها بحيث يكون هذا التعريف جامعا ومانعا. لذا، فجل التعاريف التي أعطيت للمنظمات الدولية تتضمن مجموعة العناصر التي تعتبر ضرورية لقيام المنظمة الدولية.
عرف أغلب فقهاء القانون الدولي المنظمة الدولية بأنها “مؤسسة أو هيئة تتكون أساسا من مجموعة من الدول التي تتفق على إنشائها في معاهدة دولية وذلك بمقتضى ميثاق يحدد اختصاصاتها ويمنحها مجموعة من الأجهزة التي تمكنها من تحقيق أهدافها وتضمن لها الاستمرارية“.
كما يمكن تعريف المنظمة الدولية أيضا بوصفها “هيئة تضم مجموعة من الدول، من خلال اتفاق دولي، بحيث تسعى لتحقيق أغراض ومصالح مشتركة، على نحو دائم، وتتمتع هذه الهيئة بالشخصية القانونية المتميزة عن إرادة الدول الأعضاء فيها”.
ومن خلال التعريفين السابقين، يمكننا استنباط مجموع العناصر المكونة للمنظمة الدولية، والتي يمكن تحديدها كما يلي:
بالنسبة للعنصر الأول فهو يشمل الطابع الدولي، ذلك أن المنظمة الدولية تتكون كقاعدة من مجموعة من الدول، بمعنى أن العضوية فيها تكون قاصرة على الدول فقط (مع وجود بعض الإستثناءات)، أما الكيانات الأخرى التي لا يصدق عليها وصف الدولة، لا تتمتع بالحق في عضوية المنظمة الدولية. كما أن الطابع الدولي للمنظمة يضفي عليها طابعا حكوميا، وهذا هو السبب في كون أن المنظمات غير الحكومية لا تكون فيها العضوية للدول بل للأفراد.
وإضافة إلى الطابع الدولي نجد عنصر الإتفاق الدولي، حيث يتم إنشاء المنظمة الدولية بموجب اتفاق بين الدول الأطراف فيها، وهذا يعني أن العضوية في المنظمة اختيارية، وتخضع لإرادة الدول ورضاها. ويعد هذا الإتفاق بمثابة الوثيقة المنشئة للمنظمة الدولية، ويسمى أيضا بالميثاق الذي يحدد كافة الجوانب القانونية الخاصة بالمنظمة الدولية (الأهداف، الاختصاصات، الأجهزة…)، كما أن هذا العنصر هو الذي يميز أيضا المنظمات الدولية الحكومية عن المنظمات غير الحكومية التي لا تنشأ بموجب اتفاق دولي.
كما يشترط لقيام المنظمة الدولية توافر عنصر الاستمرار أو الدوام، ولا يعني ذلك ضرورة انطباق وصف الاستمرارية على كل فروع المنظمة، ولكن يقصد به أن تمارس المنظمة كوحدة قانونية متكاملة اختصاصاتها بصفة مستمرة. ويميز هذا العنصر المنظمة الدولية عن المؤتمر الدولي، فإذا كان المؤتمر الدولي ينعقد لبحث موضوع معين ثم ينقضي وجوده بعد الانتهاء من التداول بشأن ذلك الموضوع، فإنه لا يوجد توقيت محدد لإنهاء وجود المنظمة الدولية في ميثاقها المنشئ.
وإضافة إلى ما سبق، يعد عنصر الإرادة الذاتية من أهم العناصر التي تميز المنظمة الدولية عن غيرها، فالمؤتمر الدولي باعتباره تجمعا دوليا لا يتمتع بإرادة مستقلة عن إرادة الدول المشاركة فيه. أما في حالة المنظمة الدولية، فهي تتمتع بشخصية قانونية خاصة ومستقلة عن إرادة الدول المنشئة لها، ولهذا نجد بأن القرارات أو التوصيات التي تصدر عن الدول الأعضاء في المنظمة، سواء كانت بالأغلبية أم بالإجماع، تنسب إلى المنظمة الدولية وليس إلى الدول الأعضاء فيها.