نظريات الدراسات الإقليمية - Theories of regional studies

نظريات الدراسات الإقليمية - Theories of regional studies

إن تحليل النظم الاقليمية قد تطور بشكل ملحوظ بعد الحرب الباردة خاصة مع تطور ظاهرة التكتلات الإقليمية، الأمر الذي ساهم في بلورة العديد من الأطر النظرية المتعلقة بجميع القضايا من نزاع وأمن وتعاون وتكامل وتفاعلها جميعا على المستوى الإقليمي، حيث سعى العديد من الباحثين في حقل العلاقات الدولية وكذا حقل الدراسات الإقليمية في محاولة لبناء أطر نظرية تكون لها القدرة على فهم مختلف التفاعلات الإقليمية.

تعريف النظرية

النظرية هي أحد العناصر الأساسية في توجيه وتحديد وصياغة المعارف العلمية، وتساهم في تحسين المعرفة العلمية وتحقيق التراكم المعرفي. وهناك اختلاف بين الباحثين حول إيجاد تعريف واحد للنظرية الأمر الذي يستدعي عرض مجموعة من التعاريف. 

يقدم كينيث والتز - Waltz. K في كتابـه "نظريـة السياسـة الدوليـة"  تعريفان للنظرية، الأول يركز على "مجموعة من القوانين المتعلقة بسلوك ظاهرة معينة"، والثاني يشدد على أن "النظريات ليست القـوانين نفسـها، وإنما هي تحاول تفسير هذه القوانين"، ويشرح ذلك بالقول "النظريـات تختلف كيفيا عن القوانين، حيث عن طريق القوانين يتم التعـرف علـى علاقات وارتباطات، والنظريات تظهـر لمـاذا تسـود تلـك العلاقـات والارتباطات."

ويعرفها كريس براون بأنها: "الفكر التأملي"، في حين يعرفها برايت وايت بأنها :  "مجموعة من الفروض التي تكون نسقا استنباطيا بمعنى أنها تنتظم في ترتيب متتابع فيه بعض الفروض اللاحقة تلحق بعض الفروض المتقدمة ...".

أما تعريف مايكل دويل فيرى أن النظريات تعني: " استخدام البيانات التجريبية لاختبار الفرضيات بشأن هذا العالم كاختبار غياب الحرب بين الدول الديموقراطية الليبرالية".

كما استعرض جيمس دوبرتي و روبرت بغالتزغراف مجموعة من التعريفات للنظرية أبرزها: " هي مجموعة من القيم وقواعد السلوك والمبادئ التي تدل على ما يجب أن تكون عليه سلوكية الأطراف السياسية وتدخل في ذلك دراسة العلاقات الدولية من منظور ما يفترض أن تكون عليه أخلاقيا ( النظرية المعيارية)...".

وكتعريف إجرائي يكمن القول أن النظرية هي: " أداة لبناء المعرفة وهي عبارة عن توليفة من الإفتراضات الأساسية والافتراضات الفرعية، التي تعطينا فهم/ تفسير حول ظاهرة محل دراسة ".

تصنيف النظرية

يقدم ستانلي هوفمان تصنيفا ثنائيا للنظريات كما يلي:

- النظرية الفلسفية والنظرية التجريبية: تنطلق الأولى من مسلمات معينة حول الطبيعة الإنسانية وتهدف الى دراسة وتقييم ظواهر سياسية عامة بناء على قيم محددة تمثل ما يعتبره صاحب النظرية قيمة أخلاقية مطلقة. وتقابل ذلك النظريات التجريبية التي تقوم على دراسة حالات محددة قدر الإمكان دون أن تهتم في أكثر الأحيان في التوصل الى إطلاق أحكام عامة.

- النظرية العامة والنظرية المتوسطة أو الجزئية: الأولى تقوم عادة على مفهوم معين وتحاول أن تفسر بواسطته مختلف الظواهر الدولية مثل مفهوم القوة. أما النظريات الجزئية أو المتوسطة فهي تتناول جانبا أو شكلا من الظواهر أو التفاعلات الدولية كصناعة القرار مثلا.

- النظرية الإستنتاجية والنظرية الإستقرائية: تنطلق الأولى من فرضيات ومسلمات معينة لاستكشاف قواعد وأنماط عامة. أما النظرية الإستقرائية فتمثل انطلاقا من واقع محدد ومن حالات معينة، محاولة إبراز سماتها العامة ومن ثمة إطلاق أحكام عامة كلية

وظائف النظرية

لا يمكن القول بوجود نظرية في أي ميدان، ما لم تقم بوظائفها المتمثلة في الوصف، التفسير، والتنبؤ: 

- الوصف: أما وظيفة الوصف في نظرية العلاقات الدولية، فتتعلق بتحديد طبيعة الظاهرة الدولية موضوع الدراسة والتحليل بغرض معرفة ماهيتها. وبعبارة أخرى فإن وظيفة الوصف هي إجابة واضحة عن السؤال: ماذا نبحث؟ فعادة ما تكون الظاهرة مجهولة فيقوم الوصف بالكشف عن ملامحها مستخدما في ذلك مفاهيم تتماشى مع تلك الملامح التي يصفه الباحث للوصول إلى وضع بشأن الظاهرة المدروسة. 

- التفسير: بينما تتعلق وظيفة التفسير بتحليل البعد الزمكاني للظاهرة، اعتبارا أنها تؤثر وتتأثر بالعوامل والمتغيرات البيئية الداخلية والخارجية التي أوجدتها، فيلجأ الباحث إلى التعرف عليها وعلى كل الظروف المتصلة بكينونة الظاهرة المدروسة والعلاقات التي تربط بينها وبين غيرها من الظواهر، أي أن وظيفة التفسير هي إجابة عن السؤال: لماذا؟ 

- التنبؤ: بيد أن وظيفة التنبؤ تهتم بدراسة ما يجب أن يكون مستقبلا، كما تقوم بتوجيه ومتابعة الظاهرة بما يتماشى والهدف الذي تصبو إلى تحقيقه. لكن وبسبب تعقد الظاهرة الدولية وتغيرها فإن هذا يجعل قدرة الباحث على التنبؤ محدودة إلى حد كبير.