مخطط الموضوع

  • النظريات السوسيولوجية للانحراف والجريمة

  • التعريف بالمقياس

    مقياس النظريات السوسيولوجية للانحراف والجريمة مادة أساسية في المقرر الدراسي لطلبة سنة أولى ماستر علم الاجتماع تخصص جريمة  وانحراف حيث يتم من خلال البرنامج  التطرق لمجموعة من النظريات السوسيولوجية التي فسرت السلوك الاجرامي ومحاولة التعرف على مضمونها وأهم القضايا التي ركزت عليها، وحدود هذه النظريات، وكيف يمكن توظيفها في الدراسات السوسيولوجية، وخاصةمحاولة اسقاطها على ظواهر اجتماعية في المجتمع الجزائري 

    الفئة المستهدفة: طلبة سنة أولى ماستر علم الاجتماع تخصص جريمة وانحراف

    السداسي الأول: 2023/2022

    المعامل: 02

    الرصيد: 05


  • معلومات الاتصال


    أستاذ المحاضرة : الدكتور بوزار يوسف

    جامعة جيلالي بونعامة- خميس مليانة  كلية العلوم الاجتماعية والانسانية   قسم العلوم الاجتماعية

    التواصل عبر: youcefbouzar2007@gmail.com

    اأوقات التواصل في المكتب: أيام الأحد، الاثنين والأربعاء من الساعة 11سا إلى 12 

  • مساحة التواصل

  • أهداف المقياس


    سيكون الطالب ملما بأهداف المقياس  بناء على مستويات بلوم المعرفية:

    1- مستوى المعرفة والتذكر Remembre: الطلاب في هذا المستوى يستعيدون المعلومات من الذاكرة (المكتسبات القبلية) حيث يقوم الطلاب بتذكر النظريات التي درسها في السنة الثانية والثالثة ليسانس، ويتم اعطاء الطالب أسئلة اختيار متعددة ويطلب منه الاجابة عليها، كما يمكن إعطاؤهم أسئلة ملء الفراغات، هدفها استحضار ما لديه من مكتسبات قبلية تتعلق بمختلف نظريات علم الاجتماع.

    2- مستوى الاستيعاب والفهم Understand: يقوم الطلاب بتحديد الخصائص الأساسية التي تسمح لهم بتحديد مختلف المتغيرات والمفاهيم المتعلقة بالمحور، وهنا نعطي الطالب بعض الأسئلة المتنوعة انطلاقا مما تم الاستفادة منه وفهمه للدرس.

    3- مستوى التطبيق Apply: يتعرف الطالب على مختلف المفاهيم المتعلقة بالنظريات السوسيولوجية المفسرة للجريمة والانحراف، ونطلب من الطالب تشخيص بعض الظواهر الاجتماعية، وكيف يمكنه تفسير هذه الظواهر انطلاقا من اسقاطه لهذه النظريات.

    4- مستوى التحليل Analyze: يقوم الطلاب بقراءة مختلف نظريات السوسيولوجية المفسرة للجريمة والانحراف، ويعدها نجعل الطالب يقوم بتحليل الفروقات بين مختلف هذه النظريات، وحدودها خاصة في المجتمع الجزائري.

    5- مستوى التركيب والانشاء Create: يبحث الطالب عن دور مختلف النظريات المدروسة في تناول الظواهر الاجتماعية، وهنا يقوم الطالب بالعصف الذهني لإيجاد أسباب المشكلة وكيفية الحل انطلاقا مما استفاده منه من المحاضرات المقدمة.

    6- مستوى التقويم Evaluate: دراسة السلوكيات لدى أفراد المجتمع، بناء على المصادر والأدوات المتاحة للطالب.


  • المكتسبات القبلية


    لكي يستطيع الطالب استيعاب هذا المقياس بسهولة يجب أن يكون على دراية ب:

    _ مفاهيم أساسية حول نظريات علم الاجتماع والتي يكون تلقى البعض منها في السنة الثانية والثلثة ليسانس.

    _ اهم رواد النظريات الاجتماعية وتوجهاتهم الفكرية

  • خطة العمل


    1-مدخل عام (تحديد المفاهيم)

    2- النظرية اللامعيارية ايميل دوركايم

    3- النظرية اللامعيارية روبرت ميرتون

    4- المدرسة الايكولوجية الاجتماعية (مدرسة شيكاغو)

    5- نظرية التفكك

    6- نظرية المخالطة الفارقة

    7- نظرية الضبط الاجتماعي (الرابط الاجتماعي)

    8- نظرية الثقافات الفرعية


  • المقدمة العامة


    تعتبر النظرية بمثابة الإطار الفكري التصوري الذي يجمع الحقائق والمعرفة والنتائج
    التي يتوصل إليها الباحثون، ومن ثم تتجلى خاصية النظرية بأنها تقوم بتجميع هذه الحقائق
    بصورة سهلة، يمكن إعادة دراستها وتحليلها، وأخيرا تتصف بخاصية كون صياغة
    النظريات لا تكون صياغة جامدة بقدر ما تتسم بالمرونة والتجديد.
    وللنظرية السوسيوجية مجموعة من الوظائف التي تؤديها لخدمة الباحثين والبحث العلمي، حيث تقوم
    بتحديد أنواع البيانات، وتقديم إطار تصوري يقوم بتنظيم وتصنيف الظواهر المدروسة، وتساعد على
    التنبؤ، وتقوم كذلك بتوجيه عملية البحث الاجتماعي، وهي مصدر رئيسي لصياغة الفرضيات، وأحد

    مكونات الإطار المرجعي لتفسير نتائج البحوث والدراسات



  • مدخل عام (تحديد المفاهيم)

    2تعريف الانحراف
    _ السلوك غير المتوافق مع السلوك الاجتماعي السوي.
    _ سلوك ينتهك القواعد المعيارية، التفاهم، أو توقعات الأنظمة الاجتماعية.
    _ السلوك الخارج عن المعايير الاجتماعية والثقافية التي يقرها النظام الاجتماعي أو التي تقرها
    جماعة ما.
    -3تعريف الجريمة:
    _ الجريمة هي خروج عن المبادئ وقواعد السلوك التي يحددها ويرسمها المجتمع لأفراده.
    _ الجريمة هي كل فعل أو امتناع عن فعله يعرض صاحبة لعقوبة وفق ما ينص عليه القانون الوضعي،
    حيث أنه لا جريمة ولا عقوبة بدون نص قانوني.
    2
    المشرع الجزائري في هذا السياق يحدد ثلاث مستويات للسلوك الخارج عن القانون والتي يقر بموجبها
    عقوبات وهي( المخالفات، الجنح، الجرائم).
    ملاحظة: تجدر الاشارة الى مجموعة من النقاط وهي.
    _ الانحراف أشمل من الجريمة، بحيث أن كل جريمة تعد انحراف، في حين أنه ليس كل انحراف يعد
    جريمة.
    _ السلوكيات الاجرامية يحددها القانون الوضعي ويحدد العقوبات المقررة لها وفق نصوص قانونية، في
    حين السلوكيات الانحرافية تحددها الجماعة داخل المجتمع وهي السلوكيات التي تستهجنها الجماعة
    وترفضها، وما يمكن اعتباره سلوك انحرافي في نظر جماعة معين ينظر إليه أنه سلوك عادي في نظر
    جماعة أخرى.
    مثال على ذلك: خروج المرأة للعمل، دخولها إلى المنزل في وقت متأخر، لباسها خارج المنزل، عملها في
    بعض القطاعات كالشرطة والدرك......
    مثال: ينظر أفراد المجتمع الجزائري إلى ظاهرة تدخين الفتاة على أنه سلوك منحرف، وكذلك تدخين
    الأطفال في حين أن تدخين الذكور البالغين سلوك مقبول اجتماعيا وغير مستهجن، ورغم ان تدخين الفتاة
    سلوك منحرف في نظر أفراد المجتمع الجزائري إلا أنه لا يوجد نص قانوني يمنع ذلك.
    في حين أن جريمة السرقة أو القتل ... هناك اجماع على أنها سلوك يجب أن يعاقب عليه مرتكبه وفق
    القانون الوضعي.
    -4تعريف علم الاجتماع الجريمة والانحراف.
    علم الاجتماع الجريمة والانحراف هو أحد تخصصات علم الاجتماع الذي ظهر منذ منتصف القرن
    التاسع عشر على يد مجموعة من علماء الإجرام مثل أنريكو فيري، كيتليه، لاكساني وغيرهم، ويدرس
    هذا التخصص الجريمة والانحراف من الناحية الاجتماعية، بمعنى يوضح العلاقة الموجودة بين ظاهرة
    الجريمة وبين الظروف الاجتماعية التي تدفع بالفراد إلى ارتكاب الجريمة وإتيان سلوك مناف للقواعد
    العرفية التي يسير عليها المجتمع.
    إن علم الاجتماع الانحراف والجريمة يتخذ موضوع دراسته كل من الانحراف والجريمة، ويخضع إلى
    المنهجية المتبعة في الدراسة السوسيولوجية انطلاقا من شيئية الظاهرة الإجرامية، وإمكانية إخضاعها
    للمنهج التجريبي بكل مقوماتها، للوصول إلى قدرة التنبؤ بمستقبلها، أي بحجمها ومدى تكرارها وحدوثها،
    ما يمكن أن ينتج من مخاطر وراء حدوثها وانتشارها.
    إن علم الاجتماع الانحراف والجريمة يهدف إلى معرفة أسباب ودوافع الجريمة، وتحديد الأثار السلبية
    التي تتركها الجريمة على الفرد والمجتمع ككل، ويهدف إلى تنوير رأي المشرعين عند صياغتهم
    لنصوص القانونية التي يعاقب بموجبها المجرمين، والتي يكون الهدف منها إصلاحهم وإعادة إدماجهم في
    المجتمع بحيث يكونون اشخاص أسوياء وفاعلين إيجابيين في المجتمع

  • النظرية اللامعيارية دوركايم


    النظرية اللامعيارية إيميل دوركايم
    تمثل "اللامعيارية" الفكرة المحورية في نظرية دوركايم، فقد استخدمها كأداة لتحليل الانحراف
    والجريمة، ولفهم السلوك الانساني بوجه عام، وتشير اللامعيارية إلى حالة اضطراب تصيب النظام، أو
    حالة من انعدام الانتظام أو التسيب، تنجم عن أزمات اقتصادية أو أسرية، وفي نفس الوقت تؤدي الى
    الانحراف، كما تشير اللامعيارية الى حالة تكون فيها العلاقات بين الأعضاء في عملية تقسيم العمل غير
    منظمة أو غير متسقة في اتصالها مع بعضها البعض.
    ويرى دوركايم أن اللأنوميا (اللامعيارية) هي حالة تكون فيها المعايير غير قادرة على ضبط وتنظيم
    سلوك الأفراد أين تصاب بالاضطرابات أو عدم القدرة على القيام بوظائفها، كما ينظر الى التغير
    الاجتماعي باعتباره سببا للامعيارية، ومنطلقا أساسيا لكل الأزمات في المجتمع ومدمرا للنظام.
    تعد هذه النظرية إحدى النظريات المفسرة للجريمة حيث يرى دوركايم أن الجريمة هي ظاهرة اجتماعية
    طبيعية في المجتمع، فلا يخلوا واقع اجتماعي منها، وتتصبح حالة مرضية تستوجب الدراسة في حالة ما
    إذا زادت نسبة الجريمة عن المستوى المعهود في المجتمع.
    كما يرى دوركايم أن للأفراد حاجات وطموحات متزايدة، ولذلك لا بد من وجود تنظيم اجتماعي يعمل
    على تنظيم سلوك الفرد، كما يشير إلى أن حالة الأنوميا تنتج عن تعارض بين الطموحات الانسانية وقدرة
    الفرد على تحقيق تلك الطموحات.
    فالتنظيم الاجتماعي كما يراه دوركايم يشكل جهازا خاصا ضابطا لسلوك الأفراد في المجتمع، وحين يختل
    هذا الجهاز يضطرب في تأدية وظيفته الضابطة، ومنه ينطلق الأفراد وراء أهدافهم متجاوزين كل
    الأهداف المقررة لتحقيقها، ولذلك يتعرض المجتمع إلى حالة عدم الانتظام، حيث تغيب السوية
    الاجتماعية، ويحل محله الشذوذ والانحراف.
    وبشكل عام يرجع دوركايم الانحراف والجريمة الى اللامعيارية واختلال السلوك الانساني، وفقدان التكافل
    الاجتماعي، واضطراب القيم المنظمة للحياة ففي نظره هناك خمس عوامل تؤدي الى حدوث اللامعيارية
    وتتمثل في فقدان السيطرة نتيجة غياب الإرادة القادرة على التأثير في المحيط الاجتماعي، وفقدان المعنى
    وغياب الهدف الموجه للحياة، وفقدان المعايير الواضحة الي توجه سلوك الفرد، بالإضافة الاغتراب
    الاجتماعي أي الانفصال عن الأهداف المحددة ثقافيا، والاغتراب النفسي المتمثل في انفصال الشخص عن
    ذاته مما يؤدي الى الانسحاب والعصيان.
    4
    وأشار دوركايم إلى مجالات اللامعيارية الثلاث وهي المجال الاقتصادي بوجه عام، ومجال الأسرة
    والحياة الزوجية، وأخيرا مجال تقسيم العمل.
    _1اللامعيارية الاقتصادية:
    قام دوركايم بصياغة قضية عامة تعبر عن وجود علاقة بين الأزمات الاقتصادية إحدى صور
    الإنحراف، عندما أشار إلى أن "الأزمات الاقتصادية لها تأثير واضح ومتفاقم على الميل إلى الانتحار"،
    وحاول تأكيد صحة هذه القضية بواسطة الرجوع إلى العديد من الأمثلة الأمبريقية أو الحالات الواقعية التي
    يمكن ذكر بعضها في هذا الصدد، فقد وقعت الأزمة المالية في "فيينا" (النمسا) عام 3781وبلغت ذروتها
    عام ،3781وصاحب ذلك ارتفاع في عدد حالات الانتحار، فبعد كان عدد هذه الحالات يقدر بحوالي 313
    حالة عام ،3781ارتفع الى 351عام ، 3781ثم الى 636عام ،3781وقد وقعت أزمة مشابهة في
    "فرانكفورت" وأدت الى نفس النتائج.
    ويرى دوركايم أنه كلما فقدت المعايير التقليدية سلطتها، تصبح الشهوات مسيطرة وغير قابلة لأن تكون
    محل سيطرة، ومن ثم فإن حالة انعدام الانتظام أو اللامعيارية تصل الى ذروتها بواسطة تلك الأهواء التي
    أصبحت أقل امتثالا، في وقت تحتاج أن تكون فيه أكثر انضباط، وهنا ينمو الصراع في صورته الأكثر
    عنفا وضراوة، وتشتد المنافسة وتكون أعمق.
    ومنه نفهم أن كل الأزمات الاقتصادية الحادة تعد من الأسباب المباشرة في حدوث اللامعيارية، وضعف
    نظام القيم والمعايير وتراجعه، بالإضافة الى هشاشة الضبط الاجتماعي، وهيمنة الأهواء والشهوات
    والطموحات وتصادمها مع الواقع أي الحواجز المتنوعة، وهذا ما يتسبب في حدوث السلوكيات الاجرامية
    والانحرافية.
    كما يشير دوركايم الى مسألة هامة وهي أنه ليست فقط الازمات تؤدي الى الانحراف، فكذلك الانتقال الى
    حالة العيش في الرخاء والرفاهية يؤدي الى نفس النتيجة، وعليه فكل اضطراب في التوازن هو سبب في
    حدوث الانحراف حتى ولو كان يحقق الرفاهية لنتوصل الى نتيجة مفادها أن الجريمة تحدث كلما استدعت
    الضرورة لإعادة النظام.
    نفس الشيء حدث في الجزائر حلال مرحلة التحول الاقتصادي والسياسي وهذا بالانتقال من الاشتراكية
    الى النظام الرأسمالي حيث فتحت الأبواب على مصراعيها، وزالت القيود أمام مجمل أشكال الكسب،
    فحلت الفوضى وتراجعت القيم التقليدية، وانقلب سلم القيم، فكانت النتائج انتشار الفساد الأخلاقي، السياسي
    والاقتصادي، ونمو الجرائم بمختلف أشكالها وأنواعها.
    _2اللامعيارية الأسرية أو الزواجية:
    أشار دوركايم الى أن اللامعيارية الاقتصادية ليست هي اللامعيارية الوحيدة التي يمكن أن تؤدي الى
    الانتحار، فالانتحار الذي يحدث عن أزمات الترمل ينجم عن اللامعيارية الأسرية وهي التي ترتبط بوفاة
    الزوج أو الزوجة، وتعتبر كارثة أسرية تؤثر على الطرف الذي لازال على قيد الحياة، فيعجز عن التوافق
    مع الموقف الجديد الذي يجد ذاته فيه، وبالتالي يكون أقل مقاومة للإنتحار، حيث توصل أن عدد حالات
    الانتحار في أوروبا يتغير تبعا لتغير عدد خلات الطلاق والانفصال، وأن هناك تواز في عدد خالات
    الانتحار وعدد حالات الطلاق.
    5
    _3اللامعيارية في تقسيم العمل:
    تناول دوركايم اللامعيارية في مجال تقسيم العمل كما أنه عمل على التمييز بين ثلاثة أنواع
    أولها تقسيم العمل الذي يراعي القدرات والكفاءات، وهنا نجد الشخص المناسب في المكان المناسب
    ثانيا تقسيم العمل الذي لا ينتج تضامنا وتكافلا بين أعضاء المؤسسة، هنا نجد انعدام وضعف الاحساس
    بالمشاركة بين العمال، كما نجد تقسيم العمل الذي يمتاز بفقدان التكافل بين الوظائف داخل النسق
    الاجتماعي، والذي نجده في حالة الأزمات الاقتصادية، وهنا تظهر اللامعيارية في تقسيم العمل.
    كما أشار دوركايم الى قضية هامة وهي حالة التخصص في المهن والوظائف الذي ينتج عنه الصراع،
    مثاله في ذلك صراع المؤسسات الصناعية التي تقوم بإنتاج نفس المادة، ما يدفعهم الى التلاعب والتحايل
    في مكونات قصد خفض الأسعار.
    تقييم للنظرية اللامعيارية عند دوركايم.
    _ منذ نشر دراسة الانتحار ظهرت عدة بحوث تعارض منهجية دوركايم، ولاسيما استخدامه الاحصائيات
    الرسمية ورفضه المؤثرات غير الاجتماعية في الانتحار، وإصراره على تصنيف جميع أنواع الانتحار
    بعضها مع بعض.
    _ العديد من الدراسات جاءت لتفند مزاعم دوركايم حول ما أسماه باللامعيارية وعلاقتها بالسلوك
    الإجرامي _الانتحار_ وإهماله للعديد من أشكال الانحراف.
    _ كذلك نجد أن دوركايم جاء لتأسيس علم الاجتماع وأغفل شروط التأسيس لأي علم تكون في الاعتماد
    على المقاربة المتعددة الأبعاد، بمعنى عدم الاعتماد في التفسير على عامل واحد، وتطبيق مبدأ العوامل
    المتعددة المتداخلة والمتضامنة فيما بينها، وهذا ما لم يقم به دوركايم.
    _ أعطى للجريمة الطابع "الطبيعي_ العادي" وحسب تفسيراته لها لا داعي لردع ومحاسبة الجاني، وهنا
    نجده قد عطل دور علم العقاب، والمؤسسات العقابية لمكافحة الجريمة، ولم يقدم البديل فيما يخص التعامل
    مع الجريمة.
    لكن رغم هذ الملاحظات إلا أن "دوركايم" يبقى الرائد والمؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع الربي، وهذا
    بفضل إسهاماته العديدة في حقل النظرية الاجتماعية، وغزارة عطائه في علم الاجتماع، وهنا نشير الى
    دور دوركايم في فهم السلوك الاجرامي بتعريفه للجريمة إذ يقول": الجريمة ظاهرة طبيعية يجب قبولها
    على أنها تعبر له وظيفته، فهي موجودة في جميع المجتمعات في كل الأزمنة، لكنها تصير ظاهرة مرضية
    غير عادية فقط عندما ترتفع أو تنخفض عن المتوسط أو المعدل، ولا يمكن اعتبارها مرضية حينما لا
    تؤثر سلبا في المهام الوظيفية للمجتمع، حيث أن الجريمة ليست عرضية وإنما هي من صفات المجتمع
    وتركيبه وثقافته، فالفرد يعتبر جزء من المجتمع لذلك فإن جنوحه وخروجه عن قواعد السلوك الجماعية لا
    يمثل ظاهرة مرضية شخصية، وإنما يعتبر ذلك ناشئا عن المجتمع مباشرة، وعما يتصف به من
    6
    خصائص، لذلك فإذا كانت الجريمة لازمة ولا تخرج عن المعدل المتوسط للمجتمع فإنها عادية وطبيعية،
    بل وتعتبر علامة صحة المجتمع وسلامة نظمه ومؤسساته"


  • النظرية اللامعيارية روبيرت ميرتون


    النظرية اللامعيارية عند "روبيت ميرتون"
    طور" ميرتون" مفهوم الأنوميا عندما عرفه أنه حالة اجتماعية تتصف بالتناقض والصراع بين الأهداف
    التي يحددها المجتمع والطرائق التي يقررها لتحقيق هذه الأهداف.
    وبالتالي الجريمة حسب" ميرتون" تحدث عندما لا يستطيع الأفراد تحقيق احتياجاتهم وطموحاتهم عن
    طريق السبل المشروعة التي تحددها ثقافة المجتمع، فيضطر الفرد إلى تحقيق أهدافهم عن طريق السبل
    غير المشروعة، وهذا راجع حسب "ميرتون" أن المجتمع يتكون من أفراد ُمختلفين في خصائصهم
    الاجتماعية والاقتصادية وامكاناتهم الشيء الذي يجعلهم أيضا مختلفين في بلوغ أهدافهم.
    فكلما كان أفراد المجتمع يتقبلون الأهداف والوسائل المعترف بها اجتماعيا فإن سلوكهم النهائي يكون
    متوافق مع القانون، وفي المقابل يكون سلوكهم غير متوافق مع القانون في حالة كانت الأهداف أو الوسائل
    محل للرفض أو محل لعدم استطاعتهم الوصول اليها.
    كما يحدد "ميرتون" اختلاف ردود الأفعال الأفراد اتجاه هذه الأهداف والوسائل المشروعة إلى خمسة
    أنماط وهي:
    الإمتثاليون: يقبلون كلا من القيم والأساليب المتبعة لتحقيقها وتندرج أغلبية الناس في هذه الفئة.
    المبتكرون: وهم المبدعون يستخدمون الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى الأهداف ويدخل
    في هذا النوع المجرمين الذين يكتسبون ثروة عبر الأنشطة غير الشرعية.
    الطقوسيون: يلتزمون بالقواعد بحد ذاتها دون أن تأخذ بعين الاعتبار المرامي والغايات، وهي حالة من
    الانحراف غير المعيب، يميل أصحاب هذه الفئة إل التمسك بالإجراءات الروتينية والطقوس حتى ولو لم
    تقودهم إلى التقدم في حياتهم المهنية.
    الانسحابيون: هم من تخلوا عن المنافسة والتطلع إلى الأمام فرفضوا القيم والوسائل المتفق عليها، وهم
    يمثلون غالبا الأفراد الذين يتعاطون المخدرات.
    المتمردون: يرفضون كلا من القيم والوسائل ويعملون على إيجاد بدائل جديدة ويُعيدون تصور النظام
    الاجتماعي، ويدخلون في عداد هذه الفئة أفراد الجماعات السياسية.
    وعليه يمكن تناول الجريمة من منظور" روبرت مرتون " على أنها محصلة نتاج البيئة التي يتعامل معها
    الأفراد، وعليه السلوك الإجرامي لا يحدث بسبب بواعث ودوافع فردية للخروج عن الضبط الاجتماعي،
    7
    ولكنها عل العكس من ذلك، فتش ُكل الجنوح الاجتماعي هو نتاج التفاعل بين كلا من النظام الاجتماعي
    وثقافة المجتمع.''
    كما عدل مفهوم الضياع والذي يعني به الضغوطات التي تفرض على السلوكيات حينما تتعارض المعايير
    والقيم الاجتماعية المتعارف عليها مع الواقع الاجتماعي، فتنتج الجريمة والتي هي استجابة طبيعية
    للأوضاع التي يعيشها الفرد.
    فحالات الفقر وانعدام فرص العمل تدفع الأفراد إلى السرقة وتعاطي المخدرات لتناسي الواقع المرير.
    كما ميز "ميرتون" بين نوعين من الانحراف وهما المعيب وغير المعيب، فالأول هو خرق
    النظام الاخلاقي وهو ما يتعارض مع القانون الجنائي، أما الثاني هو خروج عن القيم والقواعد ولكنه لا
    يتناف مع قانون الجنائي.
    من هنا يفرق بين نوعين من المنحرفين المنشق وهو الذي يجهر بخروجه عن النظام الاخلاقي،
    والمنحرف الضال هو الذي ينكر ويكتم خروجه عن النظام.
    وبناء على ما تقدم يمكن القول بأن نظرية" ميرتون" عالجت موضوع الجريمة أو السلوك الجنائي وهي
    نظرية عامة فهي ترى أن المجتمع يؤكد على أهداف ثقافية بنائية من جهة، ومن جهة أخرى يضع الوسائل
    المقبولة والمشروعة لتحقيق أهداف المجتمع مثل التعليم والعمل وجمع المال، فميرتون يرى أن الهدف
    الأسمى في المجتمع الأمريكي هو المال ، وبالتالي فإن أي سلوك لا يحترم هذه القيمة هو سلوك منحرف،
    وعندما يواجه الشخص ضغوط البناء الاجتماعي وضغوط النجاح وتحقيق الأهداف، تظهر مرحلة
    الأنوميا.
    وفي ذلك يقول ميرتون " إن الصراع بين الوسائل المؤسسية والأهداف المحددة الثقافية هي التي تسبب
    اللامعيارية"، وهكذا نجد ميرتون مختلفا عن دوركايم في تفسيره للانحراف إلى حد ما ففي حين يرى
    دوركايم أن الإنسان لديه رغبات غير محدودة بشكل طبيعي وهو يتوق لتحقيقها وبالتالي لابد من ضبطه
    اجتماعيا، نجد ميرتون يرى أن الظروف الاجتماعية تضع ضغوطا متباينة على الأفراد تبعا للبناء
    الاجتماعي، وبما أن الأفراد يحتلون مواقع متباينة أيضا فلابد أن يتكيفوا أو ينسحبوا بشكل مختلف، أما
    فيما يتعلق بالرغبات التي تحدث عنها دوركايم فنجد ميرتون يرى أنها ذات منشأ اجتماعي.
    كذلك يجب الإشارة هنا إلى: أولا أن الوسائل المشروعة التي تكلم عنها روبيرت ميرتون ليست بالضرورة
    هي الوحيدة لتحقيق أهداف المجتمع، فهناك دائما وسائل غير مشروعة وقد تكون متوفرة وأكثر فعالية،
    وثانيا أن الكثيرين ممن تحدثوا عن ميرتون وكتبوا عنه استخدمه مثاله عن المال كهدف أسمى في المجتمع
    الأمريكي، ولكن ميرتون استخدمه كمثال فقط على النجاح.
    ومما يدعم هذا القول إن المجتمع الأمريكي ليس مجتمعا متجانسا، وهناك طبقات وشرائح اجتماعية قد
    ترى النجاح في أمور أخرى كثيرة غير جمع المال، ولكن كما يقول ميرتون نفسه، إن التأكيد على النجاح
    8
    بمعنى بلوغ الأهداف وتحقيقها يستجيب له الناس بطرق مختلفة تبعا لضغوط البناء الاجتماعي كما أسلفنا
    عنه.
    بعد هذا العرض السريع لأطروحات ميرتون حول مسألة الجريمة والانحراف نحاول أن نقدم هذه الأفكار
    في شكل نقاط:
    يعود سبب إقبال بعض الأفراد على السلوك الإجرامي إلى عدم القدرة على التكيف مع الضغوطات التي
    تفرزها الثقافة السائدة داخل المجتمع.
    كذلك إلى تصادم الرغبات الفردية والغرائز والنزوات مع الثقافة.
    الرغبات والغرائز المتطلب تحقيقها وإشباعها هي في الحقيقة غير طبيعية، بل هي في أغلبها إغراءات
    وليدة الثقافة ( وهنا نجده يتكلم عن الثقافة الأمريكية الرأسمالية)
    كما أن للتركيبة الاجتماعية للمجتمع دخل في دفع بعض الأفراد إلى الطرق غير الشرعية لتحقيق
    رغباتهم، وهنا نجده يعطي أمثلة عن الطبقة الدنيا بالخصوص التي تجد العراقيل والحواجز في طريقها
    عند سعيها في تلبية هذه الرغبات مما يدفعها إلى الانحراف والجريمة.
    يحاول ميرتون تفسير الجريمة والجنوح عن طريق إتباع منهج تحليلي في تحديد وفرز مصادرها
    الاجتماعية والثقافية، ويعتبر أنه من أولى أولويات أهدافه اكتشاف الوسيلة التي يتم بها قيام بعض أنماط
    المجتمعات بوضع الضغوطات والعراقيل أمام بعض الأفراد والجماعات، مما يحثهم ويحفزهم على إتباع
    أنماط السلوك غير السوية، والعزوف عن غيرها من الأنماط المقررة اجتماعيا، وتقول فرضية ميرتون
    بأنه لو أمكن فصل عدد من المجموعات والفئات التي تتعرض إلى مثل هذه الضغوط في مجتمع ما،
    لأمكن
    بذلك توقع انحراف نسبة كبيرة من أعضاءها، ويضيف بأن ذلك لا يرجع إلى كون هؤلاء مصابين بنوعية
    وميول حيوية غريزية خاصة بهم، ولكنهم إنما يرتكبون الجرائم والمخالفات كردود فعل) عادية وطبيعية (
    للظروف الاجتماعية التي يجدون أنفسهم فيها.
    وحول اللامعيارية التي تصيب المجتمع نجد أن ميرتون يرجع هذا إلى التأكيد أولا وقبل كل شيء على
    تحقيق الأهداف من طرف الأفراد على حساب الوسائل، وعليه فالتفكير أولا على تحقيق الأهداف دون
    النظر في طبيعة الوسائل تكون نتائجه المساس بالمجتمع بثقافته والتوافق الموجود فيه، وهذا ما يؤدي إلى
    حالة التفكك والتصدع في البناء والنظم الاجتماعية، ومنه ويسقط المجتمع في حالة من اللامعيارية ومعها
    تنتشر مظاهر وصور الجريمة والانحراف، وهذا تطابقا مع التعريف الذي أعطاه ميرتون حول الجريمة،
    إذ
    قال" يمكن تفسير السلوك الإجرامي من وجهة النظر الاجتماعية، على أنه ظاهرة من ظواهر الانفصال
    وعدم الترابط والوفاق بين مجموعة الغايات والأهداف التي تحددها الجماعة حسبما تمليه الثقافة السائدة،
    9
    وبين الوسائل (المعايير والقواعد) التي ينص عليها ويقرها التنظيم الاجتماعي والبنية الاجتماعية لتحقيق
    هذه الغايات وبلوغ هذه الأهداف."
    من خلال ما ذكر أعلاه يمكن تصنيف المجتمعات البشرية إلى نوعين:
    النوع الأول: ويشمل المجتمعات التقليدية التي تؤكد ثقافتها على الأهداف وتنص بنيتها على الوسائل في
    ذات الوقت.
    النوع الثاني: يتمثل في المجتمعات الصناعية) المتطورة والحديثة(، التي حين تؤكد على الأهداف فإنها لا
    تؤكد على الوسائل بالدرجة نفسها.
    يشير ميرتون إلى أن الجنوح يمثل علاقة الفرد بمجتمعه وما يتخذه من مواقف اتجاهه، أو أنه يعتمد
    بالدرجة الأولى على تكيف الفرد مع الوسائل التي يفرضها المجتمع لتحقيق الأهداف والغايات المطلوبة أو
    المرغوبة اجتماعيا، ويتم التوافق) السلبي أو الايجابي(، والتكيف مع المعطيات الاجتماعية هذه من خلال
    اختيار واحد من خمسة مواقف أو بدائل وهي: التقيد والالتزام، التجديد والابتكار، الطقوس، الاغتراب،
    الثورة.
    وتجدر الإشارة إلى أن اختيار الفرد لأي من هذه المواقف والبدائل قد لا يكون بصفة مستمرة، وإنما بناء
    على الظروف والأحوال، أي بمعنى إمكانية الانتقال من موقف إلى آخر، وتعديل الأدوار التي يقوم بها
    الفرد من خلال مختلف مراحل تعايشه في مجتمعه، وبذلك فإن هذه المواقف قد لا تشير إلى أي نوع من

  • المدرسة اليكولوجية الاجتماعية (مدرسة شيكاغو)


    المدرسة الإيكولوجية الاجتماعية) مدرسة شيكاغو(
    يعرف فوس و بترسون Vossand et Petersonفي كتابهم "الايكولوجيا الاجتماعية" الايكولوجيا هي
    دراسة العلاقة بين الكائنات الحية و بيئتها".
    تعد الايكولوجيا من المساهمات الرئيسية لمدرسة شيكاغو في علم الاجتماع خاصة في مجال الجريمة
    والانحراف، حيث انها تنظر إل ثنائية الحي – المجتمع بمنظور عضوي وخاصة عل يد العالم "روبرت
    بارك" Robert Parkعندما كان يحث طلابه على الذهاب إلى قاع المدينة، والتي كانوا يعتبرونها مختبر
    علم الاجتماع، ولقد ساد هذا المنظور في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي،
    فكانت المدينة في نظرهم ليست مجرد ظاهرة جغرافية بل كنسق أو كنوع من الكائنات الاجتماعية، والتي
    كانت حسبهم تتألف من مناطق طبيعية، تتميز كل منطقة بخصائص معينة تختلف عن غيرها من حيث
    الخلفية الاثنية أو التجارية، إذ يقترب هذا المفهوم من مفهوم دوركايم عن التضامن.
    ونقصد بالاثنية أو العرقية فئة من الافراد يتشابهون وينتمون إلى مجموعات محددة كالسلف، اللغة
    المجتمع، الثقافة، كما يمكن تقسيم الاثنية الكبيرة إلى مجموعات فرعية أصغر وتعرف بالقبائل أو العشيرة.
    طور كل من بارك و برجس Park et Burgessما يسمى بنموذج المدينة المركزي للمدينة والذي
    يضم خمسة مناطق مستخدمين في ذلك مفاهيم: السيطرة والغزو والاحلال، وهي مفاهيم مستعارة من
    الايكولوجيا الحيوانية والنباتية، ونعني بالإحلال أن شيء جديد يحل محل شيء قديم مثاله نظام جديد يحل
    محل نظام قديم، ومن خلال النظرية نعني به احلال مجتمع مكان مجتمع اخر، والمناطق الخمسة هي
    كالآتي:
    المنطقة الاولى: وهي منطقة التجارة، تتميز بقلة السكان وسيطرة المؤسسات التجارية والخدمات
    الرخيصة، والفنادق المتواضعة، تليها والمجاورة لها المنطقة الثانية.
    المنطقة الثانية: منطقة التحول وفيها تبدأ المصانع وغيرها في غزوها والسيطرة عليها شيئا فشيئا،
    وبالتالي وان كانت رخيصة إلا أن السكان لا يفضلون الإقامة بها، إلا الفقراء منهم وخاصة المهاجرين
    الذين عادة يعملون في المصانع القريبة لها، وعندما تتحسن احوالهم وظروفهم الاقتصادية والمعيشية
    سوف يغادرونها إلى المنطقة الثالثة.
    المنطقة الثالثة: وهي منطقة سكن للعمال، وهي ايضا منطقة السكان الآتيين من منطقة التحول أي المنطقة
    الثانية علما أنه سوف يحل محلهم القديم عمال ومهاجرون جدد.
    المنطقة الرابعة: هي الاغلى ولا يتحمل الاقامة بها إلا الاثرياء.
    المنطقة الخامسة: وتسمى الضواحي، وهي المنطقة التي يقيم فيها الاشخاص الاثرياء ثراء فاحش.
    رأى برجس أن كل المدن تتوسع حسب هذا النموذج.
    رسم كلا الباحثين صورة مصطنعة ومتغيرة للمدينة، فالعلاقات الاجتماعية متغيرة، فالناس يجهلون
    بعضهم وهويتهم مجهولة، فعلاقاتهم غير مستقرة ومتحولة وروابطهم ضعيفة، وهذا الضعف في العلاقات
    الاجتماعية يؤدي إلى التفكك الاجتماعي، وهكذا يصبح التفكك الاجتماعي مسؤولا عن الجريمة
    والانحراف الاجتماعي.
    لقد بنى الباحثان" شو و مكاي" Show et Mckayعلى من سبقهم من علماء مدرسة شيكاغو وخاصة
    بارك وبرجس في دراسة انحراف الاحداث في مدينة شيكاغو، ومن أجل القيام بذلك اعتمدوا على الأرقام
    الرسمية للأحداث المنحرفين الصادرة من الدوائر الرسمية، مفترضين أن هناك علاقة وثيقة بين البيئة
    الاجتماعية والانحراف، واستخدموا سنة 2491ثلاثة أنماط من الخرائط بحيث وضعوا معدلات انحراف
    الأحداث الذكور في شيكاغو بين الأعوام ،2411-2411ثم خرائط النقاط بحيث وضعوا عليها نسب
    2
    الأحداث ذوي السجلات لكل من 912منطقة احصائية، ثم خرائط المناطق للمناطق الخمس التي تحدثنا
    عنها سابقا.
    وقبل الحديث عن تلك التفسيرات العلمية لابد من التذكير أن شو و مكاي افترضوا أن العلاقات
    الاجتماعية الجيدة والصداقات بين الناس في الأحياء تعمل كضوابط اجتماعية ضد الجريمة والانحراف
    وبالتالي يسود التنظيم الاجتماعي، أما اذا وجد العكس وفقد الناس الشعور بالولاء للمنطقة فإن التفكك
    الاجتماعي هو الذي سوف يسود، وبالتالي تظهر المشاكل الاجتماعية كالجريمة وانحراف الاحداث.
    يرى روبرت سامبسون وبايرون جروفز ( )sampson et Groves, 1989أن هناك أربع مكونات
    رئيسية للتفكك الاجتماعي وهي:
    _2المكانة الاقتصادية المتدنية.
    _1الجماعات العرقية المختلفة.
    _1الحراك الاجتماعي المرتفع للمنطقة سواء المغادرون منها أو القادمون إليها.
    _9البيوت المفككة والعائلات المضطربة.
    وبناء على ما سبق يمكن القول أن التفكك الاجتماعي هو تفسير لمعدلات الجريمة وانحراف الاحداث.
    لقد استطاع شو و مكاي فحص العلاقة بين عدد من المتغيرات المرتبطة بالمجتمع المحلي وانحراف
    الاحداث، ووجدوا أن هناك مجموعة من الخصائص المميزة للمناطق مرتفعة الانحراف ومن هذه
    الصفات:
    _ ارتفاع نسبة المولودين خارج البلاد ووجود السيدات السود على رأس أسرهن (بدون ذكور).
    _ ارتفاع نسبة العائلات المعتمدة على المعونات.
    _ انخفاض معدل المالكين لبيوتهم، وانخفاض معدلات الاجور للمساكن.
    _ ارتفاع معدلات الهروب من المدارس.
    _ ارتفاع وفيات الأطفال.
    _ ارتفاع معدلات الإصابة بالسل والاضطرابات العقلية.
    _ ارتفاع معدلات المجرمين البالغين.
    إضافة إلى ما سبق حاول شو و مكاي معرفة ودراسة ظاهرة انحراف الاحداث عبر الزمن على الرغم
    من التغيرات السكانية فقد وجدوا ثباتا واستقرار لمعدلات الانحراف، وهكذا توصلوا إلى نتيجة مفادها ان
    سبب الانحراف والجريمة هي المنطقة التجارية الاولى وكذلك الثانية، فهما المنطقتين الاكثر تحولا
    وتعرضا للقيم الجديدة وبالتالي حدوث الصراع الاجتماعي، كما رأوا أن التفكك الاجتماعي يتمحور حول
    ثلاثة متغيرات وهي الفقر، والحراك الاجتماعي واللاتجانس العرقي.
    الفقر والحراك السكاني واللاتجانس العرقي ينتج عنه التفكك الاجتماعي الذي هو سبب لوقوع الجريمة
    والانحراف.
    نقد النظرية:
    _1الاعتماد على الاحصائيات الرسمية، والتي هي موضع شك دائما من قبل الباحثين.
    _1لم يؤمنوا بأهمية الاصلاح والتأهيل للأحداث المنحرفين.
    _1لم يحاولوا تفسير كافة الجرائم وبالذات جرائم الطبقات

  • نظرية التفكك الاجتماعي



    نظرية التفكك الاجتماعي
    تعتمد هذه النظرية في تفسيرها للجريمة والانحراف على حالة التفكك الاجتماعي التي تعيشها
    المجتمعات كنتيجة للتغيرات والتحولات التي تحدث في أبنية المجتمع.
    جوهر النظرية يتمثل في كون أن السلوك الاجرامي والانحرافي ما هو إلا نتيجة الاضطراب الذي
    يصيب البناء الاجتماعي والذي يصاحبه قصور في الاداء الوظيفي.
    يعرف ميشال مان التفكك الاجتماعي" بأنه مصطلح يشير إلى جملة من الاضطرابات التي تصيب
    النمط والنظام التقليدي بالمجتمع، وهي مقترنة بالتغير الاجتماعي، ومن جهة أخرى تؤثر في الضبط
    الاجتماعي "
    يعد العالم الاجتماعي ثورستن سيلسن من رواد نظرية التفكك الاجتماعي وقد استوحى نظريته من
    واقع المجتمع الأمريكي الذي عاصره ومن واقع المجتمعات التي عاصرها ولم يعايشها، وقارنها
    بالمجتمعات المتحضرة، مما شجعه على إجراء مقارنات عددية كانت نتائجها ارتفاع في حجم الحرية في
    المجتمعات المتحضرة وانخفاضها في المجتمعات الريفية، ولهذا أرجع الجريمة إلى التفكك الاجتماعي.
    حيث يحدث التفكك في المجتمعات نتيجة لضعف الروابط الاجتماعية أو انهيارها ويرى سيلين أن
    المجتمعات الريفية مازالت محتفظة بتقاليدها وقيمها، أين يسودها الترابط والتعاون بين الأفراد في
    علاقاتهم، وأما المجتمعات المتحضرة تفتقد إلى هذه الروابط والانسجام، وتطغى الفردانية والأنانية في
    العلاقات بين الأفراد، وهي السمة الغالبة عل هذه المجتمعات.
    ولذلك يقرر سيلين أن عملية التفكك الاجتماعي المتمثل في تصارع المصالح والقيم الذي يرجع إلى
    انعدام الترابط والتناسق والانسجام بين أفراد المجتمع هو العامل الحقيقي وراء ازدياد حجم الظاهرة
    الاجرامية في المجتمعات الحديثة والمتقدمة حضاريا.
    كما أن ضعف العلاقات التي تربط بين الأفراد، وفشل مؤسسات المجتمع في تعزيز علاقتها ببعضها
    البعض يؤدي إلى انتشار النزعة الفردانية في التعاملات وطغيان المصالح الشخصية على حساب مصالح
    الجماعة، وهذا راجع للتغير الذي شهدته المجتمعات فكلما زادت المجتمعات تقدما وتحضرا كلما كانت
    المداعاة لنشأة الجريمة والانحراف، وهذا ما يفسر ازدياد حجم الجريمة وتعدد انماطها، فغياب التكافل
    الاجتماعي بين الأفراد يزيد من فرص وقوع الجريم.
    من رواد النظرية ايضا نذكر سذرلاند ، E.Sutherlandبرجس ، Burgesو شو ، Showحيث
    _ يرى شو أن المناطق المتخلفة بالمدن تعد مراكز لتفريخ الجريمة لأنها مناطق تمتاز بالتفكك الاجتماعي،
    بحيث لا يخضع المجتمع للضغوط الملزمة اجتماعيا، فتضعف الرقابة عن أعضائه.
    _ أما برجس يرى أن التفكك الاجتماعي يتمخض عن تغيرات سكانية، أي الظروف السكنية سيئة أدت إلى
    ارتفاع الجريمة.
    _ في حين سذرلاند يعتقد أن المجتمع يتكون من جماعات أولية) فرعية ( تتميز بتباين المعايير والقيم فيما
    بينها، وهذا يعد تفكك اجتماعي، ومن الطبيعي أن يتمخض عنه سلوكيات منحرفة.
    4
    هناك قواسم مشتركة بين نظرية التفكك الاجتماعي والنظرية اللامعيارية (الانوميا) فكلاهما يفترض أن
    الاستقرار والتكامل في النظام الاجتماعي يفضي إلى امتثال الافراد، وأما الاضطراب والتصدع وفقدان
    التكامل في النظام يؤدي إلى الجريمة والانحراف.
    تفترض كلا النظريتين أنه كلما قل وجود التضامن والتلاحم أو التكامل داخل الجماعة، كلما ارتفعت
    احتمالية وقوع الفرد في الجريمة والانحراف

  • نظرية المخالطة الفارقة



    نظرية المخالطة الفارقة

    وضع هذه النظرية العالم الاجتماعي الأمريكي" سوذرلاند " Sutherlandالذي اهتم خصوصا بدراسة
    رجال الأعمال، وأشتهر عالميا من خلال دراسته الرائعة عن اللص المحترف حيث تعمق في وصف
    نموذج حياته، وتدريبه على الانحراف وتدرجه فيه، كما وصف جماعات اللصوص المحترفين، وروحية
    الفريق بينهم، ومواثيق الشرف التي تحكم تصرفاتهم، وعلاقتهم مع المجتمع الكلي.
    كما تُعرف ايضا بنظرية المخالطة التفاضلية، وتسمى كذلك بنظرية الترابط التفاضلي وايضا الترابط
    الفارقي، ويرجع هذا التعدد في التسميات إل الترجمة ، و يعد سذرلاند من كبار علماء الاجتماع الذين
    كانت له اسهامات جدية ولها تأثر واضح في الدراسات اللاحقة في ميدان الجريمة الانحراف.
    حيث اعتبر ان التفكك الاجتماعي هو السبب الرئيسي للسلوك الاجرامي، وذلك في صياغته الاول
    لنظريته التي نشرها سنة 9191في كتابه " مبادئ الاجرام" ، غير انه عدل و اضاف تفسيرا جديدا
    لنظريته.
    اهتم سذرلاند بدراسة رجال الاعمال ، كما اشتهر بدراسته عن اللص المحترف تنطلق نظريته من عدة
    فرضيات نلخصها في النقاط التالية:
    _9السلوك الاجرامي سلوك مكتسب عن طريق التعلم و ليس وراثيا.
    _2السلوك الجانح يتم تعلُمه من خلال التفاعل مع أشخاص آخرين.
    _9السلوك الاجرامي يتم تعلمه ضمن الجماعات الأولية الحميمية مباشرة ، كما أقر أن وسائل الاعلام لا
    تساهم الا بدور ثانوي.
    _4عندما يتعلم السلوك الاجرامي فإن ذلك يعني:
    أ/ تعلم أساليب ارتكاب الجريمة البسيطة منها والمعقدة.
    ب/ تبرير السلوك الاجرامي ) يجد نفسه بين فئة تحترم القوانين وفئة لا تميل لاحترامه ، مما يؤدي إلى
    صراع بين هاته المعايير(.
    _5ان الدافعية وبواعث الجريمة تتحدد من خلال تقبل أو عدم تقبل القواعد القانونية.
    _6يصبح الفرد جانحا نتيجة غلبة الكفة للفئة التي تحبذ انتهاك القواعد القانونية على احترامها.
    _7الاختلاط التفاضلي يتباين في التكرار والشدة والأسبقية.
    الأسبقية: تأثر الفرد بالسلوك السائد ضمن الجماعة.
    الاستمرار : فترة من الزمن يسمح بإكسابه مسلك الجماعة.
    الشدة : عمق تأثير الذي تمارسه الجماعة المنحرفة على الشخص الجانح.
    _8تعلم السلوك الاجرامي مثل تعلم أي سلوك يتمخض عنه آليات و ميكانيزمات عمليات التعلم
    2
    أولا : تعلم جوانب المادية والتقنية أي تقنيات ارتكاب الجريمة.
    ثانيا :تعلم الفرد مجموعة من الاتجاهات والقيم والتدابير.
    _1السلوك الاجرامي يعبر عن قيم واحتياجات، لكنه لا يفسر من خلالها لان أي سلوك يعكس قيما
    واحتياجات عامة، مثاله اللص يسرق ليحصل عل المال)قيمة ( والعامل يعمل من اجل نفس القيمة) المال(
    بالرغم من أن جميع الافتراضات تشكل فحوى نظرية سذرلاند إلا أن القضية السادسة أو الافتراض
    السادس هي التي يحددها عل أنها مبدأ أو قاعدة نظرية الترابط التفاضلي، وهذا هو مصدر ارتكاب الفرد
    للأفعال الاجرامية، وذلك لأنه من خلالها يتعلم الفرد التبريرات والاتجاهات المحبذة لخرق القانون.
    التفسير العلمي للجريمة حسب سذرلاند وتليمذه كريسي يمكن فهمه وصياغته بالاعتماد على طريقتين.
    اولا : التفسير الميكانيكي أو الموقفي أو الموضعي، سماه بموقف أو لحظة وقوع الجريمة، فالفعل
    الاجرامي لا يحدث إلا بوجود فرصة مواتية لارتكاب الجريمة، مثاله سارق بنك يسطوا عل البنك اذا
    لاحظ أن البنك غير محروس.
    ثانيا :التفسير التطوري للشخص المجرم : أو ما يسمى بتأثير التطور الاول في حياة الفرد المجرم، وهو
    ما يسمى أيضا التاريخ الفردي والتطوري للشخص المجرم ، سماته واستعداداته البيولوجية.
    يمكن الاعتماد على هذه النظرية في فهم السلوك الاجرامي خاصة جرائم الياقات البيضاء على عكس
    نظرية ميرتون الذي ركز على جرائم الطبقات الدنيا.
    بعد وفاة سذرلاند قام دولاند كريسي بتنقيح كتاب "مبادئ علم الجريمة" من طبعة الخامسة وحتى الطبعة
    العاشرة، واصبح مناصرا للنظرية ومطبقا اياها على العديد من المجالات المختلفة في علم الاجرام ، كما
    قام بتنقيح وتعديلات لنص النظرية الا أنه ابقى بقصد على القضايا التسعة الرئيسية كما صاغها سذرلاند،
    وبعد وفاته قام دايفيد لكنبل ، Lukenbillقام هو الآخر بتنقيح النظرية في الطبعة الحادية عشر الا انه لم
    يغير شيئا في القضايا التسعة.
    تقييم نظرية المخالطة الفارقة
    _ هذه النظرية لا تعالج ديناميكيات الجريمة (التغيرات الكيفية والكمية في معدلات الجريمة بالمجتمع)
    فهي لا تفسر لنا لماذا تتغير طرق أو الأساليب التي يرتكب بها الأفراد السلوكيات الإجرامية، ولماذا
    تطورت العديد من أنماط السلو الإجرامي في الوقت الراهن ولم تكن معروفة في وقت سابق.
    _ يلاحظ أن هذه النظرية لا تبتعد كثيرا في أساس أفكارها عما طرحته نظريتي التفكك والضبط
    الاجتماعي، والفارق يكمن في أن هذه النظرية تجمع بين الاثنين مع فتفسر الإجرام باختلاط الفرد
    بالجماعات غير المنظمة وتفسر انتشار الجريمة في الجماعة من خلال التفكك الاجتماعي الذي يؤثر
    بدوره على وسائل الضبط الاجتماعي.
    _ هذه النظرية تضع الفرد موضع الطائع لمكونات الثقافة التي يتفاعل معها متناسية رغبات الأفراد في
    التغيير والابتكار، والرفض لبعض أنماط السلوك غير الاجتماعية، فقد جعلت هذه النظرية من الفرد مجرد
    استجابة للثقافة (خاصة الفرعية _ وبالخصوص ثقافة جماعة الرفاق) والانصياع وراءها دون القدرة على
    المقاومة، وفرض الذات من خلال التمسك بمعايير الثقافة المتفق عليها من طرف كل أفراد المجتمع.
    3
    _ أنها نظرية تفسر سلوك الجناح عند كثير من الأحداث، ولكنها لا تفسر سبب عدم تورط بعض الأفراد
    الذين يجرون اتصالات واسعة واحتكاك مركز بالمعايير الاجرامية.
    _ تعجز عن تفسير جرائم الأحداث التي يرتكبونها في سن مبكرة دون أن يحظى بفرص المخالطة
    وإمكانية تعلم السلوك الإجرامي أو التدرب عليه.
    _ لا تصلح لتفسير طائفة الجرائم العاطفية والانفعالية، فهي تحدث استجابة لمؤثرات انفعالية عارضة، ولا
    تربط في ذلك بتعلم سابق أو تدريب على ارتكابها

  • نظرية الضبط الاجتماعي


    نظرية الضبط الاجتماعي ( الرابط الاجتماعي)
    _ الضبط الاجتماعي هو مصطلح يستخدم على نطاق واسع في علم الاجتماع ليشير إلى العمليات
    الاجتماعية التي ينتظم بها سلوك الأفراد أو الجماعات، حيث أن كل المجتمعات لديها معايير وقواعد
    لضبط السلوك، ولا يمكن وجود أي مجتمع دون وجود ضوابط تحدد سلوكيات أفراده، أي آليات لتأكيد
    الامتثال لهذه المعايير، والتعامل مع الخروج عليها أو الانحراف عنها.
    _ إن مصطلح الضبط الاجتماعي يشير إلى أن سلوك الفرد وتصرفاته محددة بالجماعة التي ينتمي إليها
    الفرد، والمجتمع الذي يضم هذه الجماعات، وان الهدف من هذا الضبط هو تحقيق النظام الذي يحظى
    بالقبول والموافقة من جانب المجتمع لأجل الحفاظ على استقراره وتماسكه واستمراره.
    رائد هذه النظرية هو هرشي ،9191 Hirschiوالتي اعتمد فيها على دراسة ميدانية في ولاية
    كاليفورنيا ليطور بعدئذ نظريته المشهورة، ويمكن القول أنها من النظريات الاجتماعية في تفسير الجريمة
    في حقبة الستينات من القرن الماضي، ويرى هرشي في نظريته أن الناس أحرار في ارتكاب الجريمة،
    وما يمنعهم من ارتكابها هو علاقاتهم أو روابطهم الاجتماعية، وهكذا جاء سؤال النظرية الرئيسي مخالفا
    لنظريات الخمسينات التي حاولت الإجابة عن سبب ارتكاب الجرائم من خلال التساؤل القديم الجديد "
    لماذا يرتكب الناس الجريمة؟" فيما عكس هرشي هذا السؤال وقال: " لماذا لا يرتكب الناس الجريمة؟"
    وكانت الاجابة هي العلاقة بين الفرد والمجتمع، فكلما كانت علاقة الفرد بالمجتمع قوية كلما قلت فرص
    الانحراف.
    تنظر هذه النظرية إلى أن التدابير الاجتماعية والمتمثلة في الامتثال للمعايير واحترامها هو الشرط
    الأساسي والضامن للضبط، وغيابه يؤدي إل الجريمة والانحراف.
    وهناك ثلاثة أنماط من الضبط الاجتماعي:
    -1الضبط المباشر : وهو أسلوب ظاهري يشير إلى الروابط التي توضع أمام الفرد مثل القوانين الرسمية
    التي تجرم أنواعا معينة من السلوك و تضع له صور مختلفة من العقاب.
    -2الضبط غير المباشر : وهو يركز أساسا على الارتباط العاطفي بالوالدين وبأشخاص معينين.
    -3الضبط الذاتي : وهو يشير إلى الشعور لدى الفرد والذي يعمل عل توجيه سلوكه عندما تندرج القواعد
    والقوانين في نفس الفرد، تصبح جزءا لا يتجزأ منه.
    ويرى العالم هرشي أنه كلما كانت علاقة الفرد بالمجتمع قوية كلما قلت فرص الانحراف ولكن ليس
    بالضرورة، كما يرى ايضا أن ضعف الضبط في أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع كالأسرة والمدرسة
    4
    والنادي وجماعة الرفاق والعمل وغيرها يؤدي إل ضعف الرابطة التي تربط الأفراد بالنظام أيضا، وتسمح
    هذه الرابطة الضعيفة بصورة آلية بحدوث درجة أكبر من الانحراف، ويذكر أن الرابطة الاجتماعية تتميز
    بوجود أربعة عناصر و هي:
    -الارتباط: فقوة الارتباط بالآخرين مثل الأبوين والأصدقاء والإخوة أو بالمؤسسات يمكن أن تمنع وقوع
    الانحراف.
    -الاندماج: كلما زاد الاندماج زادت الفاعلية وبذلت الطاقة في سبيل هذا الاندماج بحيث يصبح الفرد
    مرتبطا بمواعده المحددة و أعماله التي تشغل جل وقته و عندها يصبح الفرد ليس لديه الوقت للانحراف.
    -الالتزام: عملية الالتزام والامتثال عند الفرد تحد من ارتكاب الجريمة فيكفي الفرد قبل قيامه بالجريمة
    التفكير بالمخاطر المترتبة عليها.
    -الاعتقاد: عرف مفهوم المعتقد في نظريته بأنه الاقرار بالقيم التقليدية والاعتراف بها وخاصة الاعتقاد
    بان القوانين والاعراف في المجتمع صحيحة اخلاقيا و ينبغي ان تطاع .
    على الفرد أن يحترم القوانين فعندما يصاب بالضعف وتختفي يصبح الفرد أكثر حرية ويسعى وراء تحقيق
    مصلحته.
    نستنتج في الأخير أنه إذا فشلت أساليب الضبط الاجتماعي في فرض احترام القواعد ومعاقبة وردع من
    يحيد عنها يؤدي ذلك إلى الجريمة والانحراف، فهناك علاقة عضوية بين كل من قوة وفاعلية الضبط
    الاجتماعي والإقبال عل السلوك الاجرامي، فكلما كان هناك تفعيل للضبط الاجتماعي وأدواته داخل
    البيئات الاجتماعية تراجع السلوك العنيف والاجرامي والعكس صحيح

  • نظرية الثقافات الفرعية

     

    نظرية الثقافات الفرعية:
    يشير مصطلح الثقافة الفرعية إلى مجموعة من الناس أو شريحة اجتماعية مختلفة، تختلف من وجهة
    معينة عن الثقافة الاكبر التي هي جزء منها، وقد يكون الاختلاف متعلق بنمط حياة أو المعتقدات أو أحد
    المجالات.
    مع خمسينيات القرن العشرين تم التحديد السوسيولوجي للعصابات بالثقافة الفرعية، كما تم تعريف
    العصابة بكونها ثقافة ثانوية ذات منظومة قيم تتعارض مع الثقافة السائدة.
    تنطوي نظرية الثقافة الفرعية الجانحة على فكرة مفادها أن الأفراد الذين ينتمون إلى الطبقات
    الاجتماعية الدنيا تتخذ لنفسها مجموعة من القيم والخصائص تؤمن بها وتدافع عنها، وهي الأخرى
    تشجعهم على ارتكاب الجريمة أو بالأحرى تتبنى مبررات ارتكاب السلوك الإجرامي وتدافع عنها.
    ارتبط اسم النظرية بكلا من العالمين البرت كوهن " " Albert Cohenوولتر ميلر " Walter
    '' ،9111 Mellerترى هذه النظرية أن الكثير من الجماعات من الطبقة الاجتماعية تضع ثقافة فرعية
    تتكون من مجموع من القيم وأنواع من السلوكيات الانحرافية لمعايير السلوك.
    5
    وأوضح كوهن كيفية تكوين الثقافة الفرعية الخاصة بالأفراد الجانحين بقوله: " إن أطفال الطبقة العاملة
    يعانون من مشكلات أشد من تلك التي يعاني منها أبناء الطبقة المتوسطة، وهم بدورهم يعانون من
    مشكلات أشد من تلك التي يعاني منها أبناء الطبقة العليا."
    وعليه ترجع نظرية الثقافة الفرعية أو الجانحة الجريمة الانحراف إلى الإحباط الشديد والمعاناة بتدني
    المنزلة الاجتماعية، فهم لا يشعرون بذلك الترابط والتفاعل والقبول مع ثقافة المجتمع العامة، وبالتالي
    يتبنون لأنفسهم ثقافة خاصة بهم تعبر عن احتياجاتهم وقيمهم ويتقاسمون فيها أفكارهم ومعتقداتهم، ومن
    الضروري أيضا تواجد أفراد يتقاسمون نفس المشاكل والمعاناة الأمر الذي يزيد من تماسكهم وانتمائهم إلى
    نفس الثقافة الفرعية، كما يصاحب تكوين الثقافة الفرعية دائما تعارض وصراع مع معايير وقيم وأفكار
    الثقافة العامة للمجتمع.
    وتتمثل فرضيات هذه النظرية في:
    _9انحراف الأحداث في الطبقة الدنيا يرجع إلى إحباطهم الشديد بسبب شعورهم بتدني منزلتهم
    الاجتماعية الناشئة عن انتمائهم لطبقة اجتماعية دنيا يولدون بها، وحيث أن الثقافة المسيطرة في المجتمع
    هي ثقافة الطبقة الوسطى فإنهم لا يستطيعون التكيف السليم معها وبالتالي يكون الانحراف.
    _2أن معايير التقدم والصعود في السلم الاجتماعي مرتبطة بتمثل قيم الطبقة الوسطى في المجتمع
    والالتزام بمعاييرها، والمساهمة الفعالة والجادة بنشاطاتها بل والمشاركة الوجدانية لخدمة أهداف هذه
    الطبقة في الحياة.
    _9تتميز القيم والمعايير التي تشيع بين أفراد الطبقة المتوسطة في الرغبة في الصعود إلى أعلى، وتحمل
    المسؤولية الشخصية لكل فشل أو نجاح، وتأجيل الرغبة حتى يحين موعد تحقيقها واحترام الوقت،
    واحترام ملكية الأخرين، والتخطيط السليم.
    _4بما أن الصفات المذكورة أعلاه لا تتوفر في أبناء الطبقة الدنيا بسبب نمط التنشئة الاجتماعية التي
    يمرون بها مما يجعلهم يفشلون في تحقيق الطموح الذي يصبون إليه.
    _5وبما أن المجتمع يخضع أبناء الطبقة العاملة (الدنيا) إلى قيم الطبقة الوسطى، ووفقًا لمعايير هذه
    الطبقة التي لم يعدها أبناء الطبقة الدنيا في تنشئتهم السابقة، ولذلك يجدون أنفسهم في منزلة اجتماعية أقل
    من غيرهم نتيجة عدم قدرتهم على المنافسة في ثقافة وقيم لم ينشؤوا عليها.
    _6ونتيجة لذلك يشعر أبناء الطبقة الدنيا بعدم الجدوى في السعي وراء طموحات لا يستطيعون تحقيقها
    من خلال انتمائهم إلى طبقتهم الدنيا، ولذلك يخلدون إلى اقتناعهم بالبقاء حيث هم.
    _7يشكل هذا الشعور بعدم استطاعتهم مجاراة ثقافة الطبقة الوسطى السبب الجوهري في نشوء الانحراف
    وعصابات الأطفال الجانحة، حيث يسعى هؤلاء الأطفال إلى تنظيم أنفسهم في تنظيمات اجتماعية تجمع
    أفرادا متجانسين في غالبية خصائصهم الفردية وظروفهم الاجتماعية، ويعانون من إحباطات متشابهة.
    6
    _8يصبح السلوك المنحرف الذي يصدر عن أفراد العصابة الجانحة جزء من ثقافة فرعية ينتمي إليها
    الطفل الجانح لأنها تحقق بالنسبة إليه ما لم يستطع تحقيقه في إطار الطبقة العاملة وما لم يستطع تحقيقه
    خلال تنشئته الاجتماعية المتصلة بهذه الطبقة، وبهذا يصبح الانحراف والجنوح محاولة للتوافق مع معايير
    طبقة جديدة لم يعهدها الطفل الجانح في إطار العيش في طبقته، ولذلك فإن انحراف المرهقين هنا يمثل
    ثورة على معايير وثقافة الطبقة الوسطى من قبل أبناء الطبقة الدنيا.
    وقد ذهب العالم" ميلر " Millerإلى أبعد من هذا حيث توصل إلى أن للتنشئة الاجتماعية دخل كبير
    في جنوح الأطفال، كما توصل إلى عدم وجود علاقة بين كل من جنوح أطفال الطبقة الدنيا والاضطرابات
    النفسية التي يعانون منها.
    ويرجع ميلر أسباب الانحراف لدى أبناء الطبقة الدنيا إلى غياب دور الأب في الأسرة، وقيام الأم بذلك
    بالإضافة إلى أن الانخراط في عصابة من المنحرفين يساعد المنحرف على تطوير وتنمية الحاجات
    والسلوكيات التي تتفق مع الاهتمامات المحورية للطبقة الدنيا، وبذلك فإن انحراف أبناء الطبقة الدنيا لا
    يرجع إلى اضطرابات نفسية يعيشونها حيث يرى" ميلر " أن المنحرفون يمثلون الشباب الأكثر قدرة في
    الحي من حيث القدرات الجسمية والشخصية.
    وقد اتجه" كوهن "اتجا ًها نفسيًا عند محاولته تفسير الثقافة الخاصة الجانحة، فقد رأى أن كل فعل
    إنساني- وليس السلوك المنحرف فقط- هو سلسلة مستمرة ومتصلة من جهود يبذلها الفرد لحل المشاكل
    التي يواجهها، ويقصد " كوهن "هنا بالمشاكل كل ما يصادف الفرد من مواقف في الحياة تتطلب حلولا
    وعادة ما يتردد الفرد بين أن يفعل أولا يفعل ذلك بهذه الطريقة أم بأخرى، فكل اختيار هو فعل، وكل فعل
    هو اختيار، وليس كل فعل يعد حلاً ناج ًحا، وبالتالي فإن سوء الاختيار للحل يتولد عنه توترات جديدة
    تتطلب بدورها البحث عن حلول جديدة أي ًضا.
    ومنه تعد الثقافة الخاصة الجانحة ثقافة تحدي للثقافة العامة، أي للقيم والمعايير الخاصة بالمجتمع
    والمنظمة للحياة الاجتماعية، فالثقافة الخاصة الجانحة هي شكل من أشكل البدائل أو مخرج يلجأ إليه
    الجانح للتموقع في البيئة الاجتماعية نظرا لاستحالة تحقيق طموحاته في ظل القيم الثقافية العامة للمجتمع.
    كذلك ابناء الثقافات الفرعية لديهم المقدرة على استخدام العنف، واتجاهات تفضل استخدامه عند كافة
    المستويات العمرية و لكنه اكثر شيوعا في مرحلة المراهقة المتأخرة.
    أشارت النظرية إلى نقطة مهمة اخرى وهي أن الافراد الذين يرتكبون العنف و ليس لديهم أي روابط
    مع اية ثقافة فرعية هم اشخاص باثولوجيين) مرضى ( ويظهرون توترا حول سلوكاتهم.
    وأما عن مسألة استمرار الثقافة الفرعية فتأتي من خلال عملية التعلم والتعزيز الايجابي بحيث ان سلوك
    المنحرف الذي يحظى صاحبه بالمكانة الاجتماعية المحترمة بين أقرانه.
    تقييم النظرية:
    تعد هذه النظرية من النظريات الرائدة في حقل علم الاجتماع الجريمة والانحراف، وهذا لما قدمته من
    إسهامات نظرية وأمبريقة في تفسير السلوكيات الجانحة وغير السوية، إلا أنها كغيرها من النظريات
    الأخرى السابقة لم تفلت من النقد، ويمكن القول:
    7
    _9تعد نظرية الثقافات الفرعية الجانحة من النظريات الأحادية الطرح، كونها تعتمد على عامل واحد في
    تفسير السلوكيات الجانحة وهو العامل الثقافي.
    _2يظهر جليا أن هذه النظرية ذات بعد نفسي –سيكولوجي- أكثر منه اجتماعي، حيث نجد أن المنظومة
    المفاهيمية لهذه المقاربة في غالبها نفسي.
    _9كذلك يعد منطلق هذه النظرية منطلق ميكانيكي، سبب ففعل أي أنها كغيرها من النظريات السابقة لم
    تستطيع أن تتخلص من مبدأ السببية. Causalité
    _4لا يمكن تعميم هذه النظرية، فهي تصلح في المجتمعات الرأسمالية ذات التقسيم الطبقي الوضح ولا
    يمكن تعميمها على المجتمعات غير الرأسمالية.
    _5من عيوب هذه النظرية كونها أرجعت السلوكيات الاجرامية والانحرافية ميزة أو خاصية من
    خصائص الطبقة الفقيرة والمعوزة، وبالتالي تعمل هذه النظرية على تكريس مبدأ الوصم والتميز اتجاه
    الفقراء دون غيرهم، وكأن الطبقات الأخرى وبالخصوص الطبقة الغنية غير معنية بالسلوكيات الاجرامية
    والانحرافية، وقد رأينا كيف استطاع العالم" سذرلاند " إظهار جرائم الطبقة الغنية.
    _6كما أنها بتركيزها على عاملي الفقر والجهل المنتشران في أوساط الطبقة الدنيا في تفسير انتشار
    الثقافة الخاصة الجانحة قد تكون أهملت العديد من العوامل الأخرى وخاصة دور الضبط الاجتماعي
    والوازع الديني وغيرها من العوامل الأخرى

  • الموضوع 17

    • Opened: الثلاثاء, 16 مايو 2023, 5:21 PM
      Closed: الأربعاء, 31 مايو 2023, 5:21 PM
    • Opened: الثلاثاء, 16 مايو 2023, 5:21 PM
      Closed: الأربعاء, 31 مايو 2023, 5:21 PM
  • الموضوع 18