تُعد
تقنية البرمجة الخطية من أكثر الأدوات الكمية استخداما، في الصناعة والتخطيط وبرمجة
العمليات وفي اتخاذ القرارات، وتطبيقاتها تشمل مجالات ومستويات عديدة. وأكثر
فوائدها تأتي من النتائج المتعلقة بوسائط نماذجها التي تعرِّف الدالة الاقتصادية ومعيارها
(تعظيم أو تدنئة) وإيجاد حلولها الأمثلية، في ظل قيود الموارد التي تحيط بمسائلها. ويتعزز نجاح هذه البرمجة أكثر،
إذا كان نظام المعلومات يساعد هو الآخر في تقدير الوسائط المعرفة للعلاقات
المستخدمة في هذه النمذجة.
وتخدم هذه التقنية أيضا مجموعة كبيرة من الوظائف، تخص التنمية المحلية وقضاياها، والتجارة
والصناعة والزراعة، حيث يمكن تشجيع استخدام طرقها في إدارة الموارد، وتوفير
المعطيات المساعدة للارتقاء بمستويات التسيير
واستغلال الموارد وصيانتها، وترشيد الأعمال
ورقابتها.
البرمجة الخطية
يتم
بناء النموذج الخطي بإقرار الخطية بين متغيراته، والتعبير عن الهدف كدالة خطية
أيضا، استنادا إلى الفرضيات المحددة للمهام التي تحقق الهدف من مسألة البرمجة
الخطية، والافتراضات التي تنطوي عليها الخطية ذاتها ومدى تمثيل النموذج للواقع، بمراعاة
القوى المؤثرة الكامنة في البيئة الجزئية والكلية، وهذا استنادا إلى موقعها من
النظرية الاقتصادية أو مجالات تطبيقاتها أو بحسب الزمن أو الأهداف. وكذلك يتم وضع
خوارزمية الوصول إلى الحل الأمثلي وتدعيمه بالتفاصيل وتطويره، حيث يتعرف الحل
الأمثلي بالحل الذي نختاره من بين بدائل تحقق قيود البرنامج، بحسب المتغيرات
المُعتمدة فيه وقابليتها للقياس وكميتها، حيث يتم التعامل معها بدرجات ثقة كبيرة،
ويكون اتخاذ القرار حولها في ظروف حتمية.
ترتسم
خطة صياغة برنامج خطي اعتمادا على تعريف المسألة، ثم تحليل هذا النموذج ووضع خريطة
طريق توضح خطوات سيره. وهنا لا
بد وأن نضع في الحسبان مسألة تقدير معلمات
هذا البرنامج، استنادا إلى طرق بحوث العمليات والإحصاء والقياس، ليأتي من بعد ذلك اختيار
تقنية الحل التي بها تتحقق الأمثلية، ولتتبعها من بعد ذلك مرحلة تحليل وتقويم
الحلول. وكذلك وصف طريقة الوصول إلى الحلول الممكنة، والسعي لتوفير شروط وجود الحل
الأمثلي، والذي يتم التوصل إليه بنفس طريق المؤدية إلى الحلول الممكنة، حيث يتم
التعامل هنا مع الخوارزمية الذائعة الصيت الـ Simplexe. لأن هذه البرمجة (الخطية) بحد ذاتها ترتبط في المقام الأول بمنطق
هذه الخوارزمية، وكذلك بالخصائص النوعية المرفقة
بها كالازدواجية، والكفاءة..
وقد
جرى تطوير طرق كثيرة في منهجية العمل بالبرمجة الخطية وتصميم نماذج مسائلها، بافتراضاتها
المألوفة وتقنياتها المعهودة، فضلا عن شرح منطق خوارزمية الـ Simplexe وصياغة خوارزميات الحل الأمثلي، وأيضا استغلال البرنامج المزدوج المرفق
للتحكم في قدرات القيود وأوزانها النسبية،
حصر أكثر لجاهزية أو توافر الموارد.وكذلك القيام بالدراسات الحدية وتحليل الحساسية
واستقرار النموذج في ظل القيود المفروضة والبيئة المحيطة، لتحديد مجالات صلاحية المعاملات الأكثر أهمية،
مع تحليل نتائج النموذج ومقارنتها، وتحديد التغييرات في الموارد التي من شأنها أن تحدث
زيادات على مستوي قيم دالة الهدف.
حل البرنامج الخطي
عند
صياغةالمسألةفي شكلقرار بصيغةرياضية، يجب تعريف وتحديد البيانات الأساسية المستهدفة
بالدراسة وتفاصيلها لتقدير المعلمات التي تُعد أساس صياغة البرنامج الأولي، كما يجب
تعريف متغيرات القرار التي يمكن السيطرة عليها، والمعلمات التيقد تكونقيمها غير
مؤكدة، وجملة القيود المُحققة للمتطلبات، ودالة الهدف، التي قد تتطلب صياغتها
محاولات عديدة، لأن مسودة صياغها قد تضم متغيرات لا طائل من ورائها، أو أن هناك
خللا في روابط متغيرات النموذج وقياس فعاليته، مما يحتم الرجوع إلى استكشاف المتغيرات
المؤثرة، مع عدم تجاهل تلك التي يبدو أن تأثيرها ضئيل، ويمس التعديل أيضا قيود
العمل واستخدام الموارد المتاحة والمتغيرات والفعاليات.. ولن يتم التأكيد من تحسن
النموذج بهذه التدابير إلا بعد صياغة نماذج جديدة قد تشمل متغيرات جديدة.
إن
نظرية البرمجة الخطية تجعل من قيود الموارد المتاحة جزء لا يتجزأ من عملية البرمجة،
فأي حل ممكن لابد وأن يستوفي جميع القيود الموضوعة على الموارد المتاحة، حيث تتحدد
صيغة هذه القيود بجملة متراجحات خطية متوافقة، ترفق كل منها بقيد أكيد. والقرارات
التي ستتخذ بهذه التقنية تستدعي اختبار الاختيارات الممكنة المحققة لهذه القيود،
والعمل على إنهاء اختزال مجال الاختيارات إلى نقطة وحيدة.
إن طريقة
السمبلاكس ومعها البرمجة الخطية مبنية على تحليل التحدب والتحليل الحدي، وهي تعتمد
في ذلك على قاعدة معطيات المسألة ومختلف الأدوات الاقتصادية بشأن المتغيرات التفسيرية،
وضبط الإجراءات وتوفير المستلزمات والأدوات لإنجاز الأنشطة المأمولة. ويقود تحليل الخصائص
الهندسية للمنطقة الممكنة في البرنامج الخطي إلى النظرية الأساسية للبرمجة الخطية،
والتي هي بحد ذاتها أساس خوارزمية السمبلاكس. وباختصار، تنطلق فكرة الحل بخوارزمية
السمبلاكس من تحديد المنطقة الممكنة، المحددة بالمستويات العليا للدوال (الخطية)
التي تشملها قيود البرنامج، والتي تحدد أيضا رؤوس هذه المنطقة. وخوارزمية
السمبلاكس تساعد في اتباع طريق ينتقل فيه الحل من رأس إلى آخر، مع تحسين الاختيار
في كل خطوة.
تحديث الحل الأمثلي
ما
دامت سمة الواقع هي التغير المستمر، فلابد وأن يتبع إيجاد الحل لمسألة برمجة خطية،
أنشطة لتحديث الحل الأمثلي، لأن النموذج الذي كان معمولا به في البداية، قد يفقدصلاحيته،
وبذلك يصبح البرنامج تمثيلاغير دقيقلمسألة البحث، وبالتالي سيؤثرسلبا علىقدرةصانع القرار
على اتخاذ قرارات سليمة. فتحليل الحساسية الذي يتضمن "النمذجة والحل"
يهدف إلى فهم استراتيجيات التحليل المستخدمة، وكذلك ضبط المسألة والسيطرة عليها،
والرسو على استراتيجية إيجاد الحلول الممكنة والأمثلية على حد سواء.
كما
تُعد البرمجة الخطية أداة فعالةفي تحليل أي نظامقراري يرتبط بها، وفي ذلك يتجه البحث أولا نحوبناءالنموذجالأولي، ثمالعمل علىتطويرهلاستخدامه
من قبل صانع القرار في خطته الامثلية، والذي يُفترض أن يكون راشدا، يستبعد أي
نموذج يعارض الواقع، مُرجعا ذلك إلى أحد القيود أو أكثر قد تم تجاهله أو تمت معالجته
بشكل سيء أو أن الأهداف المسطرة كان يمكن أن تترجم بواسطة دوال اقتصادية أخرى. ومن أجل ذلك يجب تُجهزأساليب التحليل المدعمة، وتحديدالشروطوالمعايير
الذييمكن
من خلالهاقياسأداءالنموذج ككل
أوقياسفعاليته،
فبإمكان النموذج الخطي أن يوفر بيانات صالحة للاستخدام، ويساعد في وصف سلوكقدر منفعاليةدالةالهدف، مما
يستدعي تحديد العلاقة بينهذه الفعاليةوالمتغيراتالمُحدثة لهذاالتطور. كما أن افتراض العقلانية عند صانع القرار،يُسهل من فهم
كيفية استجابته لتغيير ظروف، والاطلاع أكثر على العراقيل التي تعترض تطوير أعماله.
وبالتالي
فصياغةنموذجالتحسين
تُعدضرورية،
إذ لا يمكن أبدا توقع حلثابت لا يتزحزح أوغير قابل للتغيير لمسألةقرار، ذلك لأن طبيعةالبيئةالإستراتيجيةللأمثليةهيالتغير، وردود الفعلوالسيطرة على المسألةهي جزء من عمليةالتحسين والنمذجة. وهذا الأمريتطلبمتسعا من
الوقت لمختلف للإجراءاتالمُستخدمةوالعملياتلوضع تصور لاستراتيجيةالأمثلية، بما في ذلك عملية المراقبةالتي تشملالتحقق من
صحةالحل
الأمثلي، وتحديد المعاملات الحساسة التي تؤثر على هذا الحل بشكل جلي، إلى أن تتغيرالمعلماتوالصياغة برمتها.
خاتمة
صحيح إن قرارات نماذج البرمجة الخطية تحقق النتائج بشكل دقيق، ولكن
لا ننس بأن هذا الأمر يعتمد إلى حد كبير على مدى تأثير العوامل التي يمكن السيطرة
عليها في تحديد نتيجة هذا القرار، وإلى توافر المعلومات لدى صانع القرار في توقع
هذه العوامل. وكذلك فإن صياغة برنامج خطي تأتي في معظمهامن مصدرينمختلفين، حيث يتم تعيينما يتعلق بدالة
الهدف بمايحققرغبةصانع القرار، في
حين أنالقيودالتي تشكلالمنطقةالممكنةعادة ما تأتيمنبيئة المسألةوالتي يمليها صاحب القرار لغرض تحقيقهدفه من النمذجة.