المحاضرة الخامسة/ الفعل المتعدي وغير المتعدي(اللازم).

1-              المتعدي في اللغة: اسم فاعل من الفعل «تعدى» بمعنى (تجاوز)


قال ابن منظور: عدا الأمر يعدوه وتعداه كلاهما: تجاوزه.. وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[1]، أي: فلا تجاوزوها إلى غيرها.

فمصطلح المتعدي اِستعمله سيبويه (ت 180 هـ) بصيغة الفعل الذي يتعدى الفاعل إلى المفعول في كتابه[2]،وكذلك استعمله المبرد(ت 285 هـ) في المقتضب[3]، وقد استعمل كلمة المتعدي في الكتاب نفسه[4]

أما الفراء[5] وابن خالويه[6] فقد استعملا مصطلح (الواقع)،أما ابن السراج(316ه) فقد استعمل مصطلح المتعدي والواصل وقد عرفه " أنه الفعل الذي «يلاقي شيئا ويؤثر فيه"[7] وقد عرفه ابن فارس ب"ما مفعولا به".[8]وعرفه ابن عصفور(ت 669 هـ) فقال:"هو ما يصلح أن يبنى منه اسم مفعول، ويصلح السؤال عنه بأي شيء وقع"[9].

       الفعل يكون متعديا وغير متعد يقول الزمخشري " فالمتعدي على ثلاثة أضرب: متعد إلى مفعول به وإلى اثنين وإلى ثلاثة. فالأول نحو قولك ضربت زيداً، والثاني كسوت زيداً جبة، وعلمت زيداً فاضلاً. والثالث نحو أعلمت زيداً عمراً فاضلاً وغير المتعدي ضرب واحد وهو ما تخصص بالفاعل كذهب زيدٌ ومكثَ وخرجَ ونحو ذلك.

عندما نستقرئ هذا القول نجد أنه حدد الفعل المتعدي في ثلاث حالات الأولى:يتعدى إلى مفعول ويكون الإسناد قد تمّ ويحسن السكت عليه وذلك في المثال الأول:ضربت زيدا (فعل وفاعل ومفعول به).

أما في المثال الثاني فإنه حدّد الحالة الثانية التي يكون عليها الفعل المتعدي فإنه لا يكتفي بمفعول وإنما يتعدي إلى مفعول من أجل إتمام المعنى الذي يمكن السكوت عنه(كسوت زيداً جبّة).

فالفعل (كسا) لم يكتف بمفعول(زيدا) بل تعدّى إلى مفعول ثان(جبّة) وبهذا التركيب يكون المعنى تامّا.

وأمّا في الحالة الثالثة فإنّه لا يكتفي بمفعولين وإنما يتعدى إلى ثالث و به فقط يتمّ المعنى.

أعلمت زيداً عمراً فاضلاً .

وإذا عدنا إلى الفعل اللازم(غير المتعدي) فهو ضرب واحد يكتفي بفاعل ويحسن السّكوت عليه مثل:

ذهب زيد.(عملية الاسناد تامة).

2-              اللازم لغة: اسم فاعل من الفعل (لزم) الشيء إذا لم يفارقه.
قال ابن فارس: اللام والزاء والميم أصل واحد صحيح يدل على مصاحبة الشيء بالشيء دائما[10]
وقال ابن منظور: لزم الشيء يلزمه لزما ولزوما... ورجل لزمة: يلزم الشيء فلا يفارقه[11].

الفعل اللازم عبر عنه سيبويه(ت 180 هـ) ب بـ: «الفعل الذي لا يتعدّى الفاعل إلى مفعول"[12]

وقد سمّاه المبرد(ت 285 هـ)[13] وابن السراج (ت 316 هـ)[14] وأبو علي الفارسي (ت 377 هـ)[15] بالفعل غير المتعدي.

 و عرفه ابن السراج قائلا: "إنّه الفعل الذي لا يلاقي شيئا ولا يؤثر فيه" ثم عرفه أبو علي الفارسي (ت 377 هـ) بأنه: «ما لا ينصب مفعولا به»[16]

3-             أسباب التعدية:

"و للتعدية أسباب ثلاثة: وهي الهمزة وتثقيل الحشو وحرف الجر. تتصل ثلاثتها بغير المتعدي فتصيره متعدياً، وبالمتعدي إلى مفعول واحد فتصيره ذا مفعولين: نحو قولك أذهبته، وفرّحته، وخرجتُ به، وأحفرته بئراً، وعلّمته القرآن وغصبت عليه الضيعة. وتتصل الهمزة بالمتعدي إلى اثنين فتنقله إلى ثلاثة نحو أعلمت".[17]

الفعل الثلاثي:ذهب( لازم )لما نُدخل عليه الهمزة يتعدى إلى مفعول(أذهبته) وعندما ضعفنا الفعل (فرح) وهو لازم صار فرّح-فرّحته(تعدى إلى مفعول).وأمّا الفعل خرج فهو فعل لازم تعدى بالجار والمجرور(خرجتٌ).

 

4-              أنواع الأفعال المتعدية ثلاثة:

وهي على ثلاثة أضرب : "ضرب منقول بالهمزة عن المتعدي إلى مفعولين ، وهو فعلان : أعلمت وأريت ، وقد أجاز الأخفش : أظننت وأحسبت وأخلت وأزعمت. وضرب متعد إلى مفعول واحد وقد أجري مجرى أعلمت لموافقته له في معناه فعدى تعديته ، وهو خمسة أفعال : أنبأت ونبّئت وأخبرت وخبرت وحدثت" وضرب متعد إلى مفعولين وإلى الظرف المتسع فيه كقولك : أعطيت عبد الله ثوبا اليوم ، وسرق زيد عبد الله الثوب الليلة ، ومن النحويين من أبى الإتساع في الظرف في الأفعال ذات المفعولين". والمتعدي وغير المتعدي سيان في نصب ما عدا المفعول به من المفاعيل الأربعة ، وما ينصب بالفعل من الملحقات بهن ، كما تنصب ذلك بنحو ضرب وكسا وأعلم تنصبه بنحو ذهب وقرب[18].

**** مناقشة القول مع الطلبة.

تطبيقات: 1- هات آيات فيها أفعال متعدية مع ذكر السبب.

2-بما تحققت التعدية هنا؟ في قوله تعالى:﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ ﴾(الذاريات:26). ﴿ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ (الصافات:91). وقوله تعالى: ﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ﴾(الصافات: 93)

قوله تعالى:﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾(الرعد:2)

وفي قوله تعالى:﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾(لقمان:29                            

 

 



[1] -البقرة 229

[2] - الكتاب، سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، 1|24

[3]  - المقتضب، المبرد، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، 3|91.

[4] - المقتضب المبرد ج2|104، 3ج|187 ـ 188.

[5]  - معاني القرآن، يحيى بن زياد الفراء، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد النجار، 1|16، 17، 21، 40.

[6] -الحجة في القراءات السبع، ابن خالويه، تحقيق عبد العال سالم مكرم، ص159، 240                    

[7] - الأصول في النحو 1|202.

[8] - الإيضاح العضدي، أبو علي الفارسي، تحقيق حسن الشاذلي فرهود، 1|69.

 - المقرب، ابن عصفور، تحقيق أحمد الجواري وعبدالله الجبوري، 1|114. [9]

[10] - معجم مقاييس اللغة، مادة (لزم).

[11]  - لسان العرب، مادة (لزم).

[12]  - الكتاب، سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون 1|33.

[13]  - المقتضب، محمد بن يزيد المبرد، تحقيق عبد الخالق عضيمة 4|50.

[14] - الاصول في النحو، ابن السراج، تحقيق عبد الحسين الفتلي 1|202.

[15]  - الايضاح العضدي، أبو علي الفارسي، تحقيق حسن الشاذلي فرهود 1|69.

[16]  - الايضاح العضدي 1|69.

[17] - المفصل في صنعة الإعراب، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله،ج1/341

[18]  -المصدر نفسه ج1ص342